برلمان التحرير.. للفلول أم الإخوان؟

دولة ميدان التحرير زلزلت النظام البائد الذي سقط في أيام لتعلن ميلاد ميدان التحرير الذي غىّر شكل الخريطة السياسية في مصر للابد، ولكن بعد مرور شهور عجاف دخلت ثورة 25 يناير في حارات وطرق ملتوية وصدامات ومليونيات وتظاهرات وانقسامات. وفي ظل غياب البعد الأمني المتعمد وصلنا إلي خارطة للانتخابات البرلمانية تحتاج لجهابزة لفك رموز وشفرات الدوائر العجيبة والقوائم الحزبية، ودخلنا في حسبة تقسيم المقاعد البرلمانية ما بين الفردي والقائمة وهذا يذكرني بالقائمة في الأرياف عندما يكتبون كل شيء ويختلفون علي كل شيء ويحدث الانفصال والخلع، ونسوا أو تناسوا وهم يختلفون علي ما لا يملكون أن الناس في واد وهم مازالوا يتصارعون فأصبح تقسيم الدوائر الانتخابية مثل تقسيم الميراث الذي ليس له وريث حقيقي فظهر مليون وريث يدعون أحقيتهم بنصيب الاسد من هذه الكعكة الانتخابية. فالبرامج والافكار ومصلحة مصر غابت تماماً وانقسم الجميع علي التركة وانفضت التحالفات والاتفاقات في أول اختبار حقيقي لبرلمان التحرير فلولا شباب التحرير ما ظهر هؤلاء المدعون الجدد في صفوف المعارضة الشكلية وكانوا جزءاً لا يتجزأ من منظومة الفساد السياسي والصفقات الانتخابية التي كان يديرها جهاز أمن الدولة المنحل، والكل بلا استثناء كان يعظم ويعطي التمام وظهرت فلول الحزب الوطني من الجحور بعد غياب طويل ووجدوا ان الساحة السياسية مهيأة تماماً لعودتهم فأعلنوا انهم جزء لا يتجزأ من الثورة بل إن علي مصيلحي وزير النظام الفاسد اعلن في مؤتمر انتخابي انهم اساس الثورة. وظهر حزب الحرية والعدالة واعلن عن وجهه الحقيقي ونقض كل التحالفات واستحوذ علي أكثر من 50% من القوائم ليعلن للجميع نحن لسنا اقل عدة وعدداً وإمكانيات من حزب النهضة التونسي، مستغلاً الميل الفطري للمواطنين وجموع الناخبين للدين لتحقيق مكاسب سياسية والسطو علي برلمان التحرير والثورة بالقانون وصناديق الانتخابات، مستغلاً عدم وجود أحزاب حقيقية والحاجة الاقتصادية. واستخدم كل الإغراءات المادية والمال السياسي وأن الاخوان المسلمين هم الفصيل السياسي الذي يمتلك الحقيقة ولا يخطئ وأرسل إشارات إلي المجتمع الدولي بأنهم جاهزون للتعاون والتنسيق حتي مع الشيطان فسقطت كل الأقنعة السياسية واشتبكوا مع السلفيين والجماعات الإسلامية التي اتهمت الإخوان بالاستحواذ علي القوائم الانتخابية. ناهيك عن حزب الوفد الذي استعان بالفلول لمواجهة الإخوان في كل مكان ليعود برلمان 25 يناير بغياب متعمد من شباب الثورة والمرأة ليصبح برلمانا بشكل وطعم الاحتكار والاستبداد السياسي لأن الثقافة الوطنية للانتخابات في مصر مازالت تتحكم فيها القبليات والعائلات في الصعيد والمال السياسي في الارياف مستغلين حالة الفراغ السياسي والتخبط الذي استشري في كل مفاصل وأجزاء الدولة للقفز علي برلمان التحرير ناهيك عن وجود حكومة مغيبة وتتحرك بسياسة رد الفعل وأصبحت حكومة إطفاء الحرائق السياسية والاجتماعية والاقتصادية.بالله عليكم بلد الأمن فيه غير موجود والاقتصاد ينهار بسرعة الصاروخ والعدالة القضائية بجناحيها منقسمة ومشتعلة فيما بينها والناس تفتقد الأمان اليومي والاقتصادي وتجري الانتخابات وسط كل هذه المخاوف والمحاذير، هل سيكون البرلمان القادم هو الحل لعودة الأمان والاستقرار للبلد؟! أشك تماماً في ذلك لأن المواطن المصري عاد للمربع رقم واحد وأصبح يشك في كل شيء، فالذين يتحدثون عن الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمواطنة وحقوق الشباب والمرأة، هم الذين اغتالوا الثورة وفرغوها من مضمونها لتحقيق مكاسب سياسية لفصيل ما علي حساب مصلحة الوطن.الناس في ذهول وفي حالة خوف ورفض للمشهد الانتخابي برمته لأن ما كان يجري في الماضي يحدث في الحاضر والمستقبل تحت غطاء الثورة ودم الضحايا والشهداء.احذروا ثورة الجياع فهي أشد خطورة علي المجتمع يوم لا ينفع فيه إخوان أو فلول أو علمانيون.. فمصر ياسادة تحتضر وأنتم تقتسمون البرلمان.اللهم بلغت اللهم فاشهد!!