الجمعة 3 مايو 2024 09:48 مـ 24 شوال 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

أهم الأخبار

أهالي شهيد ”القضاء العالي” أمام المشرحة: ”سابنا عشان جاكيت ورجع جثة”

الساعة 12 صباحًا، سيارة الإسعاف تصل إلى مشرحة زينهم، حاملة جثمان محمد عادل الطويل، أحد ضحايا انفجار محيط دار القضاء العالي، يهبط رجلا الإسعاف لفتح باب السيارة ويخرجا منها 6 أشخاص رافقوا جثمان الفقيد خلال نقله من مستشفى الهلال برمسيس حتى وصوله للمشرحة.

أمام مشرحة زينهم، صرخات وحزن وعويل الأهالي تستقبل جثة الفقيد، حزنًا على فراقه، في انتظار خروج نجلهم جثة هامدة، وهم يدركون أن تلك النظرة ستكون الأخيرة، "لحظات والإجراءات هتخلص".. كلمة قالها عمال المشرحة لأهالي الشاب حتى يهدأون من روعهم.. ساعتان عانى فيهما الأب المكلوم مرارة فراق ابنه، انتظارا لإذن استلام الجثمان.

يسير "الحاج عادل" والد "محمد" في خطوات بلا هدى، أمام المشرحة، متحدثًا لنفسه تارة وللموجودين تارة أخرى، وتغرغرت عيناه بالدموع حزنًا على ابنه، ليصرخ فجأة بصوت عالٍ: "أنا نفسي أعرف هو كل ده ليه؟، لو هيرجعهولي عايش تاني أنا هستنى للسنة الجاية، بس ده خلاص مات.. أمانة ربنا خدها.. هعترض على حكمه؟"، ويواصل باكيًا: "بقالي أكتر من 12 ساعة من هنا لهنا علشان أستلم جثة، ده خلاص مات هتعملوا فيه إيه تاني هاتوه ليا أدفنه بإيدي".

"كريم": "محمد كان نفسه يشتغل في بنك أو يسافر"

على مقربة من والد محمد، يقف كريم أقرب أصدقاء الفقيد، يروي اللحظات الأخيرة لصديقه بصوت خافت، قائلًا: "هو سابني الساعة 1 الضهر.. قالي أنا رايح أجيب جاكيت من وسط البلد وهنتقابل على الساعة 3 علشان القطر بيتحرك الساعة 4 العصر، ونروح على البيت، وكلمته الساعة 3 لقيت تليفونه مقفول وبعد شوية كلمني أبوه وقالي إن خاله محمد اتصل بيه وقاله إن فيه قنبلة انفجرت بمنطقة وسط البلد وهو اتصاب".

يتنهد كريم قليلًا، وبعدها يواصل حديثه، قائلًا: "خاله عقيد شرطة بمعهد أمناء الشرطة بطرة، وصلت لمستشفى الهلال وبعديها جه خاله ودخل على طول وأنا فضلت واقف بره، وبعديها جه أبوه وعمامه وصحابه"، يقول الشاب العشريني، إن صديقه كان أقرب صاحب له، وكان دائمًا يتخرج بتقدير جيد جدًا في الكلية، مضيفًا بمرارة شديدة: "أنا ماليش إخوات صبيان وهو كان أخويا الوحيد، وكنت على طول قاعد معاه لحد وقت النوم بروح أنام في بيتنا، ومحمد كان نفسه يشتغل في بنك أو يسافر".

"حسام": "أنا سايب أمه في البيت بتقول يارب خدني معاه"

"إحنا كمصريين حقنا ضايع علشان إحنا كلاب في البلد دي، أنا كل ذنبي إني واحد مصري، ذنبي إيه إن واحد صاحبي مات ومش هعرف أجيب حقه؟".. كلمات قالها "حسام" أحد أصدقاء محمد، وهو سائر بعكازه على مقربة من أبواب المشرحة، مدة طويلة قضاها أهل محمد لاستلام جثمانه، يلخصها حسام، قائلًا: "محمد ميت من الساعة 3 العصر ولحد الساعة 2 بالليل لسه بيخلصوا في الإجراءات، إنت عارف كل ده ليه؟، علشان ده واحد مصري غلبان بيطلع من بيته يقول يارب، ده لو كان والده واحد مسؤول في البلد وكان مات الموتة دي أكيد أبوه مكنش هيسكت".

يندب الشاب العشريني حظه على "العيشة في مصر"، قائلًا: "أنا ومحمد ذنبنا إننا مصريين، وأنا في مصر مهما وصلت لدرجة عالية من التعليم عارف إني مش هبقي حاجة"، وبحسب حسام، لم تستطع والدة شهيد القضاء العالي المجيء لاستلام جثة ابنها، واصفًا حالها بالقول: "أنا سايب أمه في البيت بتقول يارب خدني معاه ومتسبنيش في اللي أنا فيه ده".