النهار
الثلاثاء 21 أكتوبر 2025 08:39 مـ 28 ربيع آخر 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
وكيل صحة المنوفية يشدد على رفع كفاءة الأداء وزيادة معدلات العمليات للقضاء على قوائم الانتظار سفير الإمارات يبحث مع وزير العدل المصري تعزيز التعاون القانوني والقضائي د. فوزية الناشر رئيس مجلس سيدات اعمال اليمن : القمة تنعقد فى مرحلة مابعد الصراعات والحروب . مرحلة التنمية والإعمار بعد عقره 4 أشخاص.. أهالي قرية العليمات في قنا يتخلصون من كلب مسعور هاجمهم أمس سفير الإمارات: العلاقات بين مصر والإمارات نموذج مثالي يحتذى به بين الدول قمة الاستثمار العربي الإفريقي والتعاون الدولى تكرم الشركة الوطنية الناقل الرسمى لوفود القمة ..مصر للطيران ‏‎المجلس الوزاري المغربي : مشروع قانون المالية 2026 تجسيد للعدالة الاجتماعية باعتبارها ركيزة للتنمية الاقتصادية بسبب هبوط أرضي.. انقلاب تريلا محملة أسمنت وإصابة قائدها أعلى كوبري في قنا رئيس جامعة المنوفية يتراس إجتماع لجنة الإحتفال بعيد الجامعة ال ٤٩ الدفع ب3 سيارات إطفاء.. إصابة سبعيني ونفوق ماشية وأغنام إثر حريق التهم منزل في قنا قتل والده وأحرق جثته.. تأجيل محاكمة المتهم في جريمة الخانكة المروعة تأهيل كوادر آمنة| جامعة بنها تطلق برنامجاً تدريبياً متقدماً لأعضاء لجان السلامة والصحة المهنية

تقارير ومتابعات

هل التحول الرقمي البيئي أداة فعالة أم ديكور إداري؟

التحول الرقمي البيئي
التحول الرقمي البيئي

الرقمنة البيئية تعني ببساطة استخدام أدوات التكنولوجيا والبرمجيات ونظم المعلومات الحديثة في إدارة شؤون البيئة بشكل أكثر كفاءة وشفافية، يشمل ذلك رقمنة الخدمات الحكومية المرتبطة بالبيئة، مثل إصدار التراخيص البيئية، تقديم الشكاوى البيئية، تقييم الأثر البيئي للمشروعات، إدارة المخلفات بأنواعها، ومراقبة جودة الهواء والمياه.

كما تمتد الرقمنة البيئية إلى استخدام تقنيات حديثة مثل إنترنت الأشياء (IoT) لتتبع التلوث، والطائرات بدون طيار لمراقبة المحميات الطبيعية، ونظم المعلومات الجغرافية (GIS) لتحليل ورصد التغيرات البيئية.

وهي في جوهرها ليست مجرد تحسين شكلي في تقديم الخدمات، بل وسيلة لتفعيل الرقابة البيئية، وتحسين اتخاذ القرار، وتقليل الفاقد من الوقت والموارد، وتسهيل التواصل بين الحكومة والمواطن والمستثمر.

لكن هل تحقق هذه الرقمنة فعلًا بيئة صحية؟ أم أن ما يحدث هو مجرد غطاء تقني فوق بيروقراطية تقليدية؟

إشارات إيجابية على الطريق

خلال السنوات الأخيرة، بدأت مصر تخطو نحو تطبيق الرقمنة البيئية، من خلال عدة مبادرات ومحاولات رسمية. فقد أطلقت وزارة البيئة بوابة إلكترونية تتيح للمواطنين والمستثمرين تقديم طلبات إلكترونية للحصول على تقييمات الأثر البيئي، أو تقديم شكاوى، أو الإطلاع على القوانين البيئية واللوائح المنظمة.

كذلك أُطلق تطبيق "E-Tadweer" الذي يهدف إلى جمع المخلفات الإلكترونية بطريقة آمنة وإعادة تدويرها. وهناك خطوات لتحويل بعض إجراءات إدارة المخلفات إلى نظم إلكترونية، وإنشاء قواعد بيانات متخصصة لرصد التلوث في الهواء والمياه، وتقديم تقاريرها بصورة لحظية.

وقد أشار العديد من المسؤولين في تصريحات متفرقة إلى أن التحول الرقمي لم يعد خيارًا، بل ضرورة لرفع كفاءة العمل البيئي، وتحقيق أهداف رؤية مصر 2030 في مجالات الاستدامة وحماية الموارد.

لكن الصورة ليست كاملة

رغم تلك الجهود، فإن الرقمنة البيئية في مصر ما تزال في مرحلة التجريب، ولم تصل بعد إلى كونها نظامًا متكاملًا أو أداة فعالة على أرض الواقع. فالكثير من الخدمات الإلكترونية المتاحة، لا تُستخدم بشكل فعلي إما لعدم معرفة المواطنين بها، أو لأنها لا تؤدي إلى نتائج واضحة عند استخدامها، أو لأنها ما تزال ترتبط بإجراءات ورقية بعد تقديم الطلب إلكترونيًا.

كما تعاني المحافظات من تفاوت كبير في القدرة على تطبيق الرقمنة، بسبب ضعف البنية التحتية الرقمية، ونقص الكوادر المدربة على استخدام الأنظمة الجديدة، ما يجعل بعض الخدمات الرقمية مجرد واجهة تُستخدم في العاصمة والمراكز الكبرى فقط، دون امتداد فعلي للقرى أو المناطق النائية.

وتتفاقم المشكلة بوجود تداخل بين اختصاصات الوزارات المختلفة، فبين وزارة البيئة، والتنمية المحلية، والإسكان، والصناعة، والاستثمار، تتشتت المسؤولية، ويصعب على المواطن أو المستثمر أن يجد جهة واحدة قادرة على إنهاء إجراءاته البيئية بسهولة.

التحول الرقمي ليس شاشة بل منظومة

الرقمنة البيئية لا تعني فقط وجود موقع إلكتروني، أو تطبيق على الهاتف، بل تعني وجود منظومة متكاملة تبدأ من تدريب الموظف المحلي، وربط الإدارات ببعضها، ووجود إرادة سياسية قوية للشفافية، وانتهاءً بتقييم أداء المنظومة بشكل دوري، وإعلان النتائج للمواطنين.

التكنولوجيا لا تحل المشكلات وحدها، لكنها تسهّل الحل إذا توفرت الإدارة الواعية، والكوادر المدربة، والاستراتيجية الواضحة.

ولذلك، فالتحول الرقمي البيئي يمكن أن يكون أداة فعالة لتحقيق بيئة أكثر صحة وعدالة، لكنه قد يتحول إلى ديكور إداري، إذا استُخدم فقط للتجميل أو الإعلان، دون تغيير حقيقي في طريقة العمل.

ما بين الإمكانيات والتطبيق

مصر تمتلك فرصة كبيرة للنجاح في ملف الرقمنة البيئية، خاصة مع الدعم الدولي والشراكات مع دول متقدمة في هذا المجال مثل دولة الإمارات، والتوسع في استخدام التكنولوجيا في باقي القطاعات الحكومية.

لكن الفرصة وحدها لا تكفي، ما لم تتحول الرقمنة من مشروع تجريبي إلى ثقافة عمل، ومن خدمة سطحية إلى منظومة متكاملة.

التحول الرقمي يمكن أن يكون بالفعل قاطرة نحو بيئة صحية ومستقبل أخضر، بشرط أن يخرج من قاعات المؤتمرات وشاشات العروض، إلى شوارع المحافظات ومكاتب المحليات ومصانع إعادة التدوير والمزارع والمصانع والموانئ.

وإلا، سيظل مجرّد شعار لافت، في دولة تعاني من تلوث الهواء، وتكدّس المخلفات، وفقدان التنوع البيولوجي، والازدحام الإداري.

موضوعات متعلقة