أحمد رفعت يكتب: مانديلا الموزر

أكتب لكم وأنا في جنوب أفريقيا، بجوار صديقي القديم نيلسون مانديلا، وقد اتصل بي مستفهماً عن الأوضاع في مصر، ولما وصلت عنده بناءً علي الموعد المحدد منه؛ بادرني بالسؤال عن المستبعدين من الترشح للرئاسة، فقلت: اُستبعدوا لعدم توافر الشروط المطلوبة بهم.مانديلا: لقد أخطأتم من البداية، ولم تبنوا مجتمعاً علي أرض طاهرة.أنا: كيف؟مانديلا: لم تتحدوا لهدف واحد، الهدف الواحد يكون من أجل البلد، ولو أن أهدافكم شخصية فهي بذلك أهداف متفرقة، لقد تغيرتم ولم تعدوا تحترموا تاريخكم، أخر الأمور أن بعتم مدرسة بحر البقر لتتحول إلي سوبر ماركت، مفرطين في تاريخكم، عندما حصلت علي نوبل..أنا: أرجوك، هذه الكلمة سيئة السمعة عندنا.مانديلا: ما علينا، لكنكم انشغلتم بالفضاء والفضائيات والكاميرات وتركتم الشارع، بل سمحتم لأعداء الماضي (يقصد الفلول) بالتحكم في مصائركم.أنا: أفندم؟، ألم ترسل حضرتك إلينا في مصر رسالة مفادها أن نتسامح مع رموز النظام المخلوع؟مانديلا: أنا لا أفهم، لماذا تذكرون لي تلك الجملة، وتتجاهلونني لما قلت، أن التسامح الحق لا يستلزم نسيان الماضي بالكامل.أنا: لقد فات الآوان، عندنا شخص اسمه حازم أبو إسماعيل وهو ...مانديلا: أعرفه .. تفضل، أليس هذا هو البوستر الخاص به، لقد وجده علي السيارة الأسبوع الماضي.أنا: نعم هو، تخيل يمكن أن يتم سجنه بسبب أزمته مع اللجنة العليا للانتخابات، بينما أحمد شفيق تاهت أوراقه بين النائب العام عندنا وبين القضاء العسكري، وعمر سليمان الذي تسبب في غزو العراق عندما لفق اتهامات مزورة بعلاقة أشخاص بالقاعدة و بصدام حسين تمهيداً لغزو العراق، مثل (ابن شيخ الليبي) والشيخ (أبو عمر)، تخيل أن نفوذه وصل إلي تدخل الرئيس الايطالي لمنع اعتقاله بناءً علي مذكرة من القاضي الإيطالي تطلب اعتقاله، بعد ثبوت ادعائه علي الشيخ أبو عمر، وخطفه من شوارع إيطاليا، هل تعرف محمد حسنين هيكل؟مانديلا: إذا كنت أعرفك، فكيف لا أعرف هيكل!أنا: لقد فجر مفاجأة لما قال أن عمر سليمان ساعد حسين سالم في تهريب 450 مليون يورو بعد الثورة، ورغم ذلك مازال طليقاً بل كاد أن يظفر بالرئاسة.مانديلا: (450 !!) هل توجد نقود بهذا العدد، أليس حسين سالم هذا مصرياً؟، حسناً، هذا أبو إسماعيل، ماذا عن الباقين؟ أنا: عندنا شخص اسمه خيرت الشاطر، تخيل، لقد منعوه من الترشح لأسباب مضحكة.مانديلا: لماذا تدافع عنه، ألم تهاجمه عندما أعلن ترشحه للرئاسة؟أنا (بفخر): يبدو أنكم هنا في جنوب أفريقيا تقرءون لي؟مانديلا: يا لك من مضحك، أنت لا يقرأ لك سوي هيئة التحرير في الجريدة.أنا: لا تجعلني أعايرك وأسمعك كلاماً يؤذيك.مانديلا: قل. أنا: يا مانديلا، أنت رد سجون.مانديلا: وما العيب في ذلك، لقد توليت مهام الرئاسة بسبب نضالي الذي أفضي بي إلي السجن.أنا: ها هامانديلا: بل سُجنت بسبب الاتهام بالخيانة العظمي الدعوة إلي عمل مسلح (يقصد الكفاح المسلح).أنا: (أضحك مجدداً)، لماذا لا تفكر في نقض تقاعدك، والترشح عندنا لمنصب الرئاسة؟مانديلا: سأكتسح الانتخابات لا شك، لقد قضيت نصف عمري في السجن.أنا: وكمان نصف عمرك، ها ها ، يا خسارة، طب سؤال بلا مؤاخذة، هل حصلت يا نيلسون بيه علي رد اعتبار لأنك سُجنت في قضية متعلقة بالشرف؟مانديلا: رد اعتبار، رد اعتبار؟، بالتأكيد لاأنا: إذن كيف وصلت لمنصب الرئيس، يا لك من مزور، مزور.مانديلا: ولماذا احتاج رد اعتبار بسبب عقوبة وقعت علي من نظام سقط، هل نسيت أن الاحتلال قد رحل وأن النظام عندنا قد سقط؟أنا: لا.. لم أنسَ.