خبير عقاري: غياب الضوابط يهدد السوق المصري بفقاعة عقارية

قال الدكتور ماجد عبدالعظيم، خبير العقارات، إن السوق العقاري في مصر يمر بمرحلة حرجة قد تؤدي إلى انفجار "فقاعة عقارية"، نتيجة غياب الضوابط المنظمة للمطورين العقاريين والمغالاة المستمرة في الأسعار، وهو ما تسبب في حالة تباطؤ ملحوظة بحركة البيع والشراء خلال الفترة الأخيرة.
وأوضح عبدالعظيم أن الشركات العقارية لجأت مؤخرًا إلى تسهيلات غير مسبوقة في نظم السداد، حيث يتم تقسيط الوحدات على 12 و14 و15 عامًا، بعد أن كانت المدد لا تتجاوز 6 أو 10 سنوات في الماضي. كما ألغت بعض الشركات مقدمات الحجز، مكتفية بتحميل العميل القسط الأول مباشرة، بجانب تقديم هدايا غير معتادة مثل المطابخ والتكييفات والتشطيبات المجانية في محاولة لتحفيز العملاء، وهو ما يعكس حجم الأزمة التي يواجهها السوق.
وأشار الخبير العقاري إلى أن الارتفاع غير المنطقي في الأسعار يمثل السبب الأول وراء هذا التباطؤ، لافتًا إلى أن أسعار المتر وصلت في بعض المناطق مثل رأس الحكمة إلى نحو 900 ألف جنيه، ما يعني أن شقة مساحتها 200 متر قد تتجاوز قيمتها 200 مليون جنيه، وهو رقم لا يتناسب مع القدرة الشرائية الحقيقية للمواطنين.
وأضاف: "هناك شركات ترفع أسعارها بنحو 10 أو 20% كل شهر، لنجد في النهاية أن الأسعار ارتفعت 40% خلال نصف عام فقط، وهو معدل مبالغ فيه ويؤكد غياب الرقابة على تسعير السوق".
وانتقد عبدالعظيم بشدة ممارسات بعض المطورين الذين حصلوا على أموال العملاء منذ سنوات طويلة دون تنفيذ المشروعات أو تسليم الوحدات، مشيرًا إلى أن هناك حالات قائمة منذ عام 2016 و2017 في العاصمة الإدارية والساحل الشمالي والسخنة لم يتم تسليمها حتى الآن، على الرغم من التزام العملاء بسداد مستحقاتهم.
وقال: "المشكلة أن بعض المطورين تحولوا إلى نصابين، أخذوا أموال العملاء ولم يضعوا مسمارًا في الأرض، بل إن بعضهم هرب بالأموال إلى الخارج لشراء فنادق أو استثمارات أخرى".
وأكد أن هذه الممارسات لا تضر العملاء فقط بل تهدد سمعة مصر الاستثمارية، خاصة في ظل المقارنات مع أسواق مثل الإمارات وتركيا، حيث يتمتع المستثمر بضمانات قوية وقوانين صارمة تحميه، ما يجعل الكثير من المصريين يفضلون شراء العقارات هناك على الاستثمار في السوق المحلي.
كما لفت إلى وجود خلل واضح في هيكل المشروعات، إذ يتركز أغلب التطوير على الوحدات الفاخرة والفوق متوسطة، بينما يظل احتياج محدودي ومتوسطي الدخل بلا استجابة، مضيفًا: "كان من الضروري أن يُلزم المطورون بتخصيص جزء من مشروعاتهم للإسكان المتوسط ومحدودي الدخل، ولكن الآن أصبح التركيز على الفيلات والقصور والمولات فقط، وهو ما يفاقم أزمة السكن للشباب".
وشدد عبدالعظيم على أن استمرار هذا النهج قد يؤدي إلى نتائج كارثية على الاقتصاد الوطني، حيث إن القطاع العقاري من أكثر القطاعات كثافة في العمالة ويغذي أكثر من 100 صناعة مرتبطة بالبناء والتشطيب والفرش.
وقال: "عندما يتعرض هذا القطاع لهزة كبيرة فإن الصناعات المرتبطة به تتأثر مباشرة، ما يهدد بفقدان آلاف الوظائف وتراجع النمو الاقتصادي".
واختتم الخبير العقاري تصريحاته الخاصة لـ «النهار»، بالتأكيد على ضرورة وضع ضوابط وتشريعات جديدة تلزم المطورين بالربط بين التمويل والتنفيذ، على غرار العقود الثلاثية المطبقة في بعض الدول، والتي لا تسمح بالحصول على أموال العملاء إلا بعد تنفيذ مراحل محددة من المشروع. وأضاف: "من أمن العقاب أساء الأدب، ولذا لا بد من مواجهة هذه الثغرات القانونية قبل أن ينفجر القطاع في وجه الجميع"