الدكتورة رانيا سبانو خبير القانون الدولي السوري تكتب عن حرب اكتوبر المجيدة وتصفها بالحدث المفصلي في تاريخ الامة العربية

قالت الدكتورة رانيا مروان سبانو خبير القانون الدولي السوري والمحكم الدولي ورئيس قيادة المرأة العربية والسورية بلندن يُعدّ نصر أكتوبر وتشرين المجيد حدثًا مفصليًا في التاريخ العربي الحديث، إذ جسّد ممارسة فعلية لحقّ الشعوب في الدفاع عن أرضها وسيادتها واسترداد كرامتها الوطنية، وفقًا للمبادئ الراسخة في ميثاق الأمم المتحدة، التي تضمن لكل دولة حقها المشروع في مقاومة الاحتلال واستعادة أراضيها بالقانون والحق المشروع.
لقد شكّل التحالف المصري–السوري في حرب تشرين/أكتوبر نموذجًا فريدًا في التكامل الاستراتيجي والسياسي والعسكري بين دولتين عربيتين، انطلقتا من قناعة راسخة بأن الوحدة العربية ليست شعارًا سياسيًا، بل حقًا وضرورة وجودية لضمان الأمن القومي العربي المشترك.
فكانت مصر منارة القرار والسيادة، تقود العبور وتكسر قيود الاحتلال، وكانت سوريا قلعة الصمود والمقاومة على جبهة الجولان، لتكتمل صورة النصر وتتحقق العدالة التاريخية.
ورغم ما شهدته المنطقة لاحقًا من نزاعات داخلية ومحاولات لزرع الفتن وتنفيذ أجندات خارجية تهدف إلى تفكيك النسيج العربي الواحد، يبقى الشعبان السوري والمصري مثالًا حيًّا على التلاحم في مواجهة تلك التحديات.
فالعلاقة بين الشعبين ليست مجرد تعاون سياسي عابر، بل هي رابطة حقوقية وإنسانية وأخوية، تستند إلى حق الشعوب في تقرير مصيرها بحرية، وفي الحفاظ على وحدة أراضيها وهويتها القومية.
تُثبت التجربة أن القيادتين الحكيمتين في مصر وسوريا تمثلان صمّام أمان في وجه أي محاولات لزعزعة الاستقرار أو إشعال الفتن، إذ تعتمدان على الشرعية الدستورية والسيادة الوطنية كأساس للقرار، وعلى الوعي الشعبي كقوة ردع لأي مشروع يهدف لتقسيم الأمة.
إن ما قدّمته مصر للشعب السوري في مراحل مختلفة من التاريخ الحديث – دعمًا، واحتضانًا، وموقفًا ثابتًا من قضايا الحق العربي – هو تجسيد عملي لمفهوم الأخوّة في القانون الدولي الإنساني، الذي يقرّ بمبدأ التضامن بين الشعوب في وجه العدوان والاستبداد.
ومن هذا المنطلق، تبقى مصر السند والظهر والأمّ الكبرى التي لم تتخلَّ عن دورها العروبي والإنساني، كما تبقى سوريا رمز الصمود والوفاء، والعنوان الأصيل للهوية العربية التي لا تنكسر.
وفي ظل التحولات الراهنة، فإن التمسّك بمبادئ الوحدة، والنصر، والسلام لا يُعدّ موقفًا سياسيًا فحسب، بل حقًا وواجبًا قانونيًا وأخلاقيًا تجاه الأجيال القادمة، للحفاظ على الكرامة والسيادة الوطنية، وعلى إرث نصر أكتوبر وتشرين كرمز خالد للإرادة العربية الحرة