تحالف «الطريق» لخوض الانتخابات بالنظام الفردي.. معارضة موحّدة تواجه تحديات الدوائر الواسعة والمال السياسي

تشهد الساحة السياسية المصرية تطورًا لافتًا مع إعلان عدد من القوى السياسية المعارضة تشكيل تحالف الطريق استعدادًا لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة على نظام الفردي، في محاولة لإيجاد مساحة تمثيل حقيقية داخل مجلس النواب. ورغم هذه الخطوة، ما زالت التساؤلات قائمة حول مدى نزاهة العملية الانتخابية، وضمان فرص متكافئة لمرشحي المعارضة في مواجهة التحديات الميدانية والتنظيمية.
ظروف صعبة وتحديات هيكلية
أكد وليد العماري، المتحدث الإعلامي باسم حزب الدستور وعضو التحالف، أن المعارضة تدخل الانتخابات في ظروف صعبة للغاية، مشيرًا إلى أن قانون تقسيم الدوائر الانتخابية أوجد دوائر شديدة الاتساع، ما يعقد قدرة المرشحين على التواصل المباشر مع الناخبين. وأضاف أن غياب الضمانات الرسمية لشفافية العملية يجعل من الضروري، على حد قوله، أن تخوض المعارضة المعركة لتفرض صوتها داخل البرلمان.
وأوضح العماري: في تصريحات خاصة لـ"النهار"، لا يمكن أن نتوقع أن تمنح السلطة ضمانات لنفسها، أو أن توفر مناخًا انتخابيًا نزيهًا دون ضغط سياسي وشعبي. لذلك نحن نخوض هذه الانتخابات برؤية واضحة: إما أن نكون صوتًا بديلاً للناس، أو نستسلم لسيطرة المال السياسي الذي يحاول شراء الأصوات والاستحواذ على البرلمان.
وأشار إلى أن الهدف الأساسي لتحالف الطريق ليس فقط الحصول على مقاعد برلمانية، بل إثبات وجود صوت معارض عقلاني يقدم بدائل حقيقية لقوانين الحكومة والأحزاب الموالية. وتابع: "نحن نريد أن نطرح أجندة تشريعية تخفف من معاناة المواطنين، وتقدم بدائل جادة للقوانين التي جعلت الحياة اليومية أكثر صعوبة."
المال السياسي في الواجهة
وفي السياق ذاته، شدد طلعت خليل، ممثل حزب المحافظين، على أن التحدي الأكبر أمام المعارضة يتمثل في مواجهة المال السياسي الذي يُستخدم، بحسب وصفه، لتوجيه أصوات الناخبين عبر وسائل مباشرة وغير مباشرة مثل توزيع المساعدات العينية أو شراء الأصوات. وقال: "إذا لم تلتزم الهيئة الوطنية للانتخابات بروح الدستور والقانون، وسمحت باختراق العملية عبر المال السياسي، فإن ذلك سيؤثر على نزاهة الانتخابات بشكل خطير."
وأضاف خليل في تصريحات خاصة لـ"النهار"، أن انعدام الشفافية في بعض اللجان العامة والفرعية يثير مخاوف حقيقية من إمكانية حدوث تجاوزات، مؤكدًا أن أي انحراف عن مسار النزاهة لن يكون محمود العواقب، سواء على الاستقرار السياسي أو على ثقة المواطن في المؤسسات.
الدوائر الساخنة
بحسب قادة التحالف، من المتوقع أن تشهد نحو 50 دائرة انتخابية منافسة محتدمة بين مرشحي المعارضة ومرشحي الأحزاب الموالية. وتشمل هذه الدوائر: البساتين، المعادي، قصر النيل، إمبابة، السويس، الجزيرة، حدائق القبة، دمنهور، والتجمع، إضافة إلى دوائر أخرى في القاهرة الكبرى ومحافظات الصعيد والوجه البحري.
ويرى مراقبون أن هذه الدوائر تحديدًا قد تكون ساحة اختبار حقيقية لقوة المعارضة، نظرًا لوجود قواعد جماهيرية واسعة وقيادات محلية قادرة على الحشد.
بدائل تشريعية وتخفيف الأعباء
يؤكد أعضاء تحالف الطريق أن برنامجهم الانتخابي يرتكز على تقديم بدائل تشريعية تسهم في خفض الضغوط الاقتصادية والاجتماعية عن المواطنين، لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
ويشددون على أنهم يسعون إلى تمثيل مصالح الفئات الشعبية والمتوسطة، عبر تشريعات تدعم العدالة الاجتماعية، وتقلل من سيطرة رأس المال السياسي على القرارات البرلمانية.
ويضيف العماري أن المعارضة لا تسعى فقط لمعارضة القوانين الحكومية، بل لتقديم مشروعات قوانين بديلة تمثل رؤية مختلفة: "نحن لا نطرح مجرد رفض، بل نقدم حلولًا عملية لتخفيف أعباء المواطن اليومية."
هل هناك ضمانات؟
رغم التأكيد على خوض المعركة الانتخابية، تبقى المخاوف من غياب الضمانات الكافية لانتخابات نزيهة قائمة. ويرى قادة المعارضة أن الضامن الحقيقي سيكون في مدى التزام الهيئة الوطنية للانتخابات بتطبيق القانون بشكل صارم، ومنع أي محاولات لاختراق العملية عبر شراء الأصوات أو غياب الشفافية في إدارة اللجان.
ويقول خليل: "إذا كانت الهيئة الوطنية للانتخابات جادة في تطبيق القانون والدستور، فإنها ستضمن عملية انتخابية سليمة. أما إذا استمرت بعض الممارسات مثل توزيع الكراتين أو التأثير على الناخبين، فإن النتيجة ستكون فقدان الثقة في العملية برمتها."
التحالف واستراتيجية الأرقام
أشار العماري، أنه حتى الآن، لم يعلن تحالف الطريق عن العدد النهائي لمرشحيه في مختلف الدوائر،مؤكدًا أن الأرقام النهائية لن تُحدد إلا بعد تقديم الأوراق الرسمية وقبولها من قبل الجهات المعنية.
وأضاف: "نحن لا نريد أن نعلن أرقامًا قد تتغير لاحقًا، خاصة أن بعض الترشيحات قد تُرفض أو تتقلص لأسباب إجرائية."
معركة على الديمقراطية
يرى المراقبون أن دخول المعارضة لهذه الانتخابات ليس مجرد محاولة لاقتناص مقاعد، بل معركة أوسع من أجل الديمقراطية والنزاهة السياسية. فالمعارضة تراهن على أن مشاركتها ستُحدث توازنًا في المشهد، وتضع حدًا لسيطرة رأس المال السياسي على البرلمان، إضافة إلى تقديم نموذج بديل لتمثيل المواطنين