بعد قبول حماس إطلاق سراح الأسرى.. هل يمكن أن تنجح خطة ترامب للسلام في غزة؟

أجاب لتحليل لشاتام هاوس أهمّ الموسسات البحثية البريطانية، على التساؤل الخاص بـ «هل يمكن أن ينجح خطة ترامب للسلام في غزة؟»، حيث ذكر مارك ويلر، زميل أول في القانون الدولي والحوكمة بمركز الحوكمة والأمن العالمي، أن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في غزة وُضعت بالتنسيق الوثيق مع إسرائيل، حسب ترجمة عزت إبراهيم، المُحلل السياسي، وبما يجعلها ممكنة القبول إلى حدّ ما من قِبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أما حماس، فلم يكن لها مقعداً على الطاولة، وتقول إنها لم تتسلّم الخطة إلا عند نشرها، بالنسبة للفلسطينيين، سيبدو هذا النص غير متوازن، إذ يُعطي الأولوية لمصالح إسرائيل الأمنية على حساب مطالبهم بدور قيادي في مرحلة «اليوم التالي» للحرب في غزة، بل يبدو أن الصوت الفلسطيني كان شبه غائب في صياغة الخطة.
وفق التحليل، فإن العالم العربي الأوسع قد يفاجأ أو يشعر بالارتباك؛ فقد تمت دعوته لتقديم الأموال والكوادر ضمن خطة لا تقدم رؤية حقيقية لمعالجة حق الفلسطينيين في تقرير المصير، وهو السبب الجذري لصراع مستمر منذ 80 عامًا، وهناك أيضًا شعور بأن السلوك الإسرائيلي المثير للجدل في حرب غزة سيُطوى في سباق الحماس نحو السلام. ومع ذلك، أظهرت إدارة ترامب براعة في التخلي عن فكرة «ريفييرا الشرق الأوسط» القديمة، لتقدّم خطة أقرب إلى التصورات التي طُرحت في عهد الرئيس السابق جو بايدن.
وأوضح التحليل، أن الخطة تحظى بدعم معظم الحكومات الإقليمية الكبرى والدول الإسلامية الرئيسية في العالم، باستثناء إيران، كما يدعمها الاتحاد الأوروبي، وهذا التأييد السياسي يمنح المبادرة زخمًا اقتصاديًا هائلًا، إذ يمكن أن يجعل وعد إعادة الإعمار والتنمية في غزة وربما الضفة الغربية أمرًا ذا مصداقية، وهناك أيضًا دول عربية أبدت استعدادًا لإرسال قوات استقرار مسلحة، وهو دور محفوف بالمخاطر لم يكن مرغوبًا به سابقًا، وإلى جانب ذلك، فإن الخطة جزء من استراتيجية أوسع لبناء شبكة متنامية من اتفاقات إبراهيم، مع السعي لضم دول مثل السعودية، وسوريا ولبنان أيضًا.
وأوضح التحليل، أنه هناك مشكلات عديدة وهي كالآتي:
- القائمة المكونة من 20 مبدأ على ثلاث صفحات لا تمثل اتفاق سلام شامل فهناك بالفعل مخططات أكثر تفصيلًا لمختلف عناصر الخطة
- الجوانب السياسية والعملية ستعرقل تحويل هذه المبادئ إلى مشروع قابل للتنفيذ.
- عادة ما تستغرق مهمة حفظ سلام دولية شهورًا لوضع التفويض والهياكل وآليات المساءلة والضمانات الحقوقية، أما هنا، فلن تكون تحت مظلة الأمم المتحدة، بل سيرأسها ترامب نفسه ضمن «مجلس السلام»، بمشاركة شخصيات دولية مثل توني بلير، ولا توجد سابقة لذلك ولا نموذج جاهز.
وذكر التحليل، أن الأمر نفسه ينطبق على متطلبات نشر قوة استقرار دولية مؤقتة، فلا توجد قوة جاهزة بالعدد والخبرة لتلبية الطلب الفوري، وبعض الدول العربية ربما تعرض إرسال قوات، لكن النشر سيكون تحديًا لوجستيًا وسياسيًا كبيرًا، والتنسيق بين قوة متعددة الجنسيات بهذا الحجم سيكون صعبًا، وفي هذه الأثناء، سيستمر الجيش الإسرائيلي في تسيير الدوريات داخل غزة، ما قد يخلق انطباعًا بأن أي مهمة دولية ليست سوى امتداد للاحتلال.
وأوضح مارك ويلر، زميل أول في القانون الدولي والحوكمة بمركز الحوكمة والأمن العالمي، أن الخطة تطالب حماس بحل نفسها كقوة عسكرية وكإدارة مدنية. عادة ما تكون برامج نزع السلاح وإعادة الدمج طويلة المدى، لكن هنا يُتوقع التنفيذ بسرعة، ومن دون بنية تحتية واضحة سوى الإشارة إلى «مراقبين مستقلين»، كذلك، فإن الحكم المدني يمثل تحديًا مماثلًا؛ فجميع موظفي غزة تقريبًا مرتبطون بحماس، وإقصاؤهم بالكامل قد يترك فراغًا خطيرًا. تقترح الخطة إنشاء قوة شرطة جديدة “نظيفة”، لكن إعدادها سيحتاج وقتًا طويلًا، وخلاله ستبقى القوة الدولية مسؤولة عن الأمن.
ونوه، زميل أول في القانون الدولي والحوكمة بمركز الحوكمة والأمن العالمي، إلى أنه حتى لو جُردت حماس من السلاح، لن تختفي كقوة سياسية، لا يزال لديها بعض التأييد الشعبي في غزة، ولم يُطرح بعد حلّ للتعامل مع هذا العنصر «المُعطل» في النظام السياسي الفلسطيني، وهنا تبرز معضلة: «هل يمكن إدماج حماس سياسيًا ضمن منظمة التحرير الفلسطينية؟ إسرائيل قد ترفض ذلك حتى لو التزمت الحركة علنًا باللاعنف والاعتراف بها. لكن التجارب السابقة، مثل العراق بعد 2003، أظهرت خطورة إقصاء فصيل كامل من أي تسوية سياسية».
وأوضح أنه هناك مسألة الحوكمة. الخطة تتحدث عن «لجنة» تكنوقراطية فلسطينية–دولية، لكن تشكيلها وتشغيلها بسرعة يبدو شبه مستحيل، فالبنية التحتية المدنية في غزة مدمرة تمامًا، والقدرة على إعادة الخدمات العامة بسرعة ستكون المعيار الأساسي للحكم على «مجلس السلام»، ومع المبالغ الطائلة التي ستُضخ في إعادة الإعمار، يظل خطر الفساد مرتفعًا، خصوصًا مع هيمنة أطراف خارجية على إدارة التمويل.
إحدى النقاط الإيجابية أن الخطة تنقل ملف المساعدات الإنسانية من المتعاقدين الأميركيين إلى الأمم المتحدة والهلال الأحمر. لكن الاختبار الأول سيكون قدرة “مجلس السلام” على إجبار إسرائيل على إزالة العوائق أمام وصول المساعدات، وهو ما تسبّب في كثير من المعاناة خلال العامين الماضيين.