ماهر مقلد يكتب: صدمة بكين من واشنطن

لم يجد المتحدث باسم السفارة الصينية فى مصر كلمة تعبر عن طبيعة العلاقات بين واشنطن وبكين سوى كلمة صدمة.
ففى بيان يعكس طبيعة المواجهة وهوة التباعد بين الجانبين تناول المفاوضات الاقتصادية والتجارية رفيعة المستوى بين الصين والولايات المتحدة وانتقد الإدارة الأمريكية الجديدة، لاتخاذها عددا من القرارات التى اعتبرها تشكل صدمة خطيرة للعلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين والولايات المتحدة، وانتهاكًا صارخًا للنظام الاقتصادى والتجارى الدولى، وتحديًا كبيرًا للانتعاش الاقتصادى العالمى.
ولم يتوقف تصريح المتحدث باسم السفارة الصينية بمصر عند هذا الحد بل اعتبر أن بلاده ردت بالحزم الواجب وفقًا للمبادئ الأساسية للقانون الدولى والأحكام المعنية فى القوانين واللوائح المحلية، من أجل الدفاع عن مصالحها المشروعة.
فى الآونة الأخيرة، ترى الصين أن القيادة الأمريكية تحدثت كثيرا عن تعديل إجراءات الرسوم الجمركية، وبادرت إلى إرسال الرسائل إلى الجانب الصينى عبر قنوات متعددة، تعبيرا عن الرغبة فى التفاوض مع الصين بشأن الرسوم الجمركية وغيرها من الملفات. والجانب الصينى أجرى تقييما شاملا لهذه الرسائل من الجانب الأمريكى، وقرر الموافقة على الاتصال مع الجانب الأمريكى، بعد المراعاة الكاملة لتطلعات دول العالم والمصالح الصينية ودعوات رجال الأعمال والمستهلكين الأمريكيين.
وترى بكين إذا أراد الجانب الأمريكى استمرار الحرب الجمركية، ستقاتل الصين حتى النهاية؛ وإذا أراد التفاوض، ستفتح الصين الباب على مصراعيه. فى كلتا الحالتين، لن تغير الصين عزيمتها على حماية مصالحها التنموية، ولن تغير موقفها وهدفها المتمثل فى الدفاع عن العدالة والإنصاف الدوليين والحفاظ على النظام الاقتصادى والتجارى الدولى. ويجب أن يقوم الحوار على أساس الاحترام المتبادل والتشاور المتساوى والمنفعة المتبادلة. وإذا أراد الجانب الأمريكى حل المشاكل عبر التفاوض، فيجب عليه إظهار النية الصادقة وتصحيح تصرفاته الخاطئة، وبذل جهود مشتركة مع الصين لمعالجة انشغالات الجانبين عبر التشاور المتساوى ولفا إلى أنه إذا لم تتطابق أفعاله مع أقواله، أو حاول استخدام المفاوضات كغطاء لمواصلة التهديد، فلن تتراجع الصين بأى حال من الأحوال، ولن تسعى للتوصل إلى أى صفقة على حساب المبادئ الأساسية والعدالة والإنصاف الدوليين.
مهما تغيرت الأوضاع الدولية، ستلتزم الصين، بثبات، بتوسيع الانفتاح، وستواصل الجهود لصون نظام التجارة متعددة الأطراف المتمحور حول منظمة التجارة العالمية، ومشاركة فرص التنمية مع كافة دول العالم. فى هذا السياق، تحرص الصين على العمل مع مصر وغيرها من الدول العربية، على تعميق التعاون متبادل المنفعة وتعزيز التواصل والتنسيق، والتصدى للحمائية الأحادية وتصرفات الهيمنة والتنمر، والحفاظ على التجارة الحرة والتعددية، وتعزيز العولمة الاقتصادية القائمة على الشمول والمنفعة للجميع.
تلك هى صورة الموقف الصينى، فما الذى تنتوى الولايات المتحدة أن تفعله؟ هل تستمر هذه القرارات أم تكون هناك حلول وسط تضمن للبلدين ودول العالم التفاوض وفق شروط عادلة وتحافظ على طبيعة علاقات التبادل التجارى دون انفراد دولة بقرارات تؤثر على حركة التبادل التجارى؟!.
بكين فى هذا الملف تتصرف بموقف واضح ويعارض تمامًا التوجهات الأمريكية وهناك رؤية صينية عامة بأن سقف الحديث حول هذا الملف لا يحتمل المهادنة أو العبارات الدبلوماسية وهذا ينعكس فى التصريحات الرسمية التى تصدر عبر السفارات الصينية فى مختلف دول العالم.
هذا الأمر لا يحتاج إلى تفسير للموقف القوى للصين فهو دفاع عن اقتصاد دولة وبالأحرى هى حرب اقتصادية مفتوحة يجب أن تكون نتائجها عادلة، والحكمة تقتضى أن تكون المفاوضات هى الحل.