أسامة شرشر يكتب: لن تسقط مصر.. والجيش والشعب يحميانها

هناك مخطط يتم بحرفية وبذكاء شديد جدًّا يقوده اليمين المتطرف الإسرائيلى، بقيادة نتنياهو وبالتنسيق مع كل الجماعات والميليشيات الإرهابية التى تم تجنيدها لتنفيذ هذا المخطط الأخطبوطى الخطير لحصار وتشويه الرئيس المصرى والجيش المصرى والدولة المصرية بمباركة ودعم لوجستى من ترامب شخصيًّا، الشيطان الأكبر الذى يريد القصاص، وحصار وتهميش دور مصر التى رفضت مخطط تصفية القضية الفلسطينية عبر الإبادة والتهجير بالإضافة إلى رفض الرئيس السيسى السفر إلى البيت الأبيض لمقابلة ترامب، فضلًا عن الإحراج الذى تسببت فيه الدولة المصرية للإدارة الأمريكية بتقديمها مشروعًا كاملًا لإعادة إعمار غزة.
ولا ننسى التنظيم الدولى للإخوان المنتشر فى أكثر من 70 دولة والذى يستخدم جهازه الإعلامى والإلكترونى القوى جدًّا والذى ينفق عليه مليارات الدولارات، فقط من أجل نشر الشائعات والأكاذيب ومحاولة ضرب الجبهة الداخلية لمصر معنويًّا من خلال فيديوهات وصور وأخبار مفبركة، بمساعدة لاعبين إقليميين ودوليين وأجهزة استخبارات، خاصة الموساد الإسرائيلى الذى وجد فى جماعة الإخوان فرصة لمحاولة تشويه صورة الدولة المصرية فى العالم، من خلال ادعاءات سخيفة برفض مصر إدخال المساعدات الإنسانية لغزة، فضلًا عن الحملة الممنهجة والمنظمة فى وسائل الإعلام الإسرائيلية والتى تشكو من تطور تسليح الجيش المصرى في سيناء.
وكررت إسرائيل شكواها لترامب بأن مصر هى حجر العثرة أمام تنفيذ المخطط الصهيونى القديم (من النيل للفرات) والمخطط الجديد (من النيل إلى إيران)، وأنها كانت السبب الرئيس وراء إفشال مخطط التهجير وتحويل غزة إلى (ريفييرا الشرق الأوسط)، وما زالت الحملات مستمرة من خلال تظاهرات فاشلة أمام السفارات المصرية فى تل أبيب وواشنطن وبعض العواصم الأوروبية، خاصة بعد أن قامت مصر بما لديها من ثقل سياسى وثقة لدى الاتحاد الأوروبى بترتيب الزيارة التاريخية للرئيس الفرنسى ماكرون إلى معبر رفح، وهى الزيارة التى تبعها إعلان فرنسا نيتها الاعتراف بدولة فلسطين فى الأمم المتحدة فى سبتمبر القادم، وهذا كان الإعلان الذى يمثل هدمًا للسد؛ فبعدها بدأت الدول الغربية إعلان نتيها الاعتراف بالدولة الفلسطينية أيضًا، مثل كندا وأستراليا وفى الطريق إنجلترا.
وهذا ما جعل ترامب يفقد صوابه وعقله، وجعل اليمين المتطرف يحاول زرع الفتن والشائعات واستغلال الظرف الاقتصادى لضرب مصر بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة، ومحاولة الزج بها فى قفص الاتهام، رغم ما قدمته الدولة المصرية من مواقف عملية، ورفضها كل محاولات التهجير وتصفية القضية الفلسطينية.
ولكن هذه المخططات ستبوء بالفشل لأنهم لا يدركون أن مصر ليست مجرد دولة ولكنها أمة لها تاريخ وجغرافيا وحضارة ممتدة فى جذور التاريخ.. فالشعب المصرى عنيد ولا أحد يستطيع فك جيناته وشفراته المرتبطة ارتباطًا عضويًّا بالأرض، وهذا ليس بجديد على هذا الشعب العظيم، منذ أيام الدولة المركزية فى مصر القديمة، فالأرض بالنسبة للمصريين إحدى أهم المقدسات، التى لا يسمح لأى قوة مهما كانت قدرتها العسكرية أن تقترب منها، بل إن الشعب المصرى بعدده البالغ 120 مليون مواطن، سيجعل من نفسه جدارًا عازلًا قبل المساس بأرضه، وينتظر فقط إشارة البدء للدفاع عن الحدود المصرية والأمن القومى المصرى، ويقدم دعمًا لا محدودًا بل مطلقًا لخير أجناد الأرض من رجال القوات المسلحة المصرية، المتيقظين لكل الألاعيب والخطط الإسرائيلية، وإسرائيل تعلم ذلك ولهم فى حرب 1973 عبرة وعظة، فلم يستطع خط بارليف أن يمنع خير أجناد الأرض من تحقيق النصر، واستطاع الوعى الجمعى المصرى والإرداة المصرية العبور وإعطاء الكيان الصهيونى رسالة لن ينساها أبد الدهر، مهما حاولوا تزوير التاريخ واستخدام الذكاء الاصطناعى والغباء الإنسانى لتشويه الحقائق كما يفعلون الآن من خلال التعاون مع مافيا الإخوان لإعادة رسم خريطة جديدة فى المنطقة وهدفهم الأكبر هو محاولة إسقاط مصر، ولكن هيهات.
فلذلك نطالب الدولة المصرية بضرورة تفعيل وسائل الإعلام المصرية الموجهة للداخل الإسرائيلى، من خلال إعلاميين مدربين، وكذلك إعادة ضبط منظومة الإعلام المصرية المحلية لإحداث نوع من التعبئة للجبهة الداخلية، كما يجب إعادة تفعيل المكاتب الإعلامية لهيئة الاستعلامات المصرية فى الدول الفاعلة مثل فرنسا وألمانيا وإنجلترا للرد على أى شائعات بالأدلة والبراهين من خلال فيديوهات للمواطن المصرى والتواصل مع الجاليات المصرية المنتشرة فى العالم؛ لأنها ستكون رئة إعلامية حقيقية للرد على كل أكاذيب الجماعات الظلامية.
كنت قد اقترحت فى البرلمان أن يقوم رجال الأعمال المصريون بعمل منصات إلكترونية وقنوات فضائية باللغتين الإنجليزية والفرنسية تخاطب المواطن فى الخارج لتكون حائط صد ودرعًا للدولة المصرية واستخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعى لمحاربة هذه الميليشيات بنفس الأدوات والطرق التى يستخدمونها، مع استغلال الظرف التاريخى حاليًّا فى الدول الأوروبية وأمريكا، لتنفيذ اعتبار جماعة الإخوان جماعة إرهابية على أرض الواقع.
ويجب أن تلعب لجان مجلس النواب القادم دورًا برلمانيًّا كبيرًا سواء في الكونجرس الأمريكى أو فى نظيره الفرنسى أو الألمانى أو الإنجليزى لكشف هؤلاء المرتزقة وفضحهم أمام العالم.
وأنا أتساءل: لماذا لم يتم حتى الآن تسليم العناصر الإرهابية الإخوانية الهاربة فى تركيا، رغم عودة العلاقات بين مصر وتركيا وآخرها زيارة وزيرة الخارجية التركى منذ أيام للقاهرة، ورغم أن هذه العناصر صادر بحقها أحكام من القضاء المصرى؟
أعتقد أن الدبلوماسية المصرية سيكون لها دور كبير خلال الأيام القادمة فى تجفيف منابع الأفكار والنشطاء والخلايا الإرهابية فى إسطنبول وأنقرة، واستغلال العلاقة المتميزة مع أردوغان والحكومة التركية لتسليم هؤلاء المتهمين بمحاولة زعزعة استقرار الأمن الداخلى المصرى، فهذه العناصر بدأت مؤخرًا الترويج لنظرية حصار مصر للشعب الفلسطينى فى غزة، مع التركيز على معبر رفح رغم وجود 6 معابر أخرى لغزة قام الكيان الصهيونى بإغلاقها جميعًا، ولكن كل ذلك هدفه محاولة إحراج الدولة المصرية.
ولماذا لا يتم التنسيق مع جمعية المراسلين الأجانب الموجودة فى القاهرة، وتنظيم زيارة لهؤلاء المراسلين مع الشاحنات المصرية المحملة بالمساعدات إلى غزة، لنقل الصورة كاملة متكاملة من معبر رفح إلى الرأى العام العربى والدولى؟!.
والتساؤل المهم: لماذا لا يتم دعوة ترامب لزيارة معبر رفح مثل ماكرون؟!
أعتقد أن هذا لن يحدث، ولكن أبسط الأشياء أن يقوم ويتكوف المبعوث الأمريكى للمنطقة بزيارة معبر رفح مثلما زار غزة.
فإذا كانت دبلوماسية العقارات والصفقات هى التى تدير العالم، فيجب التعامل معهم بنفس المنطق والفكر، والتوضيح لهم تمامًا أن مصر ليست صفقة ولن تكون أبدًا صفقة، بل ستظل هى حائط الصد للأمن القومى العربى وللقضية الفلسطينية، وستظل ترفض التهجير أو تصفية القضية مهما كانت الإغراءات الاقتصادية أو السياسية، فمصر لن تخون فلسطين مثلما يخونها بعض الأشقاء للأسف الشديد.
التاريخ والأجيال القادمة ستتوقف كثيرًا أمام حرب غزة وألغازها، وسيُحاكَم أشخاص ودول كثيرة على موقفها من الحرب.
وأخيرًا أطالب بإقامة قمة عربية إسلامية طارئة فورًا لمواجهة هذا الاختراق الذى لم يحدث مثله من قبل فى غزة.. متى يجتمعون؟ عندما يتم تصفية شعب غزة؟!
وعجبى.