النهار
الإثنين 22 سبتمبر 2025 06:30 مـ 29 ربيع أول 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

منوعات

بعد«مجزرة نبروه».. خبير نفسي يفسر أسباب انتشار جرائم العنف الأسري

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي وتصدر الرأي العام الحديث عن المأساة البشعة التي ابكت العيون وهزت القلوب، بعدما أقدم أب على طعن زوجته عدة طعنات وقتل أطفاله الثلاثة وتخلص من حياته بإلقاء نفسه أمام أحد القطارات، ليفارق الحياة تاركا ورائه جريمة لا تنسى من الذكريات من شدة قسوتها وبشاعتها.

دارت تفاصيل هذه المأساة المروعة في منطقة نبروه في محافظة الدقهلية، وهزت الشارع المصري خلال اليومين الماضيين، فقد عاد الأب من عمله وتوجه إلي محل مستلزمات منزلية تعمل به زوجته وأغلق أبواب المحل وسدد عدة طعنات نافذه في جسد زوجته وكتب لها القدر النجاة وترقد الآن داخل المستشفى تصارع الموت، لم يتوقف الزوج عن مشاهد الإجرام وتوجه بعدها إلى المنزل، واستقبله أطفاله الثلاثة الذين تتراوح أعمارهم ما بين ال3إلى 10أعوام بفرحه وسعادة، قبل أن يفاجئهم بطعنات قاتلة أنهت حياتهم في لحظات مأساوية.

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالحديث عن هذه الجريمة البشعة، ونعى الاب أطفاله عبر صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي ،وارسل رسالة صوتية لأحد أفراد أسرته تم تداولها بشكل واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو يقول لأحد أقاربه انه قتل أولاده، وحل الفصل الأخير في المأساة التي رسمها الأب القاتل بالدم والقسوة، لينتهى بالتخلص من حياته والقاء نفسه أمام القطار لتتناثر اشلائه على قضبان السكة الحديد .

فتحت جهات التحقيق تحقيقات موسعة في هذه الواقعة لكشف ملابساتها وغموضها ، تواصل «النهار» مع خبراء علم نفس وأساتذة الطب النفسي للبحث عن الدوافع التي تقود الاب إلى قتل أبنائه ، وأسباب انتشار العنف الاسرى في المجتمع المصري وكيفية مواجهة ذلك .

وفي هذا السياق قال الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي، إن انتشار جرائم العنف الأسرى في المجتمع يرجع إلي الانحدار الثقافي والقيمي والمجتمعى بسبب انتشار الأعمال الدرامية الهابطة التي تحرض على العنف والبلطجة.

وقال د.جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، في تصريحات لـ«النهار» إن حوادث العنف الأسري والقتل تصرفات غريبة على المجتمع المصري، حيث أصبح يشهد انهيار السلوكيات والأخلاقيات المجتمعية الراسخة، وذلك بسب انتشار المخدرات وسلبيات السوشيال ميديا، وقلة الوازع الديني وضعف العلاقات الاجتماعية مع العائلة والأهل والجيران، على عكس ما كان يحدث في الماضي، بسبب الانشغالات الكثيرة، وشيوع مفهوم التدين الشكلي المرتكز على المظاهر الدينية دون العمل بجوهره، وربما الضغوط الاقتصادية .

وتابع فرويز: احنا كمجتمع مصري طول عمرنا محافظين على عادتنا وتقاليدنا وقيمنا منذ العهد المصري القديم، فدائمًا ما كنا نصف الشخصية المصرية بالشخصية النهرية، التي تتميز بالخير والحب والسلام.

مشيرا إلى أن ظاهرة العنف الأسري والخلافات الزوجية ستزيد في الفترة المُقبلة حال عدم التفتيش في أسبابها ومواجهتها .

وعّلق د. جمال فرويز، أستشاري الطب النفسي على مأساة قتل أب لأبنائه الثلاثة وإصابة زوجته في محافظة الدقهلية، مرجحاً أن الأسباب النفسية وراء إقدام أب على قتل زوجته وأطفاله ومن ثما الانتحار تحت عجلات القطار، موضحا أن الأب القاتل لربما كان يعاني من اكتئاب وضغط نفسي شديد جعله فاقد الشغف في الحياة وانعدام الرغبة في كل شئ ، فأن مثل هؤلاء الأشخاص يجدون الهروب والملاذ من هذا السبيل بالموت فيقدم على قتل أولاده وأحبابه، مؤكدا أن مهما كانت الأسباب والدوافع لا تبرر قتل النفس وإزهاق الأرواح ، وشدد على ضرورة أن يكون رب الأسرة شخص ومتزن قادر على مواجهة أي خلافات بهدوء دون تعصب، وضرورة تقوية الدوافع والوازع الديني في النفوس للتغلب على الشيطان وكبح النفس البشرية الأمارة بالسوء .

وتابع أستشاري الطب النفسي، أن من ضمن الأسباب النفسية الآخرى وراء مثل هذه الجرائم المروعة، فقد يكون بسبب ما يعرف بالعقل المجنون وهو الذي يُقدم على ارتكاب أي تصرف غير متوقع وصولا للقتل ، وربما بسبب الصراعات والتناحر الأسري بين الأزواج يدفع الي التخلص من الأسرة والانتحار .

وشدد علي ضرورة توعية المجتمع والأسر والعودة الي الثقافة المصرية الراسخة ، من خلال عقد ندوات مكثفة في المدارس والجامعات والمساجد والكنائس لتوعية الأسر و المقبلين علي الزواج، ونشر حمالات التوعية على شاشات التليفزيون ووسائل الإعلام المختلفة لتوطين العادات والتقاليد والقيم المصرية.

وأكد أستشاري الطب النفسي أن الآباء بحاجة إلي دورات تدريبية وتأهلية على كيفية التعامل مع الأبناء، واستخدام الوسائل المناسبة للعقاب، وتدريبهم على استيعاب مشكلات الأجيال الجديدة ومواكبة عصر التكنولوجيا.

واختتم استشاري الطب النفسي حديثه، مشددا أن على المجتمع أن يتكاتف ويتعاون لزيادة الوعي الديني والثقافي لدى الشباب، ونشر القيم الدينية والثقافية الصحيحة في المجتمع.

موضوعات متعلقة