الجمعة 26 أبريل 2024 11:00 مـ 17 شوال 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

تقارير ومتابعات

الخبراء والمحللون يتسألون

هل تتحول القارة الافريقية الي منطقة صراع علي تقاسم النفوذ بين المعسكرين الشرقي والغربي ؟

الرئيس الروسي بصحبة رئيس شركة فاجنر الامنية الروسية
الرئيس الروسي بصحبة رئيس شركة فاجنر الامنية الروسية

الخبراء والمحللون يتسألون :

هل تتحول القارة الافريقية الي منطقة صراع علي تقاسم النفوذ بين المعسكرين الشرقي والغربي ؟

الدكتورعبد العزيز : روسيا والصين اكثر قبولا في افريقيا عن المستعمرين القدامي

دكتور شوكت : الوجود الفرنسي في الشمال والغرب الافريقي وبريطانيا تنشط في الجنوب والوسط

تقرير يكتبه نوفل البرادعي

تعتبر القارة الافريقية البكر الغنية بالموارد الطبيعية التي لا حصر لها في مختلف انواع الموارد هي مستقبل العالم بلا منازع وهي القارة الشابة التي تمثل نسبة الشباب بين ابنائها الثلثين علي عكس القارة الاوربية العجوز والتي شاخت وانتقصت فيها نسبة الشباب والقوي العاملة فيها لدرجة ان دولة في حجم المانيا استعاضت عن نقص العمالة بمنح مليون سوري الاقامة في المانيا في عامي 2020 و2021 وهو ما يبرز تهافت القوي الكبري العالمية سواء الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا وبريطانيا لمحاولة الاستحواذ علي كامل الكعكة الافريقية لتصبح مناطق نفوذها لتقطع الطريق علي الصين وروسيا الحالمتان بالتمدد علي كامل المناطق الافريقية .

يقول الدكتور محمد عبد العزيز استاذ العلوم السياسية بجامعة الاسكندرية ان القارة الافريقية قليلة الحظ دائما ما كان حظها العاثر في طريق المستعمرين الانتهازيين الذين حرصوا كل الحرص علي نهب ثروات القارة والنيل من خيراتها وهي القارة البكر الغنية بكل خيرات الطبيعة من مناطق زراعية ومحاصيل متنوعة وغابات وحيوانات برية متنوعة الي مناجم ومحاجر وثروات معدنية وللأسف حتي الان ومع انتهاء الحقبة الاستعمارية وتمتع كل حركات التحرر الوطني الافريقية بالاستقلال واصبحت كل دول القارة محررة وتحكم نفسها بنفسها الا ان التبعية للفترة الاستعمارية البغيضة ما تزال جاثمة علي صدور الافارقة حتي اليوم ولعل نظرية ( الفرنسة ) التي اتبعتها فرنسا ابان الفترة الاستعمارية في عموم المناطق التي خضعت للأستعمار والاحتلال الفرنسي كلها طبعت عليهم الثقافة الفرنسية واصبحت هذه الدول تدور حول فلك والمجال المغناطيسي الفرنسي وذلك منذ ان وقعت فرنسا وبريطانيا العظمي الاتفاق الودي بينهما ليوقف حالة التصارع والتنافس بينهما مقابل ان تنفرد كلا منهما بما تحت ايديها من فرائس ومستعمرات وبالفعل نجحت فرنسا في طمس الهوية الثقافية والاقتصادية لدول الشمال الافريقي متمثلة في تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا وامتدت علي غالبية الساحل الغربي الافريقي في السنغال وساحل العاج والكاميرون والي منطقة الساحل والصحراء في مالي والنيجر وتشاد وافريقيا الوسطي وصولا الي غينيا الاستوائية والي اليوم فرنسا اهم شريك اجنبي لهذه البلاد بل انها المستثمر الاول فيها وهي التي تحتفظ بقواعد عسكرية حتي اليوم في هذه البلاد .

ويضيف عبد العزيز ان فرنسا وبريطانيا كانتا هما فقط اصحاب اليد الطولي في افريقيا وتقريبا هما القابضتان علي جل الثروة الافريقية بأستثناء مناطق محدودة لصالح الاسبان والبرتغال والمانيا وهولندا وبلجيكا وايطاليا وهي بقاع صغيرة متناثرة الي ان انتهت الحرب العالمية الثانية وبداءت الولايات المتحدة في المنافسة للحصول علي نصيبها من الثروة الافريقية من خلال البوابة الانجليزية الحليف الاول لها وخلال الثلاثون عاما الاخيرة دخلت الصين الشعبية الي الساحة الافريقية وكان قد سبقها اليها حليفها الكبير الاتحاد السوفيتي الذي ورثته روسيا الاتحادية واليوم تزحف روسيا وتتموضع من خلال ابرام اتفاقيات عسكرية واقتصادية كبري مع النيجر ومالي وتشاد وافريقيا الوسطي وتنشط شركة فاجنر العسكرية هناك بقوة وهو ما دفع الرئيس الامريكي بايدن الي الدعوة الي القمة الافريقية الامريكية التي عقدت في واشنطن مؤخرا وتهدف الي اعادة توجيه بوصلة الافارقة الي امريكا بدلا من روسيا والصين .

وبالفعل تهرول الولايات المتحدة الامريكية والحلفاء الغربيين علي اغلاق كل الطرق امام الاستثمارات الصينية الجبارة والتي وصفتها وسائل الاعلام الامريكية بأن الوجود الصيني في افريقيا بات مخيفا بأنه تحت كل شجرة افريقية يقبع صيني وبالفعل نجحت الصين وروسيا نجاحا كبيرا وتمددت القوة الناعمة لهما في عموم افريقيا والمتابع يجد ان شركة فاجنر ووزارة الدفاع الروسيتين قد ثبتت اقدامهما في دول الساحل والصحراء والبداية من خلال وجودها بصحبة الصديق التركي في ليبيا لتكون موجودة في الخاصرة الجنوبية لأوربا ولتنشأ لها قاعدة في مياة المتوسط الدافئة وامتد النفوذ الروسي الي تشاد والنيجر ومالي وافريقيا الوسطي واصبح السلاح الروسي والدبابات الروسية والطائرات سو 25 متواجدة بقوة في سماء الوسط الافريقي اكثر من الغربية .

واعتبر الدكتور محمد شوكت الخبير في الشؤون الافريقية ان التواجد البريطاني والفرنسي الكلاسيكي في مناطق نفوذها القديم في القارة الافريقية تتغير الان فبعد ان كانت فرنسا صاحبة الكلمة الاولي في غرب افريقيا والشمال مقابل بريطانيا في الشمال الشرقي ومناطق البحيرات الافريقية والجنوب الافريقي تغيرت هذه المعادلات الكلاسيكية مؤخرا جدا لصالح الزائرون الجدد متمثلا في الصين الشعبية وروسيا الاتحادية ويتميز النفوذ الروسي الصيني بأنه يعتمد علي القوة الناعمة لهاتين الدولتين ورصيد الود والتعاون بينهما والافارقة لدرجة ان السلاح الاستثماري القوي للصين والذي يتحرك بسرعة مرعبة في مقابل التحرك الامريكي الفرنسي لدرجة ان هناك مقاطعات في شرقي وحنوب القارة وحتي غربها تعج بالمستثمرين ورجال المال والاعمال الصينيين اضعاف نظرائهم الغربيين واضعاف اعدادهم بكثير ودخول روسيا علي الخط مع الصين وتوضع الوجود الروسي في منطقة الساحل والصحراء والغرب الافريقي من خلال اقامة مشروعات بنية تحتية وخدمية وتسهيلات في تسليم الافارقة للسلاح الروسي ووجود قوي لشركة فاجنر القوي هناك لدرجة ان هذه الحالة الروسية الاخيرة احدثت حالة من القلق والتوتر للولايات المتحدة والدول الغربية الحلفاء لها في بريطانيا وفرنسا الي عقد قمتهم الاخيرة مع الدول الافريقية من اجل وقف حالة التمدد الروسي والتي ستتواصل مع الحليف الصيني علي حساب مناطق النفوذ الغربية الاخيرة .

وتوقع ان تتغلب كفة روسيا والصين ومعهم مجموعة البريكس في الحصول علي مزيدا من الاستثمارات التابعة لهذه المجموعة علي حساب استثمارات واعمال الدول الغربية في القارة الشابة الافريقية خاصة وان وفرة الايدي العاملة الرخيصة والمواد الخام الرخيصة ايضا ومصادر الطاقة التقليدية والمتجددة والجديدة وسوقا من اكبر الاسواق العالمية كمستهلكين في شتي انحاء القارة الافريقية ويعتبر عنصر الجوار الجغرافي لمجموعة البريكس وكذلك التاريخ المشترك والابعاد الثقافية التي تربط الافارقة مع شعوب هذه المناطق وهو ما يعزز العلاقات بين الافارقة وهذه المجموعة علي حساب امريكا وفرنسا وباقي الحلفاء .