النهار
الإثنين 5 مايو 2025 03:21 صـ 7 ذو القعدة 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

تقارير ومتابعات

ثورة الذكاء الاصطناعي في العلاج النفسي... دعم وهمي أم خطر حقيقي؟

مع تصاعد الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية، برز "شات جي بي تي" كأداة حديثة يجد فيها الكثيرون متنفسًا للفضفضة والهروب من ضغوط الواقع. ورغم قدرته المحدودة على تقديم دعم عاطفي أولي، يحذر خبراء الطب النفسي من مخاطره النفسية الخفية، مؤكدين أن لا شيء يمكن أن يعوض دور الطبيب النفسي الحقيقي.

يؤكد الأطباء أن الذكاء الاصطناعي عاجز عن القيام بالدور العلاجي الكامل الذي يتطلبه التشخيص الدقيق للحالات النفسية. فالطبيب النفسي يعتمد على فحوصات وتحاليل متخصصة لرصد الاضطرابات العضوية بالمخ، وهي أمور لا يستطيع شات جي بي تي أو غيره من تطبيقات الذكاء الاصطناعي التعامل معها. بل ويحذر الخبراء من أن الإفراط في التحدث مع برامج المحادثة قد يزيد من مشاعر العزلة، ويؤدي إلى تفاقم الاكتئاب، بل وتسريع ظهور أعراض الفصام لدى بعض الأشخاص المعرضين لذلك.

قال الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي، إن شات جي بي تي غير قادر على تقديم علاج نفسي حقيقي. وأوضح أن الطب النفسي الحديث يعتمد على تشخيص عضوي دقيق يشمل الفحوصات السريرية وتحاليل اضطرابات النواقل العصبية مثل الدوبامين، ولم يعد العلاج مجرد فضفضة فوق "شيزلونج" كما في الماضي. وأكد أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون بديلاً لبعض الأخصائيين الذين يكتفون بالاستماع إلى مشاكل المرضى دون تقديم علاج طبي حقيقي، لكنه لا يغني أبدًا عن الطبيب المختص الذي يقوم بتشخيص ورصد الاضطرابات الخطيرة ويصف العلاج المناسب بناءً على تحاليل دقيقة.

كما حذر فرويز من خطورة ترك المرضى في يد الأخصائيين أو الاعتماد على برامج الذكاء الاصطناعي دون إشراف طبي، مؤكدًا أن عدم التدخل الطبي المبكر قد يؤدي إلى تفاقم الحالات المرضية مثل الوسواس القهري والهلاوس واضطرابات التفكير.

وأكد الدكتور محمد حمودة، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، أن الاعتماد المفرط على التحدث مع شات جي بي تي قد يؤدي إلى تفاقم مشاعر الوحدة والعزلة، لكون التواصل يتم مع كيان غير حقيقي. وأشار إلى أن هذا النمط من التفاعل قد يسهم في زيادة أعراض الاكتئاب، بل وقد يسرع ظهور بوادر الفصام لدى الأشخاص المعرضين لذلك. وأوضح أن نصائح الذكاء الاصطناعي لا تعدو كونها تجميعًا لمحتوى الإنترنت، ولا ترقى إلى مستوى الدعم العلاجي الذي يقدمه المعالجون النفسيون المؤهلون، مشددًا على أن الإفراط في الاعتماد على التكنولوجيا بديلًا للعلاج البشري قد يؤدي إلى نتائج عكسية وخطيرة.

وفي إطار التوسع المستمر في تطبيقات التكنولوجيا الحديثة بمجال الرعاية الصحية، أطلقت وزارة الصحة والسكان المصرية مبادرة مبتكرة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتقديم خدمات الدعم النفسي وعلاج الإدمان عن بُعد، عبر منصة إلكترونية هي الأولى من نوعها في منطقة شرق المتوسط.
لم تعد خدمات الدعم النفسي مرتبطة بالحضور الشخصي داخل العيادات كما كان معتادًا، بل أصبح بمقدور الأفراد من مختلف الأعمار التواصل مع معالجين نفسيين عبر جلسات افتراضية تُعقد عبر الإنترنت. وقد لاقت هذه الخطوة تفاعلًا كبيرًا، حيث تجاوز عدد مستخدمي المنصة 110 آلاف شخص، وتم إجراء أكثر من 15 ألف جلسة علاجية افتراضية حتى الآن.
تعتمد المنصة على تكنولوجيا التقييم الذكي، من خلال استبيانات إلكترونية دقيقة لقراءة الحالة النفسية للمستخدمين، وقد جرى استكمال أكثر من 28 ألف استبيان حتى اليوم. بالإضافة إلى ذلك، تقدم المنصة خدمات إضافية تشمل صرف الأدوية مجانًا وفق تقييم الحالة الطبية

موضوعات متعلقة