النهار
الأربعاء 20 أغسطس 2025 07:14 صـ 25 صفر 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

مقالات

رئيس التحرير يكتب : استفتاء الأخوان المسلمين

لابد أن نعترف أن الإستفتاء الأخير على التعديلات الدستورية البديل غير الشرعى لانشاء دستور جديد للبلاد ونجاح إستفتاء الإخوان المسلمين فى تعبئة وتجييش الشارع المصرى واللعب على ورقة الدين التلقائية من خلال الواجب الشرعى للتصويت بنعم فكان المشهد الانتخابى الرائع للمصريين يسيطر عليه بذكاء ودهاء وخبرة كوادر الإخوان المدربين والجاهزين للتعامل مع الموقفوفى غياب واضح للقوى السياسية الفاعلة والمؤثرة فى صندوق الانتخاب فمنذ بداية ثورة يناير تعامل الإخوان بمهارة وتكتيك ورؤية مستقبلية لجنى الثمار السياسية لهذه الثورة فابتعدت تماماً عن الشعارات الدينية واختفى شعار الإسلام هو الحل وشكلوا فريقاً من الشخصيات الإخوانية الفاعلة والمقبولة شعبياً وجماهيرياً لإدارة الثورة فنجح الكتاتنى وصبحى صالح وعصام العريان وأبو الفتوح والبلتاجى فى التعايش والاختفاء والظهور فى تنفيذ المخطط السياسى لجماعة الإخوان المسلمين لأن الفرصة السياسية لا تأتى إلا مرة واحدة فيجب استثمارها بكل الطرق مستفيدين من الأخطاء السابقة فى التعامل مع ثورة يوليو التى أدت إلى اعتقالهم سياسياً وجنائياً ولكن الظروف الآن تغيرت وأصبح الطريق ممهدا تماماً للوصول إلى السلطة السياسية مستقبلاً فكان إعلانهم الذكى أن مبدأ المشاركة لا المغالبة فى الانتخابات البرلمانية القادمة قرار لا رجعة فيه بالإضافة إلى أنهم لن يترشحوا أو يرشحوا أحدا منهم فى الانتخابات الرئاسية القادمة ليعطوا للجميع اشارات وتطمينات بأنهم لن يلعبوا بورقة الأغلبية المنظمة فى الشارع المصرى كفصيل سياسى موجود بقوة فى كل بيت مصرى وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها بالإضافة إلى التحالف المفاجئ مع السلفيين رغم اختلاف التوجهات والرؤية فى المشاركة السياسية فاستطاعوا بذكاء تجيشهم لصالح استفتاء الإخوان المسلمين أسف استفتاء التعديلات الدستورية الذى كنا فى غنى عنه تماماً بين فريق نعم الإخوانى والسلفى والوطنى وفريق لا المعارضة الوطنية والأقباطفلو كان هذا الاستفتاء على انشاء دستور جديد لتغيرت البوصلة السياسية لكل الفرق المختلفة فى التوجهات والمصالحودعونا نحلل ما يجرى ان قيادات الإخوان الجديدة قرأت الواقع المصرى الجديد بعد ثورة يناير المفاجئة لهم بالإضافة أن الفكر الإخوانى تحلل من القيود والأفكار والمعتقدات القديمة وأصبح يتفاعل مع التغيرات والمتغيرات التى طرأت على التركيبة السكانية المسيطر عليها الطبقة المتوسطة نتيجة للتغير الذى طرأ عليها فى السنوات الأخيرة بالإضافة إلى قراءتهم العميقة للطبقة الجديدة من رجال الأعمال الذين سيطروا على السلطة والمال وأصبح لهم وجود فى الشارع السياسى باستخدام المال السياسى لشراء كل الذمم ناهيك عن التطور الثقافى بالمفهوم الشامل وعدم الرفض التام للأعمال الدرامية وفنون النحت والتصوير والموسيقى والأدب وأصبحوا يتحفظون ولا يرفضون بشكل مطلق ناهيك عن إعلانهم الذى فيه دهاء وخبث سياسى أنهم مع الدولة المدنية بكل مفاصلها وأركانها ومع التعددية السياسية ومشاركة المرأة والأقباط فأصبحوا منفتحين على الجميع ناهيك على استقطاب شباب الثورة الإلكترونية الفيس بوك ومحاولات احتوائهم لتنفيذ رؤيتهم بضرورة الوصول إلى السلطة السياسية إن أجلاً أو عاجلاً فهم يعلنون أن هدفهم ليس الوصول إلى الحكم كما حاول نظام مبارك السابق تخويف الداخل والخارج من فزاعة الإخوان المسلمين وتطبيق النموذج الإيرانى على أرض مصر التى تميزت عبر الأجيال والأيام بالوسطية وهذا سر بقاء هذا البلد الآمن أهلها فغموض المرحلة الحالية التى تمر بها مصر مع عدم وضوح خارطة طريق على المسارات السياسية والبرلمانية والاقتصادية يجعلهم أكثر حيطة وحذراً من المجهول التى تعيش فيه البلد حتى الآن ولكن الجديد فى استفتاء الإخوان هو التحالف الخفى غير المعلن أيضاً مع عناصر الحزب الوطنى فى كل محافظات مصر وخاصة صعيد مصر الذى مازال حتى الآن يدين للنظام السابق فموقفهم من ثورة يناير غير واضح حتى الآن فالمتربصون فى الأركان السياسية المظلمة فى جميع أنحاء مصر تجعل الرؤية غير واضحة من مع من؟ ومن ضد من؟ اختطلت الأوراق وتشابكت المصالح والأهداف فهل أحد كان يتخيل حتى لو فى الحلم السياسى أن يتوافق الإخوان مع الحزب الوطنى مع السلفين كانت هذه من المستحيلات السياسية ولكنها أصبحت واقعاً سياسياً فى استفتاء التعديلات الدستورية التى اسقطت كل الأقنعة السياسية على الجميع تجلعنا نتساءل مصر رايحة على فين وأتذكر الحكمة التى تقول أركب عربة عدوك حتى تصل إلى هدفك وكل استفتاء ونحن غير مقتنعين ولكن ها هى الديمقراطية والمشاركة الشعبية ونسألكم الفاتحة على شهداء ثورة يناير وموقعة الجمل وموقعة التعديلات الدستورية