في ذكرى ميلادها.. سيدة الأناقة رجاء الجداوي.. ابتسامة لا تغيب

في مثل هذا اليوم، السبت، تحل ذكرى ميلاد الفنانة الكبيرة رجاء الجداوي، أيقونة الرقي والأناقة، التي حملت في ملامحها هدوء البحر، وفي ابتسامتها إشراقة الربيع، وفي أسلوبها بصمة لا تُنسى، لم تكن مجرد ممثلة تتقن أدوارها، بل كانت مدرسة متكاملة في الذوق والإنسانية، نجحت أن تحفر اسمها بذهبٍ خالص في سجل الفن المصري والعربي.
نشأت رجاء وسط أجواء فنية أصيلة، فهي ابنة شقيقة الفنانة الاستعراضية تحية كاريوكا، وكأن الفن كان يسكنها منذ طفولتها، ورغم انطلاقتها كعارضة أزياء، فإن موهبتها التمثيلية سرعان ما خطفت الأنظار، حيث اكتشفها المخرج هنري بركات، ليمنحها أولى فرصها السينمائية، فانطلقت منها لتصبح إحدى نجمات الصف الأول على مدى عقود طويلة.
قدمت الجداوي عشرات الأعمال التي رسخت مكانتها بين نجمات جيلها، فشاركت في أفلام خالدة مثل إشاعة حب مع سعاد حسني وعمر الشريف، والبيه البواب مع أحمد زكي، وحدوتة مصرية مع يوسف شاهين، كما تألقت في المسرح عبر أعمال لا تُنسى أبرزها الواد سيد الشغال والزعيم أمام عادل إمام، وعلى الشاشة الصغيرة، تركت بصمتها في مسلسلات مهمة مثل الرجوع إلى لا شيء، أحلام الفتى الطائر، وعوالم خفية.
لم تكن حياتها مجرد أدوار على الشاشة، بل كانت كتابًا مفتوحًا بالحب والوفاء، عُرفت بصداقتها العميقة مع الفنانتين ميرفت أمين ودلال عبد العزيز، حيث جمع القدر بينهن منذ سبعينيات القرن الماضي ليشكلن مثلثًا نادرًا من الصداقة في الوسط الفني، تحدثت رجاء أكثر من مرة عن تلك العلاقة، مؤكدة أن سر نجاحها كان البساطة والبعد عن التدخل في شؤون بعضهن، حتى صار كل لقاء بينهن مساحة من الفرح والونس.
لكن القدر كتب أن يفقد هذا المثلث ضلعه الأول برحيل رجاء الجداوي عام 2020 متأثرة بفيروس كورونا، ليترك غيابها فراغًا موجعًا في قلب صديقتيها، وبعد عام واحد فقط، لحقت بها دلال عبد العزيز، لتبقى ميرفت أمين وحيدة تحمل على كتفيها ذكريات عمر طويل جمع بينهن.
رحلت رجاء الجداوي، لكن الأناقة لم ترحل، والرقي لم يغادر، والدفء الذي زرعته في القلوب ما زال حيًا، سيبقى اسمها مرادفًا للجمال الهادئ والوفاء النادر، وستظل صورتها ابتسامة معلقة في ذاكرة الفن، تضيء كلما ذُكرت سيرتها، وكأنها تقول لنا: الفن بقاء.. والحب هو السر.