في حوار خاص لـ«النهار».. معاون وزير الإسكان: تنفيذ 5100 مشروع مياه وصرف بـ726 مليار جنيه لتأمين احتياجات المصريين حتى 2050
في ظل ما توليه الدولة من اهتمام متزايد بملف المياه كأحد ركائز تحقيق التنمية المستدامة، تواصل الحكومة المصرية تنفيذ استراتيجية شاملة لترشيد الاستهلاك وتعظيم الاستفادة من الموارد المائية، بما يضمن تحقيق الأمن المائي للأجيال الحالية والمستقبلية، ويعد قطاع المرافق والمياه من أكثر القطاعات التي شهدت طفرة غير مسبوقة خلال السنوات الأخيرة، سواء على مستوى تحلية مياه البحر أو معالجة مياه الصرف أو تطوير شبكات مياه الشرب والصرف الصحي في الحضر والريف، بجانب مشروعات «حياة كريمة» التي تستهدف تحقيق تغطية شاملة وتحسين جودة الخدمات.
«النهار» أجرت هذا الحوار مع المهندس طارق الرفاعي، معاون وزير الإسكان لقطاع المرافق والمياه، للحديث عن تفاصيل خطة الدولة في هذا الملف الحيوي، وأبرز ما تحقق من إنجازات على أرض الواقع، والرؤية المستقبلية حتى عام 2050، فضلاً عن استعدادات القطاع لمواجهة التغيرات المناخية وتحسين كفاءة التشغيل وترشيد الاستهلاك.
المهندس طارق الرفاعي معاون وزير الإسكان لقطاع المرافق والمياه:
• الدولة نفذت 5100 مشروع مياه وصرف بـ726 مليار جنيه.. وهدفنا تغطية ريف مصر بالكامل قبل 2050
• «حياة كريمة» تنفذ 1814 مشروع مياه وصرف صحي لتغطية الريف المصري بالكامل بحلول 2025
• تحلية المياه تقفز من 84 ألف إلى 1.4 مليون م³ يوميًا في 10 سنوات
• إجراءات لترشيد الاستهلاك توفر 355 مليون جنيه سنويًا
• الدولة بتدعم فواتير المياه بأكتر من 50٪ من التكلفة الحقيقية
• بداية.. كيف تنظر الدولة إلى ملف المياه وأهميته في تحقيق التنمية المستدامة؟
الدولة المصرية تنظر إلى ملف المياه باعتباره أحد أهم الركائز الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة، ولذلك جاء اهتمام القيادة السياسية، واضحًا منذ عام 2014 بوضع خطة وطنية متكاملة لإدارة الموارد المائية بحكمة وتعظيم الاستفادة منها، هذه الخطة تستهدف الاستخدام الأمثل للمياه وتوفير مصادر بديلة لتلبية الاحتياجات الحالية والمستقبلية، من خلال محاور متعددة تشمل التحلية، المعالجة، الترشيد، والبنية التحتية.
• ملف تحلية المياه شهد طفرة واضحة.. ما أبرز الأرقام والإنجازات؟
بالفعل، شهدنا طفرة غير مسبوقة في مشروعات تحلية مياه البحر، حيث ارتفعت الطاقة الإنتاجية من 84 ألف متر مكعب يوميًا عام 2014 إلى نحو 1.42 مليون متر مكعب يوميًا حاليًا، من خلال تشغيل 126 محطة تحلية موزعة على محافظات شمال وجنوب سيناء، البحر الأحمر، مطروح، الإسماعيلية، السويس، بورسعيد، الدقهلية والبحيرة،كما يجري تنفيذ 11 محطة جديدة بطاقة 310 آلاف متر مكعب يوميًا في عدد من المحافظات من بينها مطروح والإسكندرية، ليصل إجمالي الطاقة إلى 1.73 مليون متر مكعب يوميًا. وهناك خطة مستقبلية طموحة للوصول إلى 9.8 مليون متر مكعب يوميًا بحلول عام 2050.
• ماذا عن معالجة مياه الصرف والاستفادة منها؟
الوزارة توسعت بشكل كبير في إنشاء محطات المعالجة الثنائية والثلاثية ورفع كفاءة المحطات القائمة، حتى الآن تم الانتهاء من تنفيذ 612 محطة معالجة بطاقة تصميمية 18.9 مليون متر مكعب يوميًا، ويجري تنفيذ 183 محطة إضافية بطاقة 3.3 مليون متر مكعب يوميًا، بالإضافة إلى التخطيط لإنشاء 127 محطة جديدة بطاقة 4.9 مليون متر مكعب يوميًا حتى عام 2030، وبذلك سيصل إجمالي عدد المحطات المنفذة والجاري والمخطط تنفيذها إلى 922 محطة بطاقة 27.1 مليون متر مكعب يوميًا، كما نفذت الدولة أكبر ثلاثة مشروعات في العالم للاستفادة من مياه المصارف الزراعية وهي «مصرف المحسمة – مصرف بحر البقر – مصرف الدلتا الجديدة»، والتي توفر نحو 14.1 مليون متر مكعب يوميًا تُستخدم في زراعة ما يقرب من 1.8 مليون فدان، مع استهداف رفع الكمية إلى 41.2 مليون متر مكعب يوميًا خلال الفترة المقبلة.
• كم تبلغ تكلفة تحلية المياه؟ وما حجم التطور في هذا المجال؟
مصر بتعتمد على 3 مصادر رئيسية للمياه: محطات المياه السطحية، ومحطات الآبار، ومحطات التحلية، قبل عام 2014 كانت الطاقة الإجمالية لمحطات التحلية حوالي 80 ألف متر مكعب يومياً، النهارده وصلنا لـ 1.45 مليون متر مكعب في نهاية العام المالي الحالي، يعني الرقم تضاعف أكتر من 15 مرة، الاعتماد على التحلية بقى خيار استراتيجي، خاصة إن حصة مصر من مياه النيل ثابتة من الستينيات رغم تضاعف عدد السكان. اشتغلنا على محورين: التوسع في إنشاء محطات المعالجة الثنائية والثلاثية، وإعادة استخدام مياه الصرف لري المسطحات الخضراء بدل المياه العذبة، رغم إن تكلفة التحلية بتتراوح بين ضعف إلى 3 أضعاف تكلفة المياه العادية، الدولة بتتحمل الفرق بالكامل حفاظاً على الأمن المائي.
• تسعير خدمات المياه من القضايا التي تهم المواطن مباشرة.. كيف تدعم الدولة هذا القطاع؟
الدولة بتدعم فواتير المياه بأكتر من 50٪ من التكلفة الحقيقية، والمواطن مش بيتحاسب دلوقتي على التكلفة الفعلية للمتر المكعب، الأسعار لسه ثابتة لأن المواطن مش المفروض يفرق بين مصدر المياه سواء من النيل أو التحلية. أي زيادات بتحصل بتكون تدريجية، كل سنة أو سنتين، وبنراعي فيها البعد الاجتماعي. إحنا في مرحلة موازنة بين تكاليف الإنشاء والتوزيع والدعم، والهدف هو استمرار الخدمة بأعلى جودة.
• هل المحطات الجديدة تعمل بكامل طاقتها فور الإنشاء؟
لأ، المحطات بتتصمم على أهداف مستقبلية، كان المخطط حتى سنة 2037 والآن تم تمديده إلى 2050. بالتالي التشغيل بيكون تدريجي حسب الاحتياج الفعلي مش بكامل الطاقة من اليوم الأول، وده لضمان استدامة التشغيل وجودة الخدمة.
• هل هناك فرق في جودة المياه بين المدن والقرى؟
إطلاقاً.. جودة المياه واحدة، وصحة المواطن المصري خط أحمر. وزارة الصحة بتشرف على كل محطات المياه، ومفيش نقطة مياه بتتضخ من أي محطة قبل ما يتم تحليل 3 عينات متتالية، واحدة كل أسبوعين، بالإضافة إلى عينات من قطاع المرافق، وعينات مفاجئة من وزارة الصحة كل 15 يوم، كمان في معامل تابعة للشركة القابضة للمياه بترصد الجودة لحظة بلحظة. لو فيه أي شكوى من المواطنين، بيتم الإبلاغ عبر الخط الساخن، والفِرق الفنية بتتحرك فوراً لمعرفة مصدر المشكلة سواء من الشبكة أو من داخل المنازل. الجودة هنا مش محل تفاوض، دي أولوية قصوى.
• هل هناك دور للقطاع الخاص في هذه المشروعات؟
نعم، القطاع الخاص شريك رئيسي في الخطة، من خلال تنفيذ مشروعات بالشراكة وفقًا لوثيقة سياسة ملكية الدولة، من بين هذه المشروعات المرحلة الثالثة لمحطة معالجة غرب أكتوبر بطاقة 150 ألف متر مكعب يوميًا، ومحطات للصرف الصناعي في بني سويف الجديدة والمنصورة الجديدة، إلى جانب توسعات محطات معالجة في الجيزة والبحيرة والإسماعيلية.
• ترشيد الاستهلاك من المحاور الأساسية.. كيف تم التعامل معه؟
الوزارة ركزت على محور تقليل الفاقد وترشيد الاستهلاك بشكل كبير، وتم تركيب 5 ملايين قطعة موفرة للمياه بالتعاون مع وزارة الإنتاج الحربي والهيئة العربية للتصنيع، منها 4.2 مليون قطعة تم بيعها وتركيبها بالفعل.كما توسعت الوزارة في تركيب العدادات مسبقة الدفع والعدادات الذكية، مستهدفة أكثر من 20.4 مليون مشترك، هذه الإجراءات ساهمت في خفض نسبة الفاقد من 30.5% عام 2014 إلى 25.7% عام 2025، مع خطة للوصول إلى 20% بحلول عام 2030. بالإضافة إلى ذلك، أعادت الوزارة استخدام مياه غسيل المرشحات و«الروبة» مما وفر نحو 355 مليون جنيه سنويًا.
• وماذا عن حملات التوعية؟
أطلقت الوزارة حملة قومية شاملة للتوعية بترشيد استهلاك المياه، تضمنت إنتاج مواد إعلامية وتنظيم مسابقات قومية وتنفيذ أكثر من 38 ألف نشاط توعوي مباشر بجميع المحافظات، إلى جانب 3 آلاف نشاط عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بمشاركة نحو 6 آلاف جهة مختلفة، كما استفاد قطاع المرافق من تأهيل وإصلاح المهمات الكهروميكانيكية عبر 22 ورشة متخصصة، حيث تم تنفيذ نحو 64.5 ألف عملية إصلاح بتكلفة 331 مليون جنيه، مقارنة بـ 697 مليون جنيه حال تنفيذها خارجيًا، بما وفر نحو 361 مليون جنيه.
• هناك إنجازات ضخمة في البنية التحتية للمياه والصرف الصحي.. ما أبرزها؟
تم تنفيذ نحو 5100 مشروع لمياه الشرب والصرف الصحي بتكلفة تقارب 726 مليار جنيه، منها 1920 مشروعًا لمياه الشرب بتكلفة 276 مليار جنيه، أضافت طاقات 16.6 مليون م³/يوم ورفعت التغطية من 95٪ عام 2014 إلى 99٪ عام 2025. بلغ عدد محطات المياه 3191 بطاقة إنتاجية 30.7 مليون م³/يوم وتصميمية 44 مليون م³/يوم، بطول شبكات 181 ألف كم. في الصرف الصحي نُفذ 3180 مشروعًا بطاقة 11.6 مليون م³/يوم وبتكلفة 395 مليار جنيه، إضافة لمشروعات المصارف بطاقة 6.6 مليون م³/يوم وتكلفة 16 مليارًا، والوصلات المنزلية بـ39 مليارًا، لترتفع تغطية الصرف من 79٪ إلى 96٪ بالحضر، ومن 12٪ إلى 60٪ بالريف.
• ما دور مبادرة «حياة كريمة» في هذا الملف؟
مبادرة «حياة كريمة» تمثل نقلة نوعية، إذ تسهم في تحقيق التغطية الكاملة لمياه الشرب والصرف الصحي بالريف المصري، من خلال تنفيذ 891 مشروعًا لمياه الشرب و923 مشروعًا للصرف الصحي بإجمالي 1814 مشروعًا حتى عام 2025.
• ما هي الرؤية المستقبلية للقطاع حتى عام 2050؟
الرؤية الاستراتيجية للقطاع تستهدف الوصول بحلول عام 2050 إلى إتاحة شاملة وآمنة وموثوقة وبأسعار عادلة لمياه الشرب وخدمات الصرف الصحي على مستوى الجمهورية، وتشمل هذه الرؤية تحسين الخدمات، وتعظيم الاستفادة من المياه المعالجة، وتوزيع الاستثمارات بعدالة، والاستفادة من الحمأة في إنتاج الطاقة، ورفع كفاءة مقدمي الخدمة، كما أن صدور قانون تنظيم مرفق مياه الشرب والصرف الصحي «قانون 172 لسنة 2025» يعد من أهم الإنجازات التشريعية التي تعزز تنظيم القطاع.
• أخيرًا.. كيف تستعد الوزارة لمواجهة التغيرات المناخية والأمطار الغزيرة؟
تتبنى الوزارة خطة متكاملة لمواجهة موسم الأمطار عبر ثلاث مراحل: قبل الموسم بتجهيز فرق الطوارئ وتطهير الشنايش، أثناء الموسم من خلال غرف الأزمات وشفط المياه من النقاط الساخنة، وبعده بالصيانة والتطهير، كما أُنشئت مراكز عمليات لمتابعة الطوارئ على مدار الساعة، ونُفذت مشروعات لتطوير شبكات صرف الأمطار في القاهرة والإسكندرية والشرقية والمدن الجديدة، وفي مجال التغير المناخي، حققت مصر طفرة في خفض الانبعاثات من خلال محطة الجبل الأصفر بطاقة 2.5 مليون م³/يوم، التي تنتج 65٪ من احتياجاتها من الطاقة، ومن المستهدف رفعها إلى 80٪، ومحطة الإسكندرية الشرقية التي تولد 50٪ من احتياجاتها وتقلل الحمأة بنسبة 30٪.