الخميس 25 أبريل 2024 01:14 مـ 16 شوال 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

حوارات

عبدالوهاب الهارون وزير التخطيط الكويتى السابق لـ«النهار»: اقتصاد الخليج فى خطر

أكد وزير الدولة لشئون التخطيط والتنمية الأسبق والنائب السابق فى البرلمان الكويتى عبد الوهاب الهارون أن الاقتصاد الخليجى بشكل عام والكويتى بشكل خاص قريب من مرحلة الخطر إذا ما استمرت ازمة هبوط النفط إلى فترة طويلة، واستمرت الحروب فى المنطقة إلى فترة أطول، لافتا الى أن استمرارها يجعل القطاع الخاص يتخوف من المشاركة فى التنمية أو إقامة المشاريع الكبرى.
واشار فى حوار خاص لجريدة "النهار" إلى أن دول الخليج ومنها الكويت لم تستغل الفوائض الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط خلال الفترة السابقة بشكل جيد، وهو ما ظهرت آثاره  فى الوقت الحالى.
ولفت إلى أن الكويت وفى محاولة منها لسد العجز المالى لجأت إلى السحب من الاحتياطى العام المسموح السحب منه، لأن احتياطى الأجيال غير مسموح السحب منه إلا بقانون، موضحا أنها قد تلجأ إلى ذلك اذا احتاج الأمر، مثلما لجأت بعد التحرير إلى احتياطى الأجيال فى حدود معينة ولجأت إلى الاقتراض من السوق المحلية التى به فوائض مالية فى البنوك، حيث تتمنى البنوك أن تقرض الدولة من خلال اصدار السندات، ومن الممكن ايضا أن تقترض من السوق الدولية لتسديد احتياجاتها من المشاريع وخاصة أن الاقتراض لا يكلف الدولة الكثير لأن فوائد الدولار .%1.5 ..  وإلى نص الحوار:

 

✹ لا تزال دول الخليج تعتمد على الفوائض المالية جراء ارتفاع أسعار النفط فى السنوات الماضية.. إلى أى مدى يكفى هذا الفائض؟
✹✹ لم تستغل الفوائض الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط خلال الفترة السابقة إلى الآن، ولسد العجز لجأت الدولة إلى السحب من الاحتياطى العام المسموح السحب منه، لأن احتياطى الأجيال  غير مسموح السحب منه إلا بقانون، لكن قد تلجأ إلى ذلك اذا احتاج الأمر، مثلما لجأت بعد التحرير إلى احتياطى الأجيال فى حدود معينة ولجأت الدولة إلى الاقتراض من السوق المحلية التى بها فوائض مالية فى البنوك، والتى تتمنى البنوك أن تقرض الدولة من خلال سندات، ومن الممكن ايضا أن تقترض من السوق الدولية لتسديد احتياجاتها من المشاريع وخاصة أن الاقتراض لا يكلف الدولة الكثيرة لأن فوائد الدولار %1.5 .
وهناك إجراءات يفترض أن تطبقها الدولة وهى الحد من الهدر والمبالغة فى الإنفاق داخل المصالح الحكومية ثم بعد ذلك ترجع الدولة إلى المواطن وترفع الدعم تدريجيا .
✹ الوضع السياسى فى المنطقة والحرب فى سوريا واليمن ومحاربة الإرهاب هل تؤثر على اقتصاد دول الخليج أكثر من هبوط أسعار النفط؟ 
✹✹ دائما الحروب تشعل أسعار النفط نحو الارتفاع وليس الانخفاض  إلا أن المعادلة انعكست هذه المرة، والأسباب سياسية بحتة وليست اقتصادية، اما فيما يتعلق بالاقتصاد الكلى فأعتقد أن الحروب لها تأثير كبير على الاقتصاد لأنها لا تشجع المستثمر على أن يأتى إلى المنطقة للاستثمار وتردد المستثمر الوطنى فى إقامة مشاريع خوفا من عدم الاستقرار، إضافة إلى ضعف حركة السياحة والسفر وارتفاع أسعار التامين على الشحن والبواخر والطائرات بحكم انها تمر فى منطقة حروب، وبالتالى عدم الاستقرار وأزمة البترول أدت إلى الأزمة الاقتصادية التى نعيشها الآن. 
✹ كيف ترى الاقتصاد الكويتى؟ وهل هو متماسك؟
✹✹ الإنسان يشعر بالأسى عندما  يتحدث عن الاقتصاد الكويتى، فمنذ سنوات عديدة وكل الباحثين والمتخصصين كانوا يصدرون توصيات لإصلاح الاختلالات الهيكلية للاقتصاد الوطنى وتتمثل فى العديد من الأوجه منها الاعتماد على مصدر إيراد واحد للدخل وعدم توازن قوى العمل بين القطاع الخاص والحكومى الذى يهيمن على الاقتصاد ويهمش القطاع الخاص وعدم اعطاء دوره الاقتصادى لأخذ زمام المبادرة لان القطاع الخاص أكثر مرونة وبعيدا عن البيروقراطية الحكومية والفساد.
✹ بعد الانهيار الكبير فى أسعار النفط.. كيف يمكن تنويع هيكل الاقتصاد الكويتى؟
✹✹ موضوع التنويع فى هيكل الاقتصاد الكويتى طرح كثيرا قبل ذلك، فبعد التحرير تشكلت مجموعة من اللجان منها لجنة تعديل المسار الاقتصادى والاعتماد على زيارات البنك الدولى وتقديم المشورة فى هذا الجانب إضافة إلى تنبيه صندوق النقد الدولى بتعديل مسار الدول واستعانة الكويت بمؤسسة ماكينزى وهى متخصصة بالوضع الاقتصادى وقدمت نصائحها وتوصياتها فى كيفية تعديل المسار ولكن دون تنفيذ، وأيضا قدمت الشركة الدولية التى يرأسها تونى بلير توصيات لإصلاح الوضع الاقتصادى وطلب منه البقاء لفترة لمتابعة التوصيات إلا أن كل ذلك تبخر فى الهواء.
✹ إذن أين يكمن الخلل؟
✹✹ الخلل فى الإدارة الحكومية المتصلبة التى تقاوم اى تغيير فى الإصلاح حتى ربط التعليم باحتياجات سوق العمل متأخر جدا  وان الأهداف التى رسمتها الدولة للمستقبل كما هو متوقفة لم تتحرك إضافة الى عدم استغلال موقع الكويت كمركز تجارى واقتصادى يقدم خدمات مالية واقتصادية، فالحديث كثير وإنما الفعل قليل. 
✹ هل تفتقر الكويت إلى وجود توليفة اقتصادية سياسية متكاملة تكون بديلة للنفط تعزز وتدعم تطبيق الخطط التنموية؟
✹✹ حينما تحدث أزمة الكل يصيح وينادى ويحدث استنفار، وما إن تتحسن أسعار النفط إلا وتنخفض الأصوات وتتجه الأمور إلى  الاسوأ أكثر مما هى عليه، فعندما حدثت أزمة انخفاض النفط إلى 8 دولارات وكان الوضع سيئا، وكنت أنا رئيس اللجنة المالية أتى إلينا وزير المالية يطالب بتخفيض النفقات وإلغاء%25  من البنود فى الميزانية وتأجيل بعض المشاريع إلا انه لم يكن هناك عمل مؤسسى لتعديل الوضع السيئ وما إن ارتفعت أسعار النفط  إلا وعادت كل هذه الإجراءات كما كانت .
✹ من وراء عدم تحقيق إصلاح اقتصادى فى الكويت؟
✹✹ الإدارة الحكومية.. هذه الجيوش الجرارة كل فى مجاله سواء فى البنك المركزى او وزارة التجارة أو فى القطاع النفطى إضافة إلى الأجهزة الاخرى المساندة وهى البلدية والكهرباء وغيرها وكأنها تتناغم فيما بينها لتعطيل الإصلاح. 
✹ متى نقول إن الاقتصاد الكويتى أصبح فى خطر؟
✹✹ نحن قريبون من هذه المرحلة والخطر إذا استمرت الأزمة إلى فترة طويلة، واستمرت الحروب فى المنطقة إلى فترة أطول لان استمرارها يجعل القطاع الخاص يتخوف من أن يشارك فى التنمية ويتخوف من اقامة المشاريع الكبرى .
وهناك خطر اكبر وهو أن تصل أسعار النفط إلى اقل من المستوى وبالتالى ستلجأ الدولة إلى السحب من الاحتياطى وهذا يشكل خطرا كبيرا جدا وقد تلجأ الدولة الى تخفيض عملتها وهذا الأمر صعب اللجوء إليه فى الكويت كما حدث فى مصر والأردن والعراق والسودان.
✹ هل حجم المشروعات الحالية يمكنه دعم الميزانية بصورة جيدة؟
✹✹ هناك نوعان من المشاريع :النوع الأول المشاريع الاستثمارية  والنوع الثانى مشاريع البنية التحتية مثل توسعة الموانئ والمطارات والصناعات القائمة على النفط ومشروعات الطرق والجسور وغير ذلك والمدن الإسكانية وهذه المشاريع تخدم الاقتصاد لأنه لا يمكن أن يكون هناك اقتصاد إلا أن يكون هناك أشياء مكملة له مثل المطارات والطرق وخلاف ذلك .
الى جانب مخرجات التعليم من الأعداد الداخلة إلى سوق العمل  وهؤلاء يحتاجون إلى وظائف فإذا كان القطاع الخاص غير مزدهر والقطاع الحكومى غير قادر على دفع الرواتب فسوف يكون هناك مشكلة سياسية اجتماعية قد تؤدى إلى عدم الاستقرار، وبالتالى إذا لم يكن هناك مشروعات صناعية ضخمة تستوعب سوق العمل إضافة إلى دعم القطاع الخاص وتهيئة الظروف المناسبة له لكى ينتج سيكون هناك مشكلات نحن فى غنى عنها.
✹ هل تعتقد انه سيتم إعادة النظر فى خطة التنمية بعد انهيار أسعار النفط وهل فعلا الكويت دولة بلا هوية اقتصادية محددة المعالم كما أشار بعض الخبراء؟
✹✹ من الممكن إعادة النظر فى الخطة للتكيف مع الوضع الحالى، لكن من أسباب الاختلالات عدم المثابرة وتطبيق الإصلاح من اللجان المختصة، وهنا أحب أن أوضح أن مجلس الأمة يتحمل المسئولية تجاه ذلك لان هناك قانونا يتعلق بالخطط وهو القانون رقم 60 الصادر عام 1986 وهذا القانون يتعلق بالخطط بعيدة المدى ومتوسطة المدى وهذا يجبر الدولة على أن تقدم الخطط متوسطة المدى كل 5 سنوات اضافة الى أن هناك خططا سنوية تسبق الميزانية تتجزأ إلى سنوات وهذه الخطط  تمول من الميزانية السنوية للدولة .
تطبيق الخطط فى الكويت ليس بالجدية الكافية لان الحكومات دائما تطلب تأجيل الخطة وتطلب من مجلس الأمة أن يصدر خططا خمسية وهى عبارة عن حلقات تحقق الرؤية بعيدة المدى لمدة 25 عاما والخطة بعيدة المدى الهدف منها توازن انسجام بين الخطط والإنسان وماذا تريد الكويت؟
ولكن الحكومات المتتابعة تحاول الهروب من هذه الخطط، فلو كانت هذه الخطط والتقارير والقانون مطبقة لأصبحت الكويت الآن من الدول المتقدمة اقتصاديا ولم تخش نزول أسعار النفط.
✹ القطاع النفطى ومشروع الوقود البيئى الذى افتتح فى 10/2015 .. هل تعتقد انها ستخرج الكويت من الاعتماد على النفط الخام إلى الاعتماد على المشتقات النفطية؟
✹✹ الحكومة تأخرت كثيرا فى هذه المشاريع حيث كانت هناك مطالبات بسرعة البدء فى المشروعات الخاصة بالمشتقات النفطية منذ زمن بعيد، لانه ليس من صالح الكويت أن تبيع النفط الخام فى ظل هبوط وارتفاع النفط وحالة التذبذب التى نراها الآن ووصول النفط إلى أسعار متدنية جدا، فمن الأفضل أن يتم تصنيع النفط ليخرج منه منتجات عديدة تكون فرص التسويق لها اكبر من النفط الخام، هذا بخلاف إنتاج الغاز والأسمدة والبلاستيك، ومشروع الوقود البيئى يعتبر من مشاريع الدولة الكبرى التى تستوعب عمالة وطنية وتحقق عائدا إضافيا للبلد، لأن برميل النفط الخام يباع  بـ 100 دولار فى ظل اعتدال الأسعار، ولكن إذا تم تصنعيه من الممكن أن يصل إلى ما فوق 300  دولار، وبالتالى نحن فى احتياج إلى إعادة تصنيع النفط الخام فى ظل هذه الأسعار.
✹ ما المشروعات التى يمكن أن تخرج بالكويت من الاعتماد على النفط إلى الاعتماد على البدائل؟
✹✹ لدينا مجال الصناعة النفطية إضافة الى الخدمات المالية الى جانب السياحة العائلية لان هناك عائلات من دول الخليج لا تود السفر الى الخارج والسياحة توظف عمالة كبيرة لأنها تشغل النقل والفنادق والمطاعم وتحدث رواجا فى اسواق الذهب والملابس والهدايا وكل الأسواق.
✹ كيف ترى أداء سوق الكويت للأوراق المالية؟
✹✹ البورصة الكويتية انعكاس لما تمر به المنطقة أو تمر به البلد،  فسوق الأوراق المالية هى ترمومتر لقياس الأوضاع داخليا وخارجيا لان البورصة هى الوحيدة التى تتأثر بالمتغيرات من حولنا .
هناك فريقان من الخبراء، الأول يطالب الدولة بدعم البورصة والثانى لا يريد تدخل الدولة.. مع أى الفريقين تقف أنت؟
فى الواقع الدول تتدخل فى أسواقها اذا حدثت مشكلة، حتى إن أمريكا تتدخل دائما بضخ مبالغ عينية وإيجاد صناديق صانعة للأسواق، ولكن لابد أن تكون وفق عمل مؤسسى وليست عملية عشوائية فالتدخل الحكومى ليس مستغربا . 
✹ كيف ترى أرباح البنوك الكويتية خلال العام الحالى، وهل يمكن أن يستمر الحال على نفس الوتيرة خلال العام المقبل فى ظل  تذبذب الاقتصاد؟
✹✹ نتائج البنوك فى2015  ايجابية ووضعها جيد لان البنوك تعمل من خلال ازدهار الاقتصاد والمشاريع وتنخفض مع انخفاض الاقتصاد، فالبنوك هى من تمول المشاريع  وتفتح الاعتمادات والتمويل، فوضع البنوك المحلية ممتاز ولديها أرباح مؤجلة ومخصصات لمواجهة اى خطر قد يحدث وهذا يعطى البنوك قوة. 
✹ كيف ترى الحديث عن خطة الخصخصة فى الكويت.. وهل يمكن أن تثمر إن تمت؟
✹✹ قضية الخصخصة بدأت من مجلس الأمة ومر عليها الآن 25 سنة وظلت بين مد وجزر إلى أن صدر قانون الخصخصة الذى صدر غير مكتمل الأركان ومشوها واتى فى وقت سيئ والحكومة تائهة لا تعرف ما هى الجهة التى تبدأ بها عملية الخصخصة، وكانت الفكرة ان تطبق على الخطوط الكويتية اولا ثم تغير الموقف تجاه الخطوط الكويتية بحجة أنها الطائر الوطنى ويجب المحافظة عليه .
إذن من وجهة نظرك أى القطاعات من الممكن أن يطبق عليها قانون الخصخصة؟
من الممكن أن يطبق على قطاعات الدولة مثل التعليم والتوسع فى خصخصة الصحة والخطوط الأرضية والمواصلات والاتصالات .
 ✹ يدور الحديث حاليا عن رفع الدعم وفرض الضرائب وزيادة رسوم العديد من الخدمات.. كيف ترى الأمر؟
✹✹ اذا أردنا تقليص الدعم فيجب أن نبدأ أولا بالحد من الهدر فى وزارات الدولة، لان لدينا وزارات بها هدر كبير فى المصروفات ولدينا هدر فى  الرواتب والسيارات وتغير المكاتب والدورات التى على شكل رحلات سياحية للخارج، فلا بد أن نبدأ بقطاعات الدولة حتى يشعر المواطن بأن الدولة حريصة على تقليل النفقات ثم نطبق التقليص على المواطن بالتدريج  .
ويجب أيضا أن تنظر الدولة الى موضوعى الكهرباء والماء لاسيما أن فى الكويت من يستهلك أكثر هو الذى  يحصل على دعم أكبر وهذا لا يحدث فى أى دولة فى العالم  ومن المفترض أن يقسم استهلاك الكهرباء إلى شرائح، بحيث يكون الدعم لأصحاب الشريحة الأولى ويتحمل أصحاب الشريحة الثانية جزءا من الاستهلاك إلى أن نصل إلى الشريحة الثالثة والتى يجب رفع الدعم عنها، وهنا تكون العدالة لان النظام الحالى يعطى الدعم أكثر لأصحاب القصور والفلل، فإذا طبق نظام الشرائح ستكون الدولة والمجتمع هما الرابحين .
وايضا من الممكن أن نطبق نظام الشرائح على استهلاك الماء لان الكويت تمثل اعلى استهلاك للمياه فى العالم .