النهار
الثلاثاء 21 أكتوبر 2025 10:18 مـ 28 ربيع آخر 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
”العقاد” لـ”النهار”: تطبيق الحوكمة بدأ من أول فرد أمن وحتى القيادات لضمان انضباط العمل وخدمة المواطن أسماء أحمد تدعو لبلورة رؤيةٍ عربيةٍ وإفريقيةٍ مشتركة تُعيد رسم خريطة السياحة بروح الوحدة والشراكة بروتوكول تعاون مشترك بين جامعة القاهرة والمعهد القومى للحوكمة والتنمية المستدامة في مجال التطوير الإدارى وريادة الأعمال وبناء القدرات البشرية د. فوزية الناشر رئيس مجلس سيدات اعمال اليمن : القمة تنعقد فى مرحلة مابعد الصراعات والحروب . مرحلة التنمية والإعمار البنك الدولي : تكلفة إعمار سوريا تتجاوز 216 مليار دولار أميركي برعاية رئيس الوزراء وحضور نجوم السياسة والفن.. احتفالية خاصة بمئوية روزاليوسف الجمعية المصرية لعلاج جذور الأسنان تنظم النسخة الـ23 من مؤتمر علاج الجذور لدول آسيا والمحيط الهادي بالقاهرة نعيم قاسم : يدعو الإدارة الأميركية وتوم باراك إلى الكف عن تهديد لبنان أحمد عبدالمجيد: الدولة تواجه التطرف بالفكر والمعرفة لا بالقوة فقط وكيل صحة المنوفية يشدد على رفع كفاءة الأداء وزيادة معدلات العمليات للقضاء على قوائم الانتظار سفير الإمارات يبحث مع وزير العدل المصري تعزيز التعاون القانوني والقضائي د. فوزية الناشر رئيس مجلس سيدات اعمال اليمن : القمة تنعقد فى مرحلة مابعد الصراعات والحروب . مرحلة التنمية والإعمار

تقارير ومتابعات

الوظائف الخضراء في مصر: مستقبل واعد أم فرصة ضائعة؟

أرشيفية
أرشيفية

في السنوات الأخيرة، أصبح الحديث عن الوظائف الخضراء جزءًا أساسيًا من أجندات التنمية المستدامة في مختلف دول العالم. ومع اشتداد التحديات البيئية، من تغير المناخ إلى تلوث الهواء والمخلفات، بات من الضروري أن يتغير شكل سوق العمل ليتماشى مع متطلبات الحفاظ على البيئة وضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة. في مصر، ومع تنامي مشروعات الطاقة المتجددة وتوسّع الدولة في ملف إدارة المخلفات والتحول الرقمي البيئي، ظهرت بوادر حقيقية نحو نشأة سوق جديد من الوظائف التي تصب في مصلحة البيئة والمجتمع معًا.

الوظائف الخضراء لا تعني وظائف جديدة بالضرورة، لكنها وظائف تقليدية أعيد توجيهها لتكون جزءًا من الحل البيئي. هي كل وظيفة تساهم في تقليل التأثيرات السلبية على البيئة أو تدعم الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية. تشمل هذه الوظائف مجالات متنوعة مثل الطاقة النظيفة، إدارة المخلفات، الزراعة الذكية، النقل المستدام، والبناء الأخضر. قد يكون العامل في محطة تدوير المخلفات، أو فني تركيب الألواح الشمسية، أو حتى المبرمج الذي يطور نظامًا لرصد جودة الهواء، جميعهم يدخلون تحت مظلة الوظائف الخضراء.

في مصر، بدأت ملامح هذا القطاع تظهر مع مشروعات كبرى مثل محطة بنبان للطاقة الشمسية بأسوان، والتي وفّرت آلاف الوظائف في مجالات التصميم والتركيب والصيانة. كذلك بدأت شركات محلية وأجنبية في الدخول إلى قطاع إدارة المخلفات، سواء في تدوير الإطارات أو معالجة المخلفات الإلكترونية أو إعادة استخدام مخلفات الهدم والبناء. هذا بالإضافة إلى دور وزارة البيئة وجهاز تنظيم إدارة المخلفات في إطلاق برامج لتأهيل الشباب وتدريب العاملين على تقنيات الإدارة الحديثة.

لكن التحديات ما زالت حاضرة. أبرزها غياب تعريف واضح ومحدد لماهية الوظيفة الخضراء داخل السوق المصري. لا يوجد حتى الآن تصنيف رسمي أو قاعدة بيانات تشير إلى عدد العاملين في هذا النوع من الوظائف أو مدى انتشارها جغرافيًا. كذلك يفتقر كثير من الشباب إلى الوعي بهذه الفرص، وتبقى مؤسسات التدريب المهني والتعليم الفني غير مهيأة حتى الآن لتوفير المهارات المطلوبة في هذا المجال. وهناك أيضًا قصور في السياسات التي تشجع على تمويل المشروعات الصغيرة ذات الطابع البيئي، مما يُضعف من إمكانية خلق وظائف على المستوى المحلي.

ورغم أن بعض المبادرات الحكومية بدأت بالفعل في سد هذه الفجوة، مثل برامج تمويل المشروعات البيئية الصغيرة والتعاون مع جهات دولية لنقل الخبرات، فإن انتشار هذه التجارب لا يزال محدودًا. التحدي الأكبر يكمن في دمج مفهوم الوظيفة الخضراء داخل السياسات العامة لسوق العمل، وربطها بمخرجات التعليم والتدريب.

ورغم هذا الواقع، فإن الإمكانيات كبيرة. مصر بلد يتمتع بإشعاع شمسي مرتفع ومساحات شاسعة يمكن استغلالها في الطاقة الشمسية، ويمتلك مخزونًا ضخمًا من المخلفات بأنواعها، ما يفتح آفاقًا واسعة للاستثمار البيئي وتوفير فرص عمل في نفس الوقت. كما أن توسع الدولة في مشروعات الرقمنة البيئية والتحول نحو مدن ذكية يمكن أن يوفر مساحات جديدة من التوظيف في مجالات التكنولوجيا البيئية.

الشباب المصري اليوم في حاجة إلى بدائل حقيقية تضمن له الاستقرار وفرصة للمساهمة في بناء اقتصاد حديث ومسؤول. والوظائف الخضراء يمكن أن تكون هذا البديل، إذا ما توافرت لها البيئة التشريعية الداعمة، والحوافز الاستثمارية المناسبة، والمنصات التدريبية القادرة على تأهيل الأفراد بكفاءة.

التحول إلى اقتصاد أخضر ليس مجرد خيار بيئي، بل ضرورة تنموية. وإذا كانت مصر تستهدف أن تصبح مركزًا إقليميًا للطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر، فعليها أن تبدأ من الآن في بناء سوق عمل يُقدّر قيمة الوظيفة التي تحمي البيئة، ويمنحها الدعم الذي تستحقه.

موضوعات متعلقة