النهار
الأربعاء 23 يوليو 2025 11:25 مـ 27 محرّم 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

اقتصاد

التحديات الاقتصادية أزق حكومة محلب !!

لم تمر سوى بضعة أيام قلائل على استقالة حكومة الدكتور حازم الببلاوي، لتتولى بعده حكومة المهندس إبراهيم محلب، متحملة مسلسل التحديات والأزمات الاقتصادية التى لم تستطع حكومة سلفه حل الكثير منها، ولعل أخر هذه الأزمات عودة مسلسل الإضرابات العمالية، إذ ان الفترة الماضى قد شهدت موجة إضرابات للكثير من العمال جراء عدم تطبيق الحد الأدنى للأجور على بعض القطاعات فى الدولة.

وهو،الأمر الذى أثار عدة تساؤلات ، لعل أهمها ما أبرز التحديات والعقبات الأقتصادية التى تقف عائقاً أمام حكومة محلب الجديدة، وهل ستستطيع الحكومة الجديدة حلها والتغلب عليها، وما النصائح والإرشادات والسبل التى لابد على الحكومة الجديدة أن تتبعها للخروج من نفق الأزمات الأقتصادية ؟  الإجابة فى السطور التالية.

فى البداية أكد الدكتور صلاح جودة، الخبير الاقتصادى والمستشار الاقتصادى للمفوضية الاوروبية، أن حكومة المهندس إبراهيم محلب قد تواجه تحديات اقتصادية ثقيلة لم تستطع حكومة الدكتور حازم الببلاوى السابقة حلها، موضحاً أن أبرز التحديات التى تقف عائقاً امام إنعاش الاقتصاد هو إنهاء سلسلة الاضرابات العمالية التى اجتاحت العديد من القطاعات المهنية ، والتى تحتاج لحلها تطبيق الحدين الأدنى والأقصى للأجور ، ذلك القرار الذى فشلت الحكومة السابقة على تطبيقه، هذا بجانب أزمة الطاقة والتى تسببت فى توقف الكثير من المصانع عن العمل التى لازالت مستمرة حتى هذه اللحظة وتتسبب فى إنقطاع الكهرباء بشكل شبه يومي، هذا بجانب استمرار موجة ارتفاع الأسعار وغيرها من التحديات.

الاستغناء عن المستشارين

واضاف جودة أن تطبيق الحدين الأدنى والأقصى للأجور من الممكن تطبيقه بسهولة وذلك عن طريق الاستغناء عن المستشارين الذين لا أهمية لهم بمؤسسات الدولة  سواء فى القطاع العام، أوقطاع الأعمال، أوالوحدات المحلية، خاصة أن هؤلاء المستشارين يتقاضون سنويا 20 مليار جنيه ، موضحاً أن هذا الرقم  قد أعلن عنه  الدكتور هشام جنينة رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، لذا لابد على الحكومة الجديدة أن تسرع بتطبيق الحدين الأدنى والأقصى للأجور لأن هذا الأمر سيعطى قوة دفع وحماساً للعمال وسيساهم فى العودة للعمل ومن ثم تشغيل عجلة الإنتاج التى توقفت لفترة كبيرة.

وأوضح جودة أنه يعتقد أن حكومة محلب الجديدة قد تستطيع حل الأزمات ، إذ توافرت لديها أفكار اقتصادية جديدة لمواجهة التحديات والعقبات التى تقف عائقاً أمام النمو الاقتصادي، خاصة أن مصر تعد من أكثر بالبلدان التى تتسم بوفرة مواردها، إلا أنها فى الوقت ذاته تفتفر لآليات الإدارة الحكيمة التى قد تخرج الاقتصاد المصرى من نفقه المظلم.

وتابع جودة حديثه لـ» النهار» قائلاً إن لديه عدداً من النصائح التى لابد على حكومة محلب  إتباعها لإنقاذ الاقتصاد المصرى ومساعدته للخروج من من كبوته وأزمته، إذ انه لابد على الحكومة  أولاً أن تقوم بالمصالحة مع المستثمرين الذين أقاموا دعاوى تحكيم دولي، إذ ان الدعاوى ضد مصر تتزايد يوماً تلو الآخر، خاصة أن هناك 32 قضية مرفوعة فى التحكيم الدولى تطالب بـ 100 مليار دولار، فالمصالحة قد تساهم فى تقليل الأعباء الملقاة على الاقتصاد خاصة أن معظم أصحاب الدعاوى من الأشقاء العرب.

واضاف جودة أن جميع المصانع المتوقفة عن العمل لابد أن تعود مجدداً للعمل ، موضحاً أن عودة المصانع للعمل سيساهم فى توفير مليونى فرصة عمل  وزيادة حجم الناتج القومى للدولة، فضلاً عن أن هذا الأمر سيساهم فى تنشيط أداء البورصة وعودة المستثمرين من جديد للسوق المصري، هذا بجانب أن هناك نحو مليون قطعة أرض غير مستغلة لابد على الحكومة أن تعلن عنها للبيع ، فهذا الأمر سيساهم فى ضخ مائة مليار جنيه فى خزانة الدولة ، خاصة أن مساحة القطعة 1000 متر سعر المتر 100 جنيه.

واوضح جودة أنه لابد على الحكومة أيضاً أن تقوم بتشديد الرقابة على الأسواق لمنع جشع التجار ومنع الاحتكار، هذا بجانب ضرورة إعادة هيكلة الدعم خاصة أن قيمته فى الموازنة العامة  تمثل نحو 205 مليارات جنيه.

مأزق  الوعود

بينما يرى الدكتور كمال القزاز ، الخبير الاقتصادى وأستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ، أن أكبر التحديات التى قد تواجهها الحكومة الجديدة هو الاضرابات العمالية والتى تشمل فئات عديدة لعل أبرزهم عمال الحديد والصلب والغزل والنسيج ، وموظفو الشهر العقارى والأطباء وأخيرا سائقو النقل العام فى القاهرة وغيرهم، موضحاً أن موجة الاضرابات إذ إستمرت فإن هذا الأمر قد يجعل حكومة محلب قد تواجه نفس المصير الذى لاقته حكومة الببلاوى وهو الاستقالة المفاجئة.

وأضاف القزاز أن المهندس إبراهيم محلب يمتاز دائماً بقرارته الفورية والسريعة على عكس حكومة الببلاوى الذى اتسم أداؤها بالبطء الشديد، موضحاً أنه يتوقع أن تستطيع حكومة محلب التغلب على الأزمات والعقبات الأقتصادية التى لم تستطع الحكومة السابقة حلها، خاصة أن محلب يمتلك خبرة اقتصادية  إذ انه قد شغل منصب وزير الاسكان فى حكومة الببلاوي، وكان رئيسا لمجلس إدارة شركة المقاولون العرب، وهى واحدة من أكبر شركات المقاولات فى مصر.

واوضح القزاز أن محلب لابد أن يتجنب المأزق الذى وقعت فيه الحكومة السابقة وهى إصدار قرارات ومنح وعود للمصريين دون وضع أى دراسة مسبقة، لافتاً إلى أن الببلاوى وعد العمال والموظفين بتطبيق الحدين الأدنى والاقصى للأجور ابتداء من يناير 2014 فى حين أن الإمكانيات المالية  للدولة لم تسمح بذلك مما تسبب فى ظهور وعودة موجة الإضرابات العمالية التى تسببت فى الإطاحة بحكومته ، وهذا ما اتضح فى استقالة حكومته المفاجئة دون ظهور أى مقدمات لذلك.

وطالب القزاز حكومة محلب بضرورة إعادة هيكلة الدعم، خاصة أن هذا الأمر سيدر للدولة ملايين الجنيهات ، ومن ثم سيساهم فى عودة المصانع المتعثرة للعمل مرة أخرى كما سيساهم فى التخلص من أزمة انقطاع الكهرباء، كما طالبه بسرعة حل أزمة الإضرابات العمالية لتشغيل عجلة الانتاج مرة أخرى ، وإعادة هيكلة الأجور ، مطالباً فى الوقت ذاته جموع الشعب بمنح الحكومة الجديدة فرصتها كى تنعش الاقتصاد المصرى الذى بات يشهد حالة من الركود.

تفاؤل

بينما يرى أحمد آدم، الخبير الاقتصادى ، أن المهندس إبراهيم محلب وضع الأساسيات التى سيسير عليها خلال الفترة المقبلة، والتى تتعد مبشرة بالتفاؤل، خاصة أن تبدأ بإعادة الاستقرار الأمنى للبلاد، وهذا الأمر سيساهم فى تحقيق الاستقرار السياسى الذى سرعان ما يتبعه استقرار اقتصادى وانتعاش فى البورصة ويساهم هذا الأمر فى عودة الاستثمارات العربية والأجنبية من جديد، موضحاً أن الأستقرار الأمنى سيلعب بدوره فى تنشيط قطاع السياحة الذى يعد أحد مصادر النقد الأجنبى للدولة. وأضاف آدم أن أبرز العقبات والإشكاليات الاقتصادية التى تقف عائقاً أمام عمل حكومة محلب الجديدة هى انخفاض حجم الاحتياطى من النقد الأجنبي، واستمرار أزمة الطاقة، وارتفاع حجم الديون المحلية لتبلغ نحو 1600 مليار جنيه، وارتفاع عجز الموازنة العامة للدولة، وارتفاع معدلات التضخم جراء ارتفاع الأسعار وغرتفاع معدلات البطالة ، وانهيار قطاع السياحة التى تدهورت خلال الفترة الأخيرة جراء التفجيرات الارهابية ما دفع عدداً كبيراً من البلدان الأجنبية تقرر حظر السفر لمصر مما أدى لتوقف السياحة فى مصر ، هذا بجانب وجود عجز كبير فى ميزان المدفوعات .

وطالب آدم الحكومة الجديدة بضرورة حل إشكاليات المصانع المتعثرة والمتوقفة عن العمل، خاصة أن تشغيلها سيساهم فى توفير أجور العاملين بها، كما أنه سيساهم فى توفير فى توفير فرص عمل جديدة للشباب، كما طالب بضرورة البحث وإعادة دراسة إشكاليات ملف التأمينات الاجتماعية والمعاشات، وبحث كافة السبل لسداد 460 مليار جنيه الخاصة بالتأمينات وذلك لأن توفير هذه الأموال سيساهم فى تقليل عجز الموازنة العامة للدولة.