عقب أحداث المشاجرة.. اللواء رأفت الشرقاوي: ”الساحل الشرير تاني”

قال اللواء رأفت الشرقاوي مساعد وزير الداخلية السابق للأمن العام إن العنف الذى استشرى فوق هذه الأرض الطيبة لا يحتاج إلى نص قانونى فحسب ولا إلى حكم قضائي فحسب حتى ولو عوقب الجناة بأقصى عقوبة بل يستوجب وقفة مجتمعية بكافة صورها ، وتقتضى ايضآ العودة بنا الى أخلاق ونبل المصريين بكافة الأشكال والصور فالضرر لن يصيب فرد بل سيصيب المجتمع بأسره .
وأضاف: "عنف غير مبرر وغير معقول لأى سبب من الاسباب حيث وعقت مشاجرة عنيفة أو مشاجرة طحن حسبما يحلو لهذا الجيل تسميتها بين بعض الاشخاص بأحدى القرى السياحية بمحافظة مطروح ، استخدمت فيها كل الألفاظ التى لا تليق ومشاهد العنف الغير سوية".
وتمكنت وزارة الداخلية من ضبط طرفى المشاجرة وكشفت ملابسات مقطع الفيديو الذى تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي،ويتضمن وقوع مشاجرة بين مجموعة من الأشخاص داخل إحدى القرى السياحية بمحافظة مطروح.
وأوضحت الوزارة في بيان لها ، أن الفحص كشف أن الحادث وقع بتاريخ 9 يونيو الجاري، حيث تلقى قسم شرطة العلمين بمديرية أمن مطروح بلاغًا بحدوث مشاجرة داخل إحدى القرى السياحية بدائرة القسم. المشاجرة دارت بين طرف أول يضم 3 أشخاص (أحدهم مصاب بجروح وكدمات متفرقة)، وطرف ثانٍ يضم شخصين. وقد تعدى كلا الطرفين على الآخر، مما أسفر عن إصابة أحد أفراد الطرف الأول.
كما تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط طرفي المشاجرة في حينه، وبحوزة أحدهم رادع شخصي (أداة صوتية) استخدم في ارتكاب الواقعة. وبمواجهتهم، اعترف المتهمون بارتكاب الواقعة على النحو المذكور، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وتولت النيابة العامة التحقيق.
وأوضح اللواء رأفت الشرقاوي: "كلمة الضمير كانت دائما ما تطرق أسماعنا, فتارة ما كنا نسمع فين ضميرك.. انت ضميرك مات.. راعي ضميرك.. خلي عندك ضمير لم نعد نسمع شيئا عن كلمة الضمير, وكأنها سقطت من قاموسنا. فالضمير هو محاسبة الإنسان لنفسه بعد التمييز والاختيار بين الأخلاقي و اللا أخلاقي,والحلال والحرام, والخطأ والصواب, فيشعر بالرضا والارتياح لاتفاق أفعاله مع الأخلاق و القيم والدين, ويشعر بعدم الرضا تأنيب الضمير اذا شعر أن أفعاله لا تتفق أو تتناقض مع الدين والقيم والأخلاق. والضمير اما أن يكون حيا ويحمل صاحبه صفات حميدة وهو يحاسب النفس الإنسانية عن فعل قام به, واما أن يكون ميتا ويحمل صاحبه صفات خبيثة ولا يسمع إلا صوت نفسه ولايعرف الحساب. حين يموت الضمير الانساني تنقلب الموازين وتستباح الحرمات ونعيش في مجتمع بلا قيم وأخلاق, لذا نحتاج وبسرعة لإيقاظ الضمير, بالفعل تنبهت الدولة في الأونة الأخيرة لخطورة وتفاقم مشكلة الضمير".
ولفت إلى أن فكرة الضمير الإنساني اختلف حولها الفلاسفة والمفكرون علي اختلاف العصور, فهناك من يري أن الضمير فطري يولد مع الإنسان, والبعض الآخر يري أنه يكتسب من العادات والتقاليد والأديان. لكن حقيقة الأمر أن الضمير الإنساني له تواجد بين هاتين الفكرتين, فهو فطري يخلق داخل البشر ليستشعروا الصواب والخطأ في أفعالهم, فإذا اقترف الإنسان القتل فإنه يري ما يترتب علي ذلك من دمار وخراب, ويتخيل نفسه في موضع القتيل ليتعلم أن القتل خطأ, ومن جانب آخر الضمير مكتسب من حيث المحددات الأخلاقية و اللا أخلاقية, والحرام والحلال والصواب والخطأ.
وأشار إلى أن مسألة الضمير تعود لعدة أسباب, أهمها انتشار العنف بصورة كبيرة في المجتمع ما أدي للاعتياد عليه, وعدم الجزع من نتائجه, فموت الطفل محمد الدرة في الانتفاضة الفلسطينية مثلا أثار حفيظة العالم, ومع توالي سقوط الشهداء اعتاد العالم رؤية هذا المشهد ولم يعد حدوثه يحرك ساكنا, وأصبح الضمير كما أطلق عليه هربرت ماركينوز الضمير السعيد الذي يتعامل مع الواقع كما هو, ويتقبله بقبحه وعنفه, ولا يعترض عليه أو يشارك في تغييره, وهذا ما نخشاه في واقعنا المعاش أن نعتاد العنف ويصبح الاستثناء قاعدة, ثم يأتي العقاب غير المنجز بتأخر الأحكام القضائية لأوقات طويلة, وهو ما يؤدي لنسيان الحدث وفقدان قيمته, أو بصدور أحكام غير رادعة.
مؤكدا على أن الضمير الإنساني هو تفاعل الأبعاد الدينية والقانونية والاجتماعية, فالدين يوضح حدود الأخلاقي و اللأخلاقي, والحلال والحرام, والقانون يمثل العقاب والثواب علي من يخالف نصوص القانون, والاجتماعي يؤثر في قبول المجتمع أو نبذه السلوك الإنساني السوي أو المنحرف حيث يؤثر في الانسان قبول المجتمع أو لفظه له, والبعد الثقافي والفني الأهم لتأثيرهما المباشر السريع علي فقدان أوعودة الضمير المجتمعي, فالأعمال الفنية والدرامية التي تبالغ بإظهار سلبيات المجتمع دورها محدود للغاية, فينبغي أن يقدم الفن ملامح المثل وما ينبغي أن يكون عليه الانسان, لا أن يقتدي بنماذج البلطجة والإدمان والعهر التي يجسدها البعض باعتبارها صورة المجتمع المصري بمبالغة وابتذال, وحتي لا تصبح الأعمال الفنية مجرد وسيلة لتحقيق إيرادات عالية. وعليه يجب أن يكون هناك مشروع قومي تتبناه الدولة والمؤسسات الثقافية والإعلامية والفنية ينتج فنا راقيا يخدم القيم المجتمعية الراقية التي نطمح لنشرها في مجتمعنا, وقيام الاعلام بدوره البالغ الأهمية, لمنع ظهور النماذج السيئة والتعامل معهم علي أنهم نجوم المجتمع, لعدم خلط الأوراق لدي المشاهد, ويجب عليه إظهار نماذج مشرفة لرموز المجتمع الناجحة, وتنقية الرؤية تجاه ما ينبغي أن يكون عليه الإنسان والمجتمع, لتحقيق صحوة الضمير الإنساني.
كما أن هناك أناسا ضميرها مات, وغيرهم مازال يتمتع بضميره حيا, وكما هو معروف فإن مصر القديمة أول من وضعت أسس الضمير الإنساني, كما اثبت كتاب فجر الضمير للمؤلف جون بريستد, واعتبر قدماء المصريين أن الضمير قانون يحكم العلاقات الإنسانية, ويتحكم بميزان الصواب والخطأ الذي يحكم تصرفات الإنسان عامة, وكذا القوانين التي تنظم المجتمع, وعلاقات الآباء بالأبناء, والناس ببعضهم البعض, وعملية الثواب والعقاب في الدنيا والآخرة, والحضارة المصرية سبقت كل الديانات في هذا, وتبين نقوش مقبرة سيتي رحلة الإنسان في الدنيا والآخرة, وفكرة الثواب والعقاب برسم الميزان رمز العدالة, والموازنة بين حسنات المرء وسيئاته قبل آلاف السنين, كأساس للضمير.