في حفل العيد الوطني ال55 لسلطنة عمان
السفير عبد الله الرحبي: العلاقات العمانية - المصرية ثابتة ومتوازنة عبر التاريخ تعبيرًا عن حكمة قيادتي البلدين وحرصهما على التشاور والتنسيق المتواصل ازاء القضايا الراهنة
شدد سفير سلطنة عمان ومندوبها الدائم لدى مصر عبد الله بن ناصر الرحبي على عمق العلاقات الاخوية بين السلطنة ومصر والمتجذرة عبر التاريخ وتعززت بالشراكة والتعاون المشترك في كافة المجالات التي تلبي طموحات البلدين الشقيقين .
وقال الرحبي في كلمته خلال الاحتفال بمناسبة العيد الوطني ال55 لسلطنة عمان والذي نظمته سفارة السلطنة بالقاهرة بحضور وزير الشباب والرياضة د. اشرف صبحي ولفيف من المسؤولين والدبلوماسيين والفنانين والإعلاميين وابناء الجالية العمانية : ان جذور هذه العلاقات تمتد إلى آلاف السنين، منذ عصور الفراعنة، حين كانت قوافل اللبان العُماني تبحر عبر المحيط والبحر الأحمر، لتصل إلى وادي النيل، فتُضاء معابد مصر برائحته الطيبة، ويشكّل تجارة مزدهرة وأواصر حضارية أصيلة.
وقد ظلّت هذه العلاقات عبر التاريخ ثابتة ومتوازنة، تعبيرًا عن حكمة قيادتي البلدين عبر العصور وحرصهما على التشاور والتنسيق المتواصل.
واضاف إن سلطنة عمان تحتضن بتقدير كبير وجودًا مصريًا كبيرًا كان دائمًا موضع ترحيب رسمي وشعبي. وقد شاركوا بشكل إيجابي في مسيرة التنمية الحديثة.
وفي ظل القيادة الحكيمة لجلالة السلطان هيثم بن طارق البوسعيدي حفظه الله ورعاه وفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي تقدمت علاقات البلدين خطوات واسعة من "اللفتات الرمزية" إلى "المصالح المشتركة" وصولًا إلى "الرؤية المشتركة".
وكانت علاقات البلدين خلال العام 2025 حافلة بلحظات شاركت فيها سلطنة عمان شقيقتها مصر فرحتها، وهو ما تُوِّج بزيارة صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد، وزير الثقافة والرياضة والشباب، مشاركًا في افتتاح المتحف المصري الكبير نيابة عن جلالة السلطان، ونكرر تهنئة مصر الشقيقة بهذا الصرح التاريخي الحضاري الذي يعد منجزًضا عربيًا يبعث على الفخر.
وتابع : وكان مفتتح العام 2025 مناسبة تعكس ما بين البلدين من روابط عميقة وتقدير متبادل فشاركت سلطنة عمان في معرض القاهرة الدولي للكتاب كضيف شرف وتألقت الثقافة العمانية في فضاء هذا المعرض الدولي الكبير متعانقة مع الثقافة المصرية العريقة في احتفالات تليق بالبلدين وتاريخهما الثري.
كذلك كان فوز الدكتور خالد العناني بمنصب المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) ثمرة تنسيق عربي مشترك، ما أسعد كل عربي. كما أن هذا الفوز أعطى دلالة على قدرة العرب على إثبات الوجود على الساحة الدولية، ونعرب مرةً أخرى عن تهانينا للشقيقة مصر على هذه المكانة.
وفي مؤشر على تنوع مجالات العلاقات الثنائية وتطورها شهد العام 2025 انعقاد اللجنة العمانية – المصرية المشتركة، وأثمر انعقادها عن توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم شملت العديد من مجالات التعاون المشترك، وبدورها تسهم في تعزيز علاقات البلدين.
كما شهد العام 2025 زيارات مُتَبَادَلَة عمانية – مصرية لمسئولين رفيعي المستوى من البلدين. وفي الإطار نفسه هناك زيارات منتطرةٌ.
وعلاقات البلدين خلال السنوات القليلة الماضية تشهد تغيُّرًا نوعيًا كبيرًا تعززه مصالح مشتركة وروابط اقتصادية وبين العامين 2020 و2025، وفي العام 2023 تجاوز فيه حجم التبادل التجاري بين البلدين المليار دولار.
وأوضح الرحبي ان مناسبة اليوم الوطني المجيد، تجسّد احتفاء سلطنة عُمان بتاريخها العريق الممتد منذ تأسيس الدولة البوسعيدية على يد الإمام المؤسس أحمد بن سعيد البوسعيدي عام 1744م، كأهم محطات التاريخ العماني الممتد عبر الدهور.
ذلك القائد الذي رفع راية الوطن، وأرسى أسس الدولة العُمانية الحديثة القائمة على السيادة والوحدة والكرامة، وهي من أهم مراحل التاريخ العماني العريق.
فرصة لتكريم سلاطين عمان :
واضاف : إن هذه المناسبة العظيمة فرصة لتكريم سلاطين عُمان الذين حملوا الأمانة بإخلاص واقتدار، محافظين على وحدة البلاد، وداعمين لمسيرة الحضارة والإنسان العُماني في محيطه الإقليمي والدولي.
كما أنها مناسبة للاحتفاء بما تحقق من منجزات منذ انطلاق النهضة المباركة عام 1970م على يد المغفور له جلالة السلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه –
والتي تواصلت وترسخت اليوم بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله ورعاه – برؤيةٍ متجددةٍ تمزج بين الأصالة والتحديث، وتستشرف مستقبلًا مستدامًا مزدهرًا.
النهج الدبلوماسي الراسخ:
وقال الرحبي : لقد أرست سلطنة عُمان نهجًا دبلوماسيًا راسخًا يقوم على احترام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وعلى التوازن والحوار والحياد الإيجابي، ودعم الحلول السلمية واحتواء التصعيد، مع التأكيد على عدم التدخل في شؤون الدول، والدعوة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين، وتمكين الشعوب من التنمية والعدالة والاستقرار.
دعم الشعب الفلسطيني :
وفي هذا الإطار، تواصل سلطنة عُمان موقفها الثابت الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني، في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس.
وتؤكد السلطنة أن تحقيق السلام العادل والدائم قائم على حل الدولتين، وأن أي حلول مؤقتة لن تُحقق الاستقرار ولا مصلحة الشعوب.
وجهة للاستثمارات المباشرة :
وفي إطار "رؤية عمان 2040" وفق الله سلطنة عمان في أن تكون وجهة قادرة على المنافسة في مجال جلب الاستثمارات المباشرة، فحتى سبتمبر من هذا العام بلغ عدد الشركات التي بها مساهمات مصرية 4763 شركة بقيمة إجمالية تبلغ ما يزيد عن ١٬٦٦٩ مليار دولار، بنسبة 89% من إجمال رأس المال المُستَثَمَر في هذه الشركات.
وتواصلًا للجهود في هذا الشأن، أنهينا صباح اليوم ندوة "عمان – مصر، أرض الفرص" (تكامل لا تنافس). وقد ركزت على فرص الاستثمار بين البلدين الشقيقين، لنمضي قدمًا في تعزيز التكامل في الاقتصاد والاستثمار.
خطة التعافي المبكر واعادة اعمار غزة :
و قال الرحبي : إذا كان لنا أن نقف أمام أدوار تعكس دور مصر في محيطها وتشير إلى تلاقي الرؤى بين البلدين، فلا مفر من الوقوف أمام خطة: "التعافي المبكر وإعادة إعمار وتنمية غزة" التي أطلقتها جمهورية مصر العربية في مارس 2025 ودعمتها سلطنة عمان بشكل تام، كما حظيت بدعم عربي وإسلامي ودولي واسع، عقب إقرارها في القمة العربية غير العادية التي استضافتها مصر لبحث جهود إعادة الإعمار دون تهجير الفلسطينيين من أرضهم.
وقد تُوِّج الدور المصري في الحرب على غزة بانعقاد قمة دولية في شرم الشيخ وقّعت خلالها كلّ من مصر وقطر وتركيا والولايات المتحدة وثيقة الرئيس الأمريكي لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. وعكست المشاركة الواسعة لقادة إقليميين ودوليين، حجم تأثير الدبلوماسية المصرية، والتزامها بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.
ودومًا أكد البلدان ضرورة الوقف الفوري للعدوان وحماية المدنيين، ورفض أي مساس بحقوق الشعب الفلسطيني أو محاولات تهجيره. وهذا التوافق بين القاهرة ومسقط يعكس شراكة تقوم على الحكمة والمسئولية، وتعزز قوة الموقف العربي في الدفاع عن العدالة والاستقرار في المنطقة.
التحديث الاقتصادي :
لقد شهد العام 2025 خطوات نوعية في التحديث الاقتصادي والمالي داحل السلطنة، شمل تعزيز كفاءة الإنفاق، ورفع التصنيف الائتماني، وتوقيع اتفاقيات دولية لدعم الابتكار وريادة الأعمال.
إلى جانب الاستعداد لتطبيق نظام ضريبي عادل ومتدرج، كما تجاوزت مساهمة الأنشطة غير النفطية 65% من الناتج المحلي الإجمالي، وانخفض الدين العام إلى نحو 35%.
وهي مؤشرات تؤكد صلابة الاقتصاد العماني وثقة المؤسسات الدولية في أدائه.
وفي مجال الاستدامة البيئية، تمضي سلطنة عُمان بخطى ثابتة نحو تحقيق الحياد الصفري الكربوني بحلول 2050،
من خلال مشاريع طموحة للهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة،
وتوسيع المحميات الطبيعية إلى أكثر من ثلاثة ملايين شجرة،
تعزيزًا لقيم حماية البيئة وصون الموارد للأجيال القادمة.
وبمناسبة اليوم الوطني المجيد، نتطلع إلى مزيد من التطور والنماء والازدهار لسلطنة عُمان، في ظل القيادة الحكيمة لجلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله ورعاه – سائلين الله أن يديم على وطننا نعمة الأمن والاستقرار والخير.
كما نتمنى لمصر الشقيقة، ولجميع الدول الشقيقة والصديقة التي تشاركنا هذه اللحظة السعيدة، كل الازدهار والتقدم والنماء، وتعزيز جسور التعاون لما فيه خير شعوبنا.
كما نتقدم بخالص الشكر والتقدير إلى حكومة جمهورية مصر العربية الشقيقة، على ما تقدمه لنا من دعمٍ ومساندة في تسهيل أعمالنا، ونخص بالشكر وزارة الخارجية المصرية على تعاونها الدائم وجهودها المخلصة، التي أسهمت في تنفيذ أعمالنا وتحقيق أهدافنا المشتركة بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين.
و نأمل أن يجمعنا الله في العام المقبل على مزيدٍ من الخير والإنجاز، وقد شهد العالم من حولنا تطورات نحو الأمن والاستقرار، وسادت روح السلام الإنسانية، وتفرّغت الشعوب للبناء والتنمية.
ونخصّ أهل غزة بالدعاء بأن يحيطهم الله بالأمن، وأن تتحقق لهم تطلعاتهم في وطنٍ كريمٍ آمن، وأن تتواصل الجهود الدولية المخلصة لإحلال السلام وتثبيت الاستقرار.


.jpg)

.png)


.jpg)


.jpg)
.jpg)
