أسامة شرشر يكتب: المجاعة فى غزة إلى أين؟!

لم يحدث فى تاريخ الإنسانية أو البشرية، حتى فى الحرب العالمية الثانية، أن تعرَّض شعب لأبشع أنواع الإبادة كما حدث للشعب الفلسطينى فى غزة.
ولكن الكارثة الكبرى أنه لأول مرة فى التاريخ، أن تكون هناك سياسة ممنهجة لتجويع 2 مليون إنسان، دون أن تتحرك مشاعر العالم العربى أو الإسلامى أو الغربى استجابة لصرخات الأطفال الذين يموتون جوعًا من قلة الدواء والغذاء والمياه، أو النساء اللاتى لم يجدن ما يستطعن أن يُطعمن أبناءهن به، أو الرجال الذين قُتلوا أثناء تتاول كيس من الدقيق، ولكن الأمل بدأ يوم الأحد، عندما أرسلت مصر أول مساعدات إنسانية حقيقية تدخل إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم، بعد شهور من إغلاق الاحتلال الإسرائيلى المعابر من الجانب الفلسطينى، وكأن طاقة الخير جاءت من شعب مصر العظيم لتواسى أبناء غزة والضفة وفلسطين والقدس الحبيبة فى معاناتهم ومأساتهم التى عاشوا فيها شهورًا طويلة.
كل هذا يجرى، وجاءت إلينا «حسم» إحدى أدوات الإخوان الإرهابية التى وجدت ضالتها الكبرى، وحاولت أن تشيع أمام العالم أن مصر هى السبب فى منع المساعدات عن أهل غزة، بل الأمرّ من ذلك أنها وافقت على تهجير أهل غزة. هذه العناصر الإجرامية الظلامية أردات أن تستغل هذه الأحداث لبث شائعات وأكاذيب وتضليل باستخدام السوشيال ميديا ووسائل الإعلام الغربية، وللأسف الشديد لم نتخيل لحظة أن بعض الأشقاء سيساهمون فى هذه الحملة الإسرائيلية الأمريكية الصهيونية لمحاولة هدم الأمن والأمان داخل مصر، ولكن مصر كبيرة، وأكبر دولة فى منطقة الشرق الأوسط، وقدرها أن تتعرض لهذه الشائعات، وهذا شىء إيجابى؛ فدائمًا الكبار يُقذفون بالحجارة ولكن الصغار سيظلون صغارًا مدى الحياة، وانفضحت هذه الأكاذيب والمحاولات اليائسة بعدما استطاع رجال الشرطة وأمن الدولة المصرى أن يحبطوا المخطط الإرهابى الإجرامى لمحاولة إحداث البلبلة داخل المجتمع المصرى، فرجال الشرطة المصرية يسهرون الليل وينسقون مع رجال المخابرات العامة لحفظ الأمن الخارجى والداخلى لوقف من يفكر أفرادًا أو جماعات إرهابية ظلامية أو ميليشيات أو دولًا فى الاقتراب من مصر.
وفى نفس التوقيت الذى يبذل فيه جهاز المخابرات المصرى العظيم بالتنسيق مع قيادات قطر، جهدًا ضخمًا فى أصعب مفاوضات جرت فى التاريخ، لوقف حرب الإبادة الإسرائيلية بحق شعب غزة، نجد أن بعض المتربصين يرمون الاتهامات يمينًا ويسارًا، والغريب أن هؤلاء الأشخاص بالذات لم يوجهوا اتهامًا واحدًا بحق الكيان الصهيونى المتطرف الذى يقول للعالم سأغير خريطة الشرق الأوسط إلى دويلات فى خطة تم رسمها فى البيت الأبيض بمباركة ترامب، وما يجرى فى سوريا هو أكبر دليل وسيعقبها لبنان والضفة الغربية.
كل هذا يجرى بسرعة الصاروخ ونحن كعرب ما زلنا صامتين- بل وبعضنا داعم- لهذا المخطط الإسرائيلى الأمريكى الصهيونى الإخوانى، ووسط هذا النفق المظلم تكون أول إشارة أمل رغم الضباب والفزع والخوف والمجاعة والقتل والإبادة للأطفال والنساء، بإعلان الرئيس ماكرون اعتراف فرنسا بدولة فلسطين فى سبتمبر القادم أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ مما زلزل الكيان الإسرائيلى والأمريكى، وكان الأمر مفاجأة من ماكرون حتى لو كان كلامًا ولن يترجم على الأرض، ولكن ذلك سابقة فى هذا التوقيت تعطى دلالات ومؤشرات أن إحدى الدول الخمس الكبرى فى مجلس الأمن تعترف بفلطسين وأتوقع أن يعقبها إنجلترا وألمانيا والصين وروسيا وكثير من دول العالم.
فهذا التصريح يمثل زلزالًا سياسيًّا أفقد النتنياهو توازنه وأعلن أن ماكرون يدعم حماس والإرهابيين فى غزة، وها هو المخطط ينكشف لحظة بعد لحظة.. ألا يفيق العرب ويسيرون خلف مصر التى أعلنت أن هناك خطة لإعادة إعمار غزة بعقول وأفكار وسواعد مصرية؟ بدلًا من الخيمة الكبيرة التى أرادوا أن ينصبوها فى رفح الفلسطينية لتكون مسمارًا على الحدود مع مصر كما يجرى العمل فى الضفة الغربية لتكون مسمارًا آخر مع الأردن.
وها هى الرؤية المصرية تسير فى اتجاهها الوطنى الذى تحملت من أجله دماء أبناء القوات المسلحة المصرية، فمصر دفعت الثمن غاليًا رغم أكاذيب المغرضين والأقزام الذين حاولوا ويحاولون وسيحاولون أن يقللوا من دور مصر من خلال الشائعات والأكاذيب، ولكن الجيش المصرى جاهز ومستعد لأى تغيرات ومتغيرات، وستكون مواجهة لم يشهدها التاريخ من قبل، فالجيش المصرى يحظى بدعم 120 مليون مصرى، يباركون خطواته.
ودعونا لا ننسى دور الخارجية المصرية من خلال وزيرها المكوكى بدر عبد العاطى ورجال الخارجية المصرية فى كل سفارات العالم المتيقظين لكل الدعوات المشبوهة ضد سفاراتنا فى الخارج، فهم يعملون على وأد هذه الأكاذيب والدعوات المشبوهة ونجحوا واستطاعوا أن يشرحوا للعالم أفعالًا وليس أقوالًا ما تقوم به مصر من دعم لشعب غزة الأبية، وها هى المساعدات الغذائية المصرية تدخل غزة، نتيجة تحرك المجتمع الدولى لأول مرة، حتى إن منظمة الأونروا قالت إن مصر والأردن، دول الجوار مع فلسطين، جاهزتان لإدخال المساعدات الطبية والغذائية والدوائية والوقود لكن إسرائيل مدعومة بأمريكا تعرقل دخول مساعدات مصر، خاصة أنهم يحاولون تصوير مصر أمام العالم أنها سبب عدم دخول المساعدات، ولكن سفير مصر فى الأمم المتحدة استطاع أن يكشف ويفند هذه الأكاذيب أمام مجلس الأمن، فالعالم يحترم دائمًا صوت مصر وقرارها؛ لأن مصر تدعم الآخرين وليس لها أطماع فى الأرض أو غيرها، لأن قدرها أن موقعها الجغرافى وتاريخها وعلماءها وأزهرها وكنيستها الوطنية ينشرون السلام فى ربوع العالم.
يا سادة، مصر دولة كبيرة جدًّا جدًّا.. فمن أراد أن يتعلم الدرس فليقترب منها ومن جيشها وشعبها، وستكون المواجهة خير دليل على أن هذا الوطن العظيم له سيف ودرع قادران على حمايته من أى عدو، وله شعب يفدى وطنه بروحه.
فلذلك نحذر من يحاول أن يحيك المؤامرات ضد مصر عليه أن يفيق.. التاريخ لن يرحم أحدًا والأجيال المصرية القادمة لن تغفر له.
ولا أملك إلا أن أقول فى النهاية:
(ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين)
فأهلها فى رباط إلى يوم الدين.