الجمعة 19 أبريل 2024 08:07 صـ 10 شوال 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

رئيس التحرير

اسامة شرشر يكتب : السيسى لن يترشح لرئاسة الجمهورية

اسامة شرشر
اسامة شرشر

هناك حالة من الهوس الشعبى تسيطر على الشارع المصرى بكل طوائفه وفئاته و إنتماءاته تطالب الفريق أول عبد الفتاح السيسى بالترشح لانتخابات الرئاسة القادمة لأن الناس تفتقد النموذج الوطنى و الكاريزمى لشخص يجدوا فيه الخلاص من كل آلامهم وآمالهم ليعبر بمصر إلى بر الأمان فى أخطر مرحلة تمر بها البلاد فى تاريخها القديم والمعاصر وأرجع هؤلاء الذين يريدون من الفريق السيسى أن يترشح ليكون رئيساً للجمهورية أنه كان السبب الرئيسى هو وقادة القوات المسلحة فى تخليصهم من أخطر تنظيم عرفته البشرية وهو تنظيم الإخوان المسلمين وجماعته التى تسمى الأهل و العشيرة . لأن هذا الكابوس الاستيطانى فى الدولة المصرية كان من الصعب بتره أو استئصاله إلا بعد سنوات وسنوات . وكانت حمامات الدماء الفاتورة التى تدفع للقضاء على حكم الإخوان .

ولأن مصر كانت على مشارف سقوطها كدولة  ليس من خلال تقسيمها فقط إلى دويلات أو انتشار الحروب الأهلية أو الفوضى أو المليشيات العسكرية فحسب، بل كان الهدف الحقيقى هو محو إسمها من على خريطة العالم و لا تسمى مصر بل أى اسم يرتبط بالخلافة والإمامة للدولة الدينية الفاشية ،  ومع احترامى وتقديرى للدولة الدينية . ومع احترامى وتقديرى  والتعاطف الشعورى واللا شعورى تجاه الفريق السيسى وحالة العشق والوجدان التى تسيطر على قلوب الجميع وليس عقولهم  نجد أننا أمام الله والتاريخ لا بد أن نسجل الموقف الوطنى الذى ينبع من الحفاظ على هذا البلد آمنا مطمئنا، ونؤكد مقولة الرسول  صل الله عليه وسلم «أن أجنادها خير أجناد الأرض».

فنحن نطالب أيضا الفريق أول عبد الفتاح السيسى و كل قادة القوات المسلحة ألا يترشح أحداً منهم للانتخابات الرئاسية القادمة لأنها مؤسسة عسكرية تعبر عن مضمون و تراث تاريخى للشعب المصرى فهى تحمى ولا تحكم ،  وهى صمام الأمان لبقاء الدولة و ثوابتها على القمة وعلى المواطنة الحقيقية وعلى وسطيتها و أزهرها و كنائسها ،  وهذه هى المعادلة الصعبة فى هذا التوقيت الاستثنائى التى تمر به مصر الأن، فالمخاطر كبيرة والتحديات هائله ونحتاج لمزيد من الوقت حتى تعود مصر إلينا كما عرفناها عبر الأيام والتاريخ .

ورغم أن الفريق السيسى كبطل أسطورى ستكتب عنه كتب التاريخ وستعرفه الأجيال القادمة واللاحقة أنه لأول مرة فى دول العالم الثالث والشرق الأوسط . نجد شخص بحجم هذا الرجل يقول «لا» للأمريكان وللغرب ورغم الضغوط والتهديدات والإغراءات رفضها ، وكان عشقه لهذه البلد هو الباعث الحقيقى لرفض الهيمنة الأمريكية بكل قوتها و أجهزتها وترسانتها العسكرية .

فلا تعلموا ما فعله الفريق أول السيسى و معه رئيس الأركان الفريق صدقى صبحى ،  وقادة القوات المسلحة وضباطها و جنودها الوطنيين ،  الذين نجحوا فى إفشال هذاالمخطط الاستراتيجى للولايات المتحدة الأمريكيه فى كل دول العالم بداية بالشرق الأوسط مرورا بالصين وروسيا من خلال فهم أرادوا أن تكون هذه الجيوش الإرهابية لإثارة الذعر و الرعب لجعل أمريكا هى الزعيم الوحيد بلا منافس، والتى كانت ستنافس أمريكا فى أنها رئيسة مجلس إدارة العالم مثل الصين و روسيا .

النقطة الأخطر والتى لم يتوقف عندها المراقبون والمحللون والمنظرون الجدد أن الفريق السيسى ضرب الديمقراطية الأوروبية و الأمريكية فى مقتل . فكانت أمريكا ودول أوروبا ألمانيا و انجلترا تعتبر صناديق الانتخاب هى الضمان الوحيد لتحقيق الديمقراطية و كم تغنوا بأنهم واحة الحريات و الديمقراطيات و حقوق الإنسان بصناديقهم الوهمية .

فعندما طلب السيسى من الناس أن تخرج لتفوضه وتأمره لاتخاذ الإجراءات ضد الإرهاب والعنف خرج أكثر من 40 مليون وكان هو الصندوق الأكبر فى تاريخ البشرية الذى ضرب شرعية مرسى  وشرعية الأمريكان والأوروبيين، إذ أن صندوق الشعب هو السيد وهو صاحب القرار الأول فى تحديد من يحكمه فكانت لطمة للإخوان، وتنظيمهم الدولى والأمريكان والأوروبيين لأن السيسى بذكاءه قال لهم أن هذه الصناديق الديمقراطية التى تدعونها هناك الصندوق الحقيقى للشعب المصرى هو الذى يحدد الطريق وهو الذى يرسم خريطة الشعوب،  بالإضافة إلى أن السيسى عندما إنحاز إلى الإرادة الشعبية و ملايين الملايين من أبناء هذا الوطن كانت ضربته التى لم يفيق منها الأمريكان ولا الإخوان حتى الأن أن الذى جاء رئيسا مؤقتا للبلاد هو المستشار عدلى منصور رئيس المحكمة الدستورية العليا وهذا المنصب القضائى فى دول العالم له قدسيته وهيبته  فأسكت الجميع بهذا السلوك الديمقراطى و الزهد فى السلطة و الحكم ،  بل أضيف أن ما قاله الكثيرون من أبناء هذا الوطن العظيم بأنه امتداد لعبد الناصر ،  لكن هناك فارق كبير بين هذين النموذجين الوطنيين، فى أن الرئيس عبد الناصر تولى حكم البلاد إلا أن الفريق السيسى رفض أن يكون رئيسا لمصر رغم هذا الطوفان الشعبى الجارف ،  فلذلك أصبح السيسى بطلا أسطوريا وقوميا ليس فى مصر فقط ،  ولكن فى الشارع العربى من المحيط إلى الخليج « لتصبح مصر أم الدنيا وأد الدنيا « حفاظا على تاريخها و حضارتها و مكانتها و نيلها و أثارها فهو أثبت بالتجربة العملية وليس بالشعارات و الادعاءات أنه حفيد أحمس ، وأحمد عرابى و الرموز العسكرية الوطنية المصرية بالفعل لا بالقول .

فأى إنسان يفكر بعقله يطالب الفريق السيسيى ألا يترشح فى الانتخابات الرئاسية القادمة حتى لا يحرقوه ويحرق مصر داخليا و خارجيا و يعطى شماعة للإخوان و تنظيمهم الدولى و الأمريكان و الأوروبيين أن الغرض من كل ماحدث هو الوصول للحكم وليس إحتراما لإرادة الجماهير وتكون مصر هدفا استراتيجيا لتدويل مشكلتها وإحداثها بأن الغرض كان الإنقلاب على المؤسسة الشرعية المنتخبة، وتكون البلد دخلت فى نفق المجهول .

فلذلك لست من المؤيدين بأن يكون الفريق السيسى هو المرشح القادم لرئاسة الجمهورية ويكفيه أن يكون بطلا دخل التاريخ من أوسع أبوابه .