بين واشنطن وموسكو.. شرم الشيخ تتحوّل إلى ساحة اختبار للنفوذ

بينما تتجه الأنظار إلى شرم الشيخ حيث تواصلت جولات المفاوضات حول وقف إطلاق النار في غزة، تابعت موسكو المشهد بدقة مدركة أن نتائج تلك المحادثات قد تعيد رسم موازين القوى في الشرق الأوسط.
وقد أضفى وصول الرئيس الأميركي إلى المدينة زخمًا عالميًا ، إذ ترى روسيا أن نجاح واشنطن في تحقيق اتفاق مستقر سيعني عودة قوية للدبلوماسية الأميركية إلى المنطقة. فبالرغم أن توقيع إسرائيل وحماس على المرحلة الأولى من الاتفاق مثّل مؤشرًا إيجابيًا، فإن موسكو حذّرت من “هيمنة الحلول الأحادية” التي قد تعيد الصراع من جديد. وفي هذا السياق، أعلنت روسيا افتتاح قنصلية جديدة في شرم الشيخ، في خطوة تعكس رغبتها في تثبيت حضور دبلوماسي مباشر داخل المدينة التي استعادت لقبها التاريخي كـ“عاصمة السلام”، والتي باتت تُرسم فيها ملامح التوازنات الجديدة في غزة والمنطقة بأكملها.
ووصف وزير الخارجية الروسي خطة ترامب بأنها "أفضل خيار متاح في الظروف الراهنة"، في إشارة نادرة إلى دعم ضمني للجهود الأميركية كما أجرى الرئيس بوتين مكالمة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أكد خلالها دعم بلاده لتسوية شاملة وفق القانون الدولي، وهو موقف يعبّر عن رغبة روسية في البقاء داخل المشهد لا على الهامش. فروسيا تدرك أن تجاهلها في أي اتفاق إقليمي يعني تراجع مكانتها الاستراتيجية.
وقد أكد الباحث في معهد كارنيغي لمركز روسيا وأوراسيا ألكسندر باونوف، إن "موسكو في السنوات الأخيرة قد انحازت إلى موقف مؤيّد للفلسطينيين إلى حدٍّ واضح مقارنة بماضيها العام، لتعزيز صورتها كقوة دبلوماسية تميل إلى التعددية القطبيّة"، مشيرًا إلى أن روسيا ترى في الأزمات الإقليمية فرصة لتعزيز نفوذها السياسي في العالم العربي.
كما قال الباحث في الشأن الروسي د. رامي القليوبي، إن موسكو تدرك أن الولايات المتحدة لا تزال اللاعب الأساسي في الشرق الأوسط، لكنها تحاول توظيف كل فرصة لتعزيز دورها كموازن استراتيجي.
تبدو موسكو مستعدة لاقتناص أي تعثر أميركي لتعيد طرح نفسها كقوة قادرة على صياغة سلامٍ بديل، أكثر توازنًا وأقل خضوعًا للهيمنة الغربية.