النهار
الأربعاء 3 ديسمبر 2025 03:05 مـ 12 جمادى آخر 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
” الأزهر العالمي للفتوى” و” القومي للمرأة” يواصلان جهودهما المشتركة، ويختتمان سلسلة لقاءات توعوية أسرية بـ19 محافظة إجراءات أسهل وأسرع.. «التصديق القنصلي» خدمة جديدة تضاف لـ قائمة الخدمات البريدية إقبال ملحوظ من الناخبين على لجان الاقتراع بالبحيرة فى أول أيام انتخابات مجلس النواب محافظ أسيوط يتفقد لجان الانتخابات الدائرة الثالثة ويؤكد المشاركة واجب وطني بعد محاولة انتحار طالبة...«النهار» تفتح ملف «التنمر المدرسي» وخطورته على حياة الطلاب عاطف عجلان يدعو إلى انشاء حي سياحي داخل العاصمة الإدارية بمواصفات خاصة المرأة تتصدر المشهد الانتخابي في اليوم الأول من إعادة النواب بالإسكندرية دعماً لذوي الهمم.. تحديث جديد لمنصة وتطبيق 3Locators ليدعم لغة الإشارة المدير التنفيذي لمسابقة بورسعيد الدولية للقرآن الكريم يلتقي وكيل وزارة الأوقاف ببورسعيد استعدادًا لانطلاق الدورة التاسعة مصرع شخص وإصابة آخر في تصادم سيارتين بأسيوط جامعة أسيوط تطلق بودكاست باللغة الإنجليزية شيخ الأزهر يلتقي طلاب مدرسة ”الإمام الطيب” ويشيد بحفظهم المتقن لكتاب الله بالقراءات العشر

تقارير ومتابعات

بعد محاولة انتحار طالبة...«النهار» تفتح ملف «التنمر المدرسي» وخطورته على حياة الطلاب

التنمر المدرسي
التنمر المدرسي

- استشاري نفسى وتربوي تقدم «روشتة» لمواجهة ظاهرة التنمر في المدارس...6 علامات تؤكد أن طفلك تعرض للتنمر...7 نصائح للعلاج

- «تربوي» يوضح التأثيرات السلبية للتنمر المدرسي وأساليب علاجها

«أولياء أمور مصر» لـ«النهار»:

- ظاهرة التنمر في المدارس أصبحت تهدد الصحة النفسية للطلاب.

تحقيق - أحمد رشدي

«يا سودة...يا أم نضارة» بهذه الكلمات القاسية القاتلة تنمر مجموعة من الطالبات على زميلتهم بإحدى مدارس محافظة الدقهلية، واستمرت المضايقات منذ بداية العام الدراسي، واشتكت الطالبة ذات الثماني سنوات إلى والديها من التعدي عليها بالضرب ومضايقتها بسبب بشرتها السمراء وشعرها وارتدائها النضارة، وتحرك والدها وقدم شكاوى إلى مديرة المدرسة، وعاتب أولياء أمور الطالبات المتنمرات، ولكن لم يتحرك أحد، ومع استمرار الإيذاء النفسي والبدني واللفظي واعتزال الطالبة «ح» وعدم التعامل معها داخل الفصل، حاولت الانتحار بإلقاء نفسها من الدور الثالث قبل أن تنقذها إحدى المعلمات.

«النهار» تحقق في ظاهرة التنمر المدارسي التي انتشرت في الآونة الأخيرة، وأصبحت تهدد حياة بعض الطلاب، سألنا الخبراء والمختصين وأولياء الأمور آملين أن نقدم «روشتة» للتصدي لهذه الظاهرة البغيضة.

الدكتور تامر شوقي أستاذ علم النفس التربوي بجامعة عين شمس

وفي هذه الصدد، أكد الدكتور تامر شوقي، الخبير التربوي وأستاذ علم النفس التربوي بجامعة عين شمس، أن التنمر يمثل أحد المشكلات السلوكية التي تنتشر بين أفراد المجتمع بشكل عام، وطلاب المدارس بشكل خاص، ويسبب التنمر عديدًا من التأثيرات النفسية السلبية للطفل الذي يتم التنمر عليه أو الضحية، سواء أكان التنمر لفظيًا أو جسميًا.

وأوضح «شوقي» في تصريحات خاصة لـ«النهار» أن التنمر يسبب تأثيرات نفسية منها ضعف ثقة الطفل الضحية في نفسه، وتكوينه صورة سلبية عن ذاته، وانخفاض تقديره لنفسه، وتكوينه اتجاهات سلبية نحو المدرسة والتعليم، وعزوفه عن الذهاب إلى المدرسة، وميله إلى الانطواء والانعزال والوحدة، وانخفاض تحصيله الدراسي، وأحياناً يكتسب الطفل الذي تم التنمر عليه سلوكيات العنف والعدوان تجاه الآخرين، وغير ذلك من التأثيرات الخطيرة التي قد تصل إلى الاكتئاب والانتحار في ضوء فقدان الطفل الأمل والمعنى لحياته.

وأشار أستاذ علم النفس التربوي إلى أن التأثيرات النفسية للتنمر تزداد تحت بعض الظروف، منها: إذا كان الطفل أصغر سناً ولم يتشكل لديه مفهوم جيد عن ذاته، كلما لمس التنمر أحد الجوانب الشخصية أو الاجتماعية أو الأسرية أو الجسمية لديه التي يعاني فيها من قصور، بجانب حدوث التنمر في وجود أشخاص آخرين (سواء زملاء الطفل أو الكبار مثل المعلمين) وعدم اتخاذهم أي رد فعل لمعاقبة الطفل أو الأطفال الذين قاموا بالتنمر على الطفل الضحية.

وتابع: "كلما جاء التنمر من بعض الأشخاص ذوي الأهمية في حياة الطفل (مثل المعلم أو الناظر أو مدير المدرسة، أو من أكثر من زميل للطفل في نفس الوقت )، أو كان الطفل أقل ثقة في نفسه أو لديه حساسية مفرطة تجاه الكلام السلبي، وأيضًا إذا لمس التنمر جانباً من شخصية الطفل يصعب تعديله أو تغييره أو علاجه (مثل شيء ما في وجهه أو جسمه)، مقارنة بالجوانب التي يمكن تعديلها (مثل ملابس الطفل).

كشف «شوقي» عن عدة طرق لتحصين الطفل ضد التأثيرات السلبية للتنمر، منها: دعم ثقة الطفل في نفسه داخل الأسرة في سنوات حياته الأولى، التركيز في الحديث مع الطفل على نواحي قوته التي يتميز بها، بجانب اكتشاف أي موهبة لدى الطفل مثل الرسم أو الغناء أو التفوق في أي رياضة وغيرها، وإتاحة الفرصة له لممارستها، فضلًا عن علاج أي مشكلات لدى الطفل قد تسبب تنمر زملائه عليه في المدرسة.

وأتم الدكتور تامر شوقي حديثه، موصيًا الآباء والأمهات، البعد عن عقاب الطفل المفرط أو تذكيره بنواحي النقص أو القصور في شخصيته أو لفت انتباهه إليها، بالإضافة إلى توعية الطفل بأنه لا يوجد إنسان مكتمل الصفات؛ فلكل إنسان نواحي قوة ونواحي قصور، مشيرًا إلى أهمية توعية الطفل بكيفية الرد المناسب على من يتنمر عليه، والإنصات لشكاوى الطفل في حالة حدوث أي حالات تنمر ضده، مؤكدًا على أهمية إبلاغ إدارة المدرسة لاتخاذ إجراءات عقابية فورية ضد الأطفال المتنمرين، مشددًا على تجنب إشراك الطفل في أي أنشطة تعليمية أو ترفيهية مع الأطفال المتنمرين بجانب حث الطفل على تحقيق التفوق على زملائه كوسيلة مناسبة لإثبات ذاته واستعادة تقديره لذاته، وضرورة قيام إدارة المدرسة بتكريم الطفل الضحية في طابور الصباح ومنحه شهادة تقدير أو جائزة على أي نشاط قام به في السابق بما يقلل من مشاعره السلبية.

الدكتورة ريهام أحمد عبدالرحمن استشاري نفسي وتربوي

بينما ترى الدكتورة ريهام أحمد عبدالرحمن، الاستشاري النفسي والتربوي، أن ظاهرة التنمر تُعد من الظواهر الاجتماعية والنفسية التي باتت تهدد القيم وتقطع أواصر التواصل الإنساني في المجتمع، يقول الله عز وجل فى كتابه الكريم:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ }، سورة الحجرات.

وأضافت «عبدالرحمن» في تصريحات خاصة لـ «النهار» أن التنمر إساءة موجهة ومستمرة، الهدف منها التقليل من مكانة واحترام الشخص الآخر، سواء كان ذلك التنمر من خلال الإيذاء الجسدي أو النفسي أو اللفظي والذي يترك أثراً سلبياً في نفوس الآخرين، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن الله لا يحب الفاحش البذىء".

وتابعت: "مع تفشى ظاهرة التنمر بين الطلاب في المدارس، فهناك بعض العلامات التي تعرف الأسرة من خلالها تعرض الطفل للتنمر، وهي كالتالي: النفور والتهرب من الذهاب إلى المدرسة واللجوء للعزلة والانسحاب الاجتماعى، وجود آثار نفسية أو جسدية يعاني منها الطفل بعد العودة من المدرسة، ظهور بعض الاضطرابات الجسدية والنفسية مثل الصداع وآلام المعدة وعسر الهضم، وبعض التقلبات النفسية والمزاجية التي يعاني منها الطفل كالتوتر، والقلق، والاكتئاب، وتشتت التركيز، والذي قد يدفع الطفل للتفكير بالانتحار وبالتالي لابد من متابعة الأبناء وتفقد أحوالهم النفسية، ظهور بعض السلوكيات العدوانية التي تعبر عن عدم قدرة الطفل على التعبير عن حاجاته النفسية والعاطفية، وبالتالي يصبح لديه دافع الانتقام والعدائية في التعامل مع الآخرين".

وفي حالة تعرض الطفل للتنمر، أوصت الخبيرة النفسية الأسرة اتباع النصائح التالية: "تجنب اللوم والنقد ووصف الطفل بالفاشل أو الضعيف، مؤكدة أن هذه الممارسات السلبية تجعل الطفل يتجنب التحدث حول مشاعره، وبالتالي لا يدرك كيفية التصرف مع المشكلة.

كما أشارت إلى أهمية حرص الأسرة على التواصل مع المدرسة والتعاون من أجل التوعية بمخاطر التنمر وأثره على نفسية الطلاب، بالإضافة إلى تدريب الطفل على الردود المناسبة في مثل هذه المواقف مثل: (شكلى يعجبنى، رأيك لا يهمنى)، فهذه الردود تعطى للمتنمر انطباع عن قوة شخصية الطفل وقدرته على المواجهة، وشددت الدكتورة ريهام عبدالرحمن على ضرورة غرس الثقة بالنفس داخل الأبناء مع الحرص على إشباع احتياجاتهم النفسية والعاطفية، والتحدث معهم حول طبيعة شخصية المتنمر، وأنه طفل ضعيف يسقط ما به من عيوب من أجل الشعور بالتميز ولو على حساب مشاعر الآخر.

واختتمت الدكتورة ريهام عبدالرحمن حديثها، موصية الآباء والأمهات على مساعدة أطفالهم على تكوين صداقات إيجابية وتشجيعهم على ممارسة الأنشطة الاجتماعية والثقافية، موضحة أن المتنمر لا يقترب من الطفل المتواجد ضمن مجموعة كبيرة من الأصدقاء، إضافة إلى تدريب الطفل على إدارة الغضب والانفعال ومناقشته حول طبيعة شخصية المتنمر، والذى يسعى دائمًا لاستفزاز الطرف الآخر ومحاولة السيطرة عليه، وأخيرًا، يجب أن يفهم الطفل أن التنمر ليست لمشكلة فيه، ولكن نقص في شخصية المتنمر.

داليا الحزاوي الخبيرة التربوية ومؤسس ائتلاف أولياء أمور مصر

من جانبها، أعربت داليا الحزاوي، الخبيرة التربوية ومؤسس ائتلاف أولياء أمور مصر، عن أسفها من واقعة الطفلة «ح» ذات العشر سنوات، التي حاولت إنهاء حياتها داخل مدرستها بمحافظة الدقهلية، بعد تعرضها للتنمر المتكرر من زميلاتها بسبب لون بشرتها وشكل شعرها وارتدائها نظارة طبية.

وقالت «الحزاوي» في تصريحات لـ «النهار» إن هذه الواقعة المؤلمة تعكس خطورة ظاهرة التنمر في المدارس، والتي أصبحت تهدد الصحة النفسية للطلاب، مشيرة إلى أن الطالبة «ح» ليست حالة فردية، بل مثال حي للكثير من الطلاب الذين يعانون من التنمر في صمت.

وأضافت أن التنمر له جذور مجتمعية تبدأ من داخل الأسرة، حيث يكتسب الطفل سلوكياته من البيئة المحيطة به، وعندما يرى والديه يسخران من الآخرين أو يستخدمان كلمات بها تنمر في صورة سخرية، ينشأ معتقدًا أن هذا السلوك مقبول، موضحة أن بعض الأسر نفسها تساهم في زرع بذرة التنمر لدى الابن بالسخرية من شكله أو اسمه أو لونه مما يجعله يمارس التنمر على زملائه، وتابعت «الحزاوي»: كما يعد الأعلام أحد العوامل التي ساعدت علي انتشار ظاهرة التنمر فما يعرض من برامج أو محتوى يضمن طابع التنمر الذي ينعكس بشكل كبير علي سلوكيات الأبناء.

وأكدت الخبيرة الأسرية أن المدرسة أيضًا تتحمل جزءًا كبيرًا من المسؤولية، نتيجة غياب الرقابة الجادة على سلوكيات الطلاب، وعدم الالتزام بتطبيق لائحة الانضباط المدرسية، فحين يغيب العقاب ينتشر السلوك السلبي فمن أمن العقاب أساء الأدب، واختتمت «الحزاوي» حديثها بالتأكيد على أن مواجهة التنمر تتطلب تكاتف المجتمع بأكمله، من خلال حملات توعية موسعة تشمل المدارس، والنوادي، ومراكز الشباب، ودور العبادة.

موضوعات متعلقة