الثلاثاء 21 مايو 2024 01:00 صـ 12 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
الهيئة السعودية للسياحة تطلق برنامج الصيف بأكثر من 550 منتج سياحي و150 عرض خاص قادة الدول العربية يقرون اختيار الرياض مقرًا لـ‎مجلس وزراء الأمن السيبراني العرب خلال القمة العربية ال (33) في البحرين التعادل الإيجابي يحسم مباراة بولونيا ويوفنتوس في الدوري الإيطالي الحبيب النوبي ينعى الرَّئيس الإيراني «إبراهيم رئيسي» ويتقدم بخالص العزاء لإيران وشعبها المصريين بالخارج يستعد لانطلاق مؤتمر الهجرة غير الشرعية ..ويشيد بجهود بيوت الشباب حي جنوب الغردقة يشن حملة مكبرة لمراجعة تراخيص المحلات والأنشطة التجارية السيطرة على حريق بسطح منزل وحوشين بسوهاج بسبب المعاشرة الزوجية..زوجة تحاول إنهاء حياة زوجها طعناً بسكين النار مسكت فيه..إصابة عامل بحروق متفرقة بالجسد أثناء عمله بسوهاج هرباً من حرارة الجو..مصرع وإصابة 3 أطفال أثناء الإستحمام بترعة الغبيشة بسيدي سالم في كفرالشيخ دون وقوع خسائر بشرية.. الحماية المدنية تسيطر علي حريق بشركة للزيوت ببنها سقوط مستريح المواد الغذائية بسوهاج: استولى على مليون ونصف

مقالات

د. رفعت سيد أحمد يكتب: سيناء المغدورة 3/5

الأطماع الإسرائيلية التاريخية في سيناء:
في الوقت الذي شُغلت فيه مصر ، نخبة وجماهير ، بصراعات داخلية سياسية واجتماعية ، بعضها مهم والغالب ، لا قيمة له ، وفي الوقت الذي استنزفتنا فيه (معركة الدستور) وما تخللها من خلافات وصراع للديكة ؛ في هذا الوقت تتحرك إسرائيل العدو التقليدي لهذا الوطن ناحية سيناء محاولة احتلالها مجدداً وإن بوسائل أكثر تطوراً من احتلال الجيوش ، فتبدأ في بناء جدار عازل مع مصر ، وتتزايد في داخلها الدعوات التي تتحدث عن احتلال ثان جديد لسيناء ، وأن العداء مع مصر لا يرتبط بأنظمة مسالمة ولا تزيله اتفاقات تسوية مثل كامب ديفيد (1978) أو معاهدة السلام (1979) ، وأنها ستظل كدولة ، عدواً استراتيجياً تاريخياً لها، ولأن البعض من نخبتنا مستغرق في الشأن الداخلي ، فلم يلتفت إلي ما يموج في الداخل الإسرائيلي من مخططات ، ومؤامرات لا تستهدف الفلسطينيين وحدهم بل وبالأساس ، مصر، الدولة والدور .

* بيد أن الأطماع الصهيونية التي تتجدد في الكتابات الإسرائيلية هذه الأيام عن حنين العودة لسيناء ، عبر جماعات التكفير السلفية أو عبر قطر والولايات المتحدة ، ليست مجرد آراء عشوائية ، أطلقها البعض ، أو بالونات اختبار ، لقياس ردات الفعل المصرية ، أو توجيه لأنظار واشنطن ناحية فكرة توطين الفلسطينيين في سيناء ، إن الأمر في تقديرنا أكبر وأخطر ، ولعلنا لا نبالغ في القول بأنه إن لم يواجه بتصدي سياسي ، مصري ،
وفلسطيني واضح فإن إسرائيل ستتمادي فيه ، لماذا لأنه ببساطة (حلم قديم) ، يراود الصهاينة منذ المؤسس (هرتزل) ، وبين أيدينا إحدي الوثائق القديمة والخطيرة في آن واحد ، والتي أرسلها هرتزل إلي وزير المستعمرات البريطانية تشمبرلين في (12/7/1902) والتي يضمنها مشروعه الاستعماري ، والاختيارات المفتوحة أمام هذا المشروع يأتي في مقدمتها خيار التوطين في سيناء ، أو العراق ويبين ولأول مرة وعلي عكس ما هو رائج لدي بعض المؤرخين وكثير من الإسلاميين أن السلطان العثماني قد عرض عليه توطين اليهود الصهاينة في العراق وليس في فلسطين أو سيناء ولكنه - أي هرتزل - كان يفضل سيناء.

يقول هرتزل لـ (تشمبرلين) : الرجاء أن تجد طيه ملخصًا عامًا لمخطط تسكين اليهود المشردين في شبه جزيرة سيناء وفي فلسطين المصرية (ربما يقصد قطاع غزة) .

ولمنع أي سوء تفاهم قد يحصل الآن أو في المستقبل دعني أذكر أنني أعددت هذا المخطط لك لأنك أبديت معارضة بخصوص فلسطين إنك أعظم قوة مؤثرة علي شعبنا منذ تشرده وإني لأشعر أنه من واجبي أن أقدم لك نصائحي المتواضعة شرط أن تكون عندك النية لعمل أمر مهم لتعسائنا. ويجب ألا أكون فقط شديد التمسك بالمثل وأرفض المساعدة السريعة لأفقر فقرائنا مهما كان شكل هذه المساعدة بل يجب أن أكون أكثر من ذلك يجب أن أعطي نصحي حسب ما أراه أفضل عندي إلي جانب الناحية الإنسانية غاية سياسية أيضًا. إن توطين اليهود شرق البحر الأبيض المتوسط سيقوي إمكان الحصول علي فلسطين.سيكون يهود الشركة الشرقية في المستعمرة الإنجليزية صهيونيين مخلصين تمامًا كيهود هيرش المستعمرين في الأرجنتين .
ثم يقول هرتزل في وثيقته : لا أدري إذا كنت سأستطيع أن أساعد في تحقيق المشروع أي إذا كنت سأجعل منظمتنا الصهيونية تعمل له لأن هذا يعتمد علي قرار حزبي. سأدعو أعضاء اللجنة من جميع البلدان إلي اجتماع سري وأبحث معهم الموضوع .

وإلي جانب - يقول هرتزل - هذا فإن عندي مخططًا ثانيا لك يمكن تحقيقه في الوقت نفسه ولكن علي حدة. وهذا المخطط سري تمامًا يتعلق بالعراق.

لقد أخبرتك أن السلطان عرض علي الاستيطان في العراق (وذلك في فبراير (1902) من هذه السنة لما ذهبت إلي القسطنطينية بناءً علي دعوته) وقد رفضت العرض لأنه لم يشمل فلسطين. أستطيع أن أعود إليه غدًا ما دامت علاقاتنا ممتازة. وبدل هذا علينا أن نقدم له بعض المساعدات المالية (انظروا خطورة هذا الاعتراف السري لهرتزل ومدي أهميته التاريخية!!).

يقوم بالمطالبة بهذا رجل أستطيع أن أسميه لك شفهيا. ولكن السلطان يفضل أن يعهد بهذا المشروع لي لأنه يعرف أني شخصيا لست أجري وراء المنفعة المالية وهو بالطبع يريد شروطًا أفضل ولكن حتي ولو أُعْطي شروطًا أفضل يمكن وضع ما يقرب من مائتي مليون جنيه علي الحساب. هذا الربح يذهب للشركة اليهودية لأنها تستطيع بذلك أن تبدأ حياتها بربح من مليوني جنيه وفي رأيي أن هذا يسهل تحقيق المخطط .

ثم يقول هرتزل مخاطباً تشمبرلين : لا أدري إذا كانت عندك معلومات كافية عني ولكني أود أن أؤكد هنا أنه ليست لي في هذا المخطط أية غاية مادية ، لست أعمل لعمالة مالية ، إنما كل ما أريده هو أن يكون للصندوق القومي اليهودي حساب محترم فيما إذا سار هذا المشروع المالي أنا لا أضع هذا شرطًا لا بد منه .
ثم ينهي وثيقته بالقول: إني أفضل المخطط الأول (يقصد التوطين في سيناء أو فلسطين المصرية علي حد قوله!!) لأن ضمانات مشروع العراق السياسية للمستقبل قليلة.أما إذا لم نتمكن من إقامة المستعمرة اليهودية في المملكات البريطانية بسبب رفض الحكومة الإنجليزية أو إذا لم يرغب في هذا المخطط رجال المال فعندها فقط أقدم لك المشروع الثاني (يقصد العراق).

هذه الوثيقة (طبعاً وغيرها عشرات الوثائق الصهيونية والبريطانية) بما احتوته من معلومات وأسرار ومخططات قديمة للحركة الصهيونية بقيادة هرتزل تؤكد قدم الأطماع الصهيونية في سيناء وهي أطماع مرتبطة بأهمية سيناء الاستراتيجية وبعلاقتها التاريخية بما يسميه اليهود أرض الميعاد (فلسطين) فضلاً عن علاقتها بالمشاريع الاستعمارية الغربية في المنطقة طيلة المائة عام الماضية وهي أطماع ترجمتها اتفاقية كامب ديفيد (1978) ومعاهدة السلام (1979) واتفاقية (أو بروتوكول) القوات متعددة الجنسيات (3/8/1981) وهي الاتفاقيات التي تمثل الإطار العام للعلاقات المصرية الإسرائيلية وهي أيضاً تمثل إستراتيجية الاغتيال الممنهج لسيناء فماذا عنها؟.