النهار
الجمعة 19 سبتمبر 2025 01:48 صـ 25 ربيع أول 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
النيران تشتعل في سيارتين على الطريق الدائري.. والحماية المدنية تتدخل في اللحظة الأخيرة السفير عبدالله الرحبي يعلن تفاصيل الدورة الثالثة للمعرض الدولي للتمور والعسل 45 دولة وأكثر من 1300 عارض وعلامة تجارية يجتمعون في معرض الصقور والصيد السعودي الدولي جامعة طنطا تكرم أوائل الثانوية العامة من أبناء الغربية وتؤكد دعمها للمتفوقين الصحة تثقل مهارات الصحفيون الطبيون.. وورش مكثفة لتعزيز الوعي بالصحة الإنجابية ورؤية مصر 2030 سياسيون وأحزاب: البرلمان لن يشهد تغيرًا كبيرًا الفترة القادمة القائم بأعمال رئيس جامعة مدينة السادات يوجّه الشكر لوزير التعليم العالي ويؤكد مواصلة مسيرة التطوير شركة البناء العربي تُعلن عن خصومات حصرية 100 ألف جنيه لأعضاء النقابات المهنية بمعرض إسكان نقابة التجاريين برلماني: الوحدة الوطنية خط الدفاع الأول في مواجهة حملات التحريض والتشويه منصة إلكترونية جديدة لتسهيل إجراءات الحصول على الوحدات البديلة العالم على حافة الحرب: الصين تعلن خطوطها الحمراء وتضع أمريكا أمام معركة القرن ”كنز” تحتفل بثلاث سنوات من النمو والتأثير المجتمعي عبر حملتها الجديدة ”كنز تالت ومكمل”

عربي ودولي

العالم على حافة الحرب: الصين تعلن خطوطها الحمراء وتضع أمريكا أمام معركة القرن

في افتتاح منتدى شيانغشان الأمني، الذي بات يُعرف بالنسخة الصينية من مؤتمر "شانغريلا" الأمني في سنغافورة، ألقى وزير الدفاع الصيني دونغ جون خطابًا حمل لهجة غير مسبوقة. الوزير لم يكتف بالتحذير من التدخل في الشؤون الداخلية لبلاده، بل أكد أن العالم يقف عند مفترق طرق: "السلام أو الحرب، الحوار أو المواجهة". وأضاف أن قضية تايوان تمثل بالنسبة للصين جوهر الأمن القومي وركيزة الاستقرار الداخلي. وأوضح أن "جيش التحرير الشعبي ليس مجرد قوة عسكرية، بل هو درع التوحيد الوطني"، مؤكداً أن أي محاولة لفصل تايوان عن الصين ستواجه برد فوري وحاسم.

الصدام على أبواب تايوان

التحذيرات الصينية تأتي في وقت تتزايد فيه التحركات الأمريكية في المنطقة، إذ كثفت واشنطن وجودها البحري عبر نشر حاملات الطائرات في مضيق تايوان وإجراء مناورات مشتركة مع اليابان وأستراليا، تحت شعار "حرية الملاحة". بكين ترى أن هذه التحركات ليست سوى استفزاز متعمد ومحاولة لتقويض سيادتها. أما واشنطن، فتؤكد أنها ملزمة بحماية تايبيه بموجب "قانون العلاقات مع تايوان" لعام 1979، والذي يسمح بإمداد الجزيرة بالأسلحة الحديثة. في المقابل، تصر الصين على أن أي خطوة نحو استقلال تايوان قد تشعل مواجهة عسكرية كبرى، لتصبح الجزيرة الصغيرة ذات الـ23.4 مليون نسمة أخطر بؤرة صراع في العالم، بل "برميل بارود" قد يشعل حرب القرن.

بحر الصين الجنوبي.. صراع الموارد والنفوذ

لم تقتصر رسائل بكين على تايوان وحدها، بل امتدت إلى بحر الصين الجنوبي، الذي يشكل شريانًا اقتصاديًا عالميًا تمر عبره ثلث التجارة الدولية سنويًا. النزاع مع الفلبين حول جزر سبراتلي والمناطق الغنية بالنفط والغاز هناك تحوّل إلى ساحة مواجهة بحرية متقطعة. الصين أقامت جزرًا صناعية وعززتها بمدارج عسكرية ورادارات متطورة، فيما تتهمها واشنطن بتهديد الأمن البحري الإقليمي.وقد شدد وزير الدفاع الصيني على أن بكين لن تسمح بالمساس بـ"حقوقها التاريخية"، محذرًا من أن "القوة هي الحق" ستقود العالم إلى حكم الغابة. الرسالة واضحة: الصين مستعدة لحماية مصالحها حتى لو أدى ذلك إلى مواجهة مباشرة مع القوى البحرية الكبرى.

الاستعراض العسكري الصيني.. صدمة للغرب

العالم فوجئ في السنوات الأخيرة بتطور مذهل في الترسانة العسكرية الصينية. فقد كشفت بكين عن صواريخ فرط صوتية قادرة على ضرب أهداف على بعد آلاف الكيلومترات بسرعة تتجاوز خمسة أضعاف سرعة الصوت، وهو ما يجعل اعتراضها شبه مستحيل. كما أدخلت الطائرات الشبحية J-20 إلى الخدمة، في منافسة مباشرة مع المقاتلات الأمريكية F-35. أما البحرية الصينية فقد توسعت لتصبح الأكبر عالميًا من حيث عدد القطع، مع تدشين حاملات طائرات جديدة وغواصات نووية مزودة بصواريخ باليستية. هذه التطورات لم تعد مجرد استعراض قوة في العروض العسكرية، بل هي رسالة استراتيجية بأن بكين لم تعد قوة إقليمية فحسب، بل منافس عالمي قادر على تهديد الهيمنة العسكرية الأمريكية.

الحرب التجارية.. جبهة موازية

الصراع الصيني – الأمريكي لم يبق في حدود القوة العسكرية، بل امتد إلى الاقتصاد. فالحرب التجارية التي اندلعت عبر فرض رسوم جمركية على مئات المليارات من الصادرات الصينية، دفعت بكين إلى إعادة هيكلة اقتصادها. كما عززت الصين قدراتها التكنولوجية الذاتية، وضخت استثمارات ضخمة في قطاعات حيوية مثل أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة. ورغم الضغوط الأمريكية، تمكنت من الحفاظ على معدلات نمو قوية، وتوسيع حضورها في أسواق إفريقيا وأمريكا اللاتينية. هذا الصمود جعلها اليوم ليست مجرد "مصنع العالم"، بل قوة اقتصادية مستقلة تنافس الولايات المتحدة على قيادة الاقتصاد العالمي.

النفوذ الصيني واختراق العالم

عبر مبادرة "الحزام والطريق"، التي أطلقها الرئيس شي جين بينغ عام 2013، وسعت الصين نفوذها في قارات العالم. المبادرة شملت إنشاء موانئ ومناطق لوجستية في باكستان واليونان وسريلانكا، وتمديد خطوط سكك حديدية تربط آسيا بأوروبا. هذه الاستثمارات لم تكن اقتصادية فقط، بل مثلت أدوات نفوذ سياسي واستراتيجي، إذ باتت دول عديدة تعتمد على التمويل الصيني في مشروعاتها القومية. الغرب يرى أن المبادرة محاولة صينية لإعادة رسم خريطة النفوذ العالمي، فيما يعتبرها حلفاء بكين فرصة تنموية غير مسبوقة. النتيجة أن الصين تحولت من قوة صاعدة إلى قوة قائدة تُعيد صياغة قواعد اللعبة الدولية.

تصاعد النفوذ الصيني وضع الولايات المتحدة أمام مأزق غير مسبوق. فهي من ناحية لا تستطيع التراجع عن دعم حلفائها في آسيا والمحيط الهادئ، خشية أن تفقد مصداقيتها ونفوذها. ومن ناحية أخرى، تدرك أن الدخول في مواجهة عسكرية مع الصين يحمل خطر اندلاع حرب شاملة قد تؤدي إلى تراجع الاقتصاد العالمي وانهيار أسواق الطاقة والتجارة. الإدارة الأمريكية تجد نفسها بين خيارين: إما مواجهة مباشرة تحمل مخاطر لا يمكن السيطرة عليها، أو التوصل إلى صيغة "توازن قوى" جديدة تقبل بوجود الصين كلاعب رئيسي. هذه المعادلة تجعل واشنطن في اختبار تاريخي قد يحدد مستقبل القرن الحادي والعشرين.

منتدى شيانغشان.. منصة صينية بديلة

منتدى شيانغشان لم يكن مجرد منصة أمنية، بل رسالة سياسية موجهة إلى العالم. الصين أرادت من خلاله أن تقول إنها تمتلك بدائل للمؤسسات التي تهيمن عليها واشنطن. المنتدى يهدف إلى إظهار بكين كقوة مسؤولة تدعو للحوار والاستقرار، لكنها في الوقت ذاته لا تتنازل عن قضايا السيادة والأمن القومي. مقارنة بمؤتمر "شانغريلا" في سنغافورة، الذي يُعد منصة للغرب وحلفائه، فإن شيانغشان يمثل رؤية صينية لعالم متعدد الأقطاب، تسعى فيه بكين لتقويض الهيمنة الأمريكية التقليدية.

نحو عالم على حافة الانفجار

المشهد الدولي اليوم يبدو أكثر هشاشة من أي وقت مضى. تايوان قد تتحول إلى الشرارة التي تشعل مواجهة عسكرية مباشرة، بينما يشكل بحر الصين الجنوبي ساحة صراع محتملة على الموارد والنفوذ. الاقتصاد العالمي، المرتبط ارتباطًا وثيقًا بالممرات البحرية الآسيوية، سيظل رهينة لأي تصعيد عسكري. ومع دخول روسيا وإيران على خط التحالف غير المعلن مع الصين في مواجهة الضغوط الأمريكية، فإن السنوات القادمة قد تشهد إعادة صياغة كاملة للنظام الدولي. العالم يقف أمام خيارين: إما ولادة "قرن صيني" جديد قائم على تعددية الأقطاب، أو اندلاع حرب كبرى تغيّر ملامح العلاقات الدولية لعقود قادمة.