أزمة المسيرات تشعل توتر أوروبي.. وروسيا ترفض الاتهامات: استفزاز على طريقة الحرب الهجينة

نفت السفارة الروسية في كوبنهاغن،اليوم الخميس، أي علاقة لموسكو بحوادث تحليق الطائرات المسيّرة التي تسببت في اضطرابات بمطارات مدنية وعسكرية في الدنمارك مساء الأربعاء، ووصفت الاتهامات الموجهة إليها بأنها "تكهنات سخيفة" واستفزاز مدبر.
وقالت السفارة، عبر بيان على منصات التواصل، إن "الحوادث التي عطّلت حركة الطيران تبدو استفزازًا متعمدًا، والجانب الروسي يرفض بشكل قاطع هذه المزاعم".
وفي موازاة ذلك، أعلنت الشرطة النرويجية ضبط طائرة مسيرة كان يشغلها رجل أجنبي في الخمسينات من عمره قرب مطار أوسلو، مؤكدة أن الطائرة كانت تحلق في منطقة محظورة، لكن دون أن تؤثر على حركة الملاحة الجوية. وأوضحت السلطات أن الرجل لم يُعتقل، غير أنه سيخضع للتحقيق دون الكشف عن جنسيته.
من جانبها، اعتبرت كوبنهاغن أن الهجمات ليست عشوائية، إذ أكد وزير الدفاع الدنماركي ترويلس لوند بولسن أن "تحليق المسيرات الذي أدى إلى إغلاق مطارات مرتين هذا الأسبوع عملية ممنهجة يقف وراءها طرف محترف"، مضيفًا أن ما جرى يمثل "هجومًا مركبًا بأنواع مختلفة من الوسائل".
بدوره، شدد وزير العدل بيتر هوملغارد على أن بلاده تعمل على تعزيز قدراتها في "رصد" و"تحييد" الطائرات المسيّرة، بعد تصاعد المخاوف الأمنية التي أثارتها هذه الحوادث.
وأعلنت الشرطة الدنماركية في وقت لاحق أن طائرات مسيرة مجهولة الهوية حلّقت فوق عدة مطارات، مما أدى إلى إغلاق أحدها لساعات طويلة، وذلك بعد أيام من إغلاق مطار كوبنهاغن للسبب ذاته.
خلفيات وأبعاد أوسع
تأتي هذه التطورات في وقت يشهد فيه شمال أوروبا حالة استنفار أمني متصاعد، في ظل مخاوف من أن تكون هذه الحوادث مرتبطة بأساليب "الحرب الهجينة" التي تُتهم روسيا باستخدامها ضد دول أوروبية منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2022.
ويرى محللون أن تكرار الهجمات بالطائرات المسيّرة على منشآت مدنية وبنى تحتية حيوية في الدنمارك والنرويج، الدولتين العضوين في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، قد يكون رسالة ضغط تستهدف اختبار جاهزية الدفاعات الجوية والإجراءات الأمنية.
كما أن توقيت الحوادث يتزامن مع تعزيز الحلف وجوده العسكري في بحر البلطيق والقطب الشمالي، وهي مناطق تُعد حساسة بالنسبة لموسكو، ما يزيد من الشكوك حول ارتباطها بتوترات جيوسياسية أوسع.
يرى خبراء أمنيون أن هذه الحوادث لا يمكن فصلها عن التوترات الجيوسياسية في بحر البلطيق، حيث تمر خطوط أنابيب الغاز والكابلات البحرية التي تعد شرايين استراتيجية لأوروبا.
وقال الخبير الدنماركي في شؤون الأمن السيبراني والطائرات المسيّرة، هنريك لارسن، لصحيفة بوليتكن: "الهجمات على المطارات قد تكون مجرد اختبار للقدرات الأمنية. الخطر الأكبر يتمثل في احتمال استهداف البنى التحتية للطاقة والاتصالات في بحر البلطيق، وهو ما شاهدناه سابقًا في تفجيرات خطوط أنابيب نورد ستريم".
وأضاف: "هذه الحوادث ترسل إشارة واضحة بأن الجبهة الداخلية في دول الناتو ليست في مأمن من أساليب الحرب الهجينة".