الخميس 2 مايو 2024 10:41 مـ 23 شوال 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

عربي ودولي

الاحتجاجات تتصاعد وموجة العطش مستمرة.. ماذا يحدث في «خوزستان الإيرانية»؟

احتجاجات عنيفة شهدتها محافظة خوزستان الإيرانية الأيام القليلة الماضية، قام بها الأهالي ضد الحكومة بقيادة الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني، رفضًا للواقع الأليم الذي يعيشه سكان المحافظة التي يطلق عليها لقب "إقليم الأهواز" وغالبيتهم من العرب، خصوصًا بعدما ساءت أحوال المنطقة بسبب تغيرات مناخية أدت لشح تساقط الأمطار فضلا عن سياسات حكومية خاطئة حرمت المنطقة من إمدادات المياه ما أدى لبوار آلاف الأفدنة وفقدان مئات الصيادين فرص عملهم بعدما جفت البحيرات التي كانت مصدر رزقهم الوحيد.

فماذا يحدث في خوزستان؟ وما الذي ستئول إليه الأمور؟ وهل هي فعلًا بداية ثورة عارمة ضد النظام الحاكم؟ أم مجرد زوبعة في فنجان ستنتهي بإجراءات حكومية تعالج الأزمة؟ في هذا التقرير نرصد الأزمة من جميع أبعادها.

كانت البداية مع اتخاذ حكومة حسن روحاني قرارات خاطئة، بتحويل مجرى نهر كارون بعيدا عن مناطقهم، وإقامة سد كبير عليه وتحويل مساره إلى مناطق أصفهان وزايندهرود، شمال شرق إقليم الأهواز.

ويرصد تحقيق تليفزيوني نشره موقع "برس تي في" الإيراني، الواقع الصعب هناك، حيث رصد أكوام من الأسماك الميتة فيما كان في السابق مستنقعًا يشبه البحر، والآن لم يعد أكثر من بركة جف معظمها، مؤكدًا أن ذلك بسبب الطريقة التي عالجت بها الحكومات المتعاقبة أزمة المياه الأكثر حدة منذ نصف قرن في محافظة خوزستان الإيرانية، ما جعل الصيادين يفقدون مصدر رزقهم في المكان الذي تحول إلى مقبرة للأسماك.

وسلط التقرير الضوء على تأثر الثروة الحيوانية بموجة العطش تلك التي ضربت المنطقة، ما جعل أحد رعاة الماشية يفقد 20 رأسًا ماتت من العطش بسبب نقص المياه ودرجات الحرارة المرتفعة في الصيف، مؤكدًا أن الخبراء أرجعوا أسباب أزمة المياه إلى سوء إدارة المياه المخزنة خلف السدود الرئيسية، بجانب فترات التخزين الطويلة التي أدت إلى تملح المياه، فضلًا عن القرارات الخاطئة بنقل جزء من المياه إلى محافظات أخرى وسط الجفاف هذا العام.

وأكد التقرير أن تلك الخسارة الكبيرة، انفجرت في موجة من الاحتجاجات الغاضبة من قبل آلاف من سكان خوزستان الذين يعانون من تكلفة الجفاف غير المسبوق منذ عقود، وأن هذه الصور المؤلمة للقلب ليست سوى قمة جبل الجليد، وأن الخبراء يقولون إنه بصرف النظر عن إلحاق الخراب بالتنوع البيولوجي، فإن أزمة المياه يمكن أن تعرض الأمن الغذائي للخطر، ليس فقط في المناطق المتضررة ولكن خارجها أيضًا، حيث أن تلك الأراضي الزراعية والثروة الحيوانية والسمكية هي القلب النابض لصناعة الأغذية في المنطقة.

استجابت الحكومة لحركة الاحتجاجات الواسعة، وقال الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني، إنه يحترم حق أهل خوزستان في الاحتجاج على الظروف الصعبة الناجمة عن شُح المياه ودرجات الحرارة العالية، وأنه وجه محافظ الإقليم بحل المشكلة على وجه السرعة.

وأضاف روحاني في تقرير نشرته وكالة الأنباء الرسمية "إرنا"، أن تحمل شح المياه والحرارة العالية فوق 50 درجة مئوية أمر صعب للغاية ومن حق المواطنين الاحتجاج على الظروف القائمة، واعتبر أن تلك الظروف تعود لـ"أسباب خارجة عن الإرادة"، مضيفًا أن "الحكومة تسمع صوت احتجاجهم المحق وستبذل كل مساعيها وجهودها للعمل سريعا على حل مشكلة شح المياه الناجمة عن الجفاف غير المسبوق في البلاد وتراكم المشاكل المتبقية من الأعوام الماضية".

فيما قال المرشد الأعلى أية الله علي الخامنئي، إن "عتب أهالي خوزستان في محله"، مؤكدًا في تصريحات نشرتها وكالة "إرنا" أيضًا اليوم الجمعة، أنه "خلال الأيام الماضية كان أحد هواجسنا قضية خوزستان والمياه ومشكلات الناس هناك، إنه لأمر مؤلم حقاً أن يرى المرء تلك الإمكانيات التي تتمتع بها المحافظة والموارد الطبيعية والمصانع الكثيرة، لكن يصل فيها وضع هؤلاء الناس الأوفياء إلى نقطة تجعلهم منزعجين ومستاءين".

وأضاف الخامنئي أنه قد "أطلق توصيات سابقة لمعالجة أزمة خوزستان، ولو تمت مراعاتها، ما واجهتنا هذه المشكلات الآن بكل تأكيد"، مشيرًا إلى أن "مشكلة المياه ليست صغيرة خاصة في ذلك المناخ القاسي لخوزستان، ولا يمكن لوم الناس على استيائهم"، معربًا عن أسفه وقلقه من أن أهالي خوزستان يعانون مثل هذه المشكلة.

جدير بالذكر أنه يبلغ عدد سكان المحافظة حسب آخر إحصاءات نشرها مركز الإحصاء، في عام 2019، أكثر من أربعة ملايين و 800 ألف نسمة، وبحسب نفس الإحصائيات، تحتل خوزستان، المرتبة الثانية بعد محافظة طهران، بأكثر من 14% من الناتج المحلي الإجمالي، ومعظم هذه القيمة المضافة تستند إلى إنتاج صناعة النفط، كما كانت المنطقة على خط المواجهة في الحرب العراقية الإيرانية بين عامي 1980 و1988، وأيضًا كانت نقطة ساخنة للاحتجاجات المناهضة للحكومة التي هزت مناطق أخرى من إيران، عام 2019.