الخميس 28 مارس 2024 11:46 صـ 18 رمضان 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

حوارات

محفوظ عبد الرحمن : كهنة السلطان يضعون الحاكم في جيوبهن

محفوظ عبد الرحمن
محفوظ عبد الرحمن

أكد الكاتب الكبير محفوظ عبدالرحمن أن الثقافة المصرية بدأت في أعقاب رحيل النظام البائد من الصفر مطالباً الجمهور بأن يصبر عليها حتي يشتد عودها قليلا.

وأشار إلي أن الناس يحركها حديث داخلي يدفعها للمقارنة بين عهد مبارك القوي والمستقر حتي وإن كان مستبداً وعهد محمد مرسي الضعيف غير المستقر ولو كان عادلا وديمقراطيا ً واصفاً المشهد الحالي في مصر بالمرتبك والغريب والمثير للاكتئاب موضحاً أن هذا الأمر لن يستمر طويلا بحكم طبائع الأمور.. التفاصيل في سطور الحوار التالي :

> كيف تقرأ المشهد السياسي الحالي؟

- لا شك أنه مشهد مرتبك ويثير الاكتئاب وغريب جدا وليس به أي بصيصي أمل أو ضوء خافت في نهاية النفق الذي نحياه.

> وهل سيستمر الحال علي ما هو عليه طويلاً؟

- بالطبع لا.. لأننا لن نتحمل هذا الفشل الذي نحياه طويلا ولن يستمر الوضع علي ما هو عليه إلي ما لا نهاية لأن ذلك أمر مجافي لطبائع الأمور.

> وهل تعتقد أن الرئيس مرسي سيكمل سنواته الأربع والتي هي مدته الرئاسية الأولي؟

- هذا الأمر لا يشغلني كثيرا ولست مهموماً به ويهمني الوضع العام بشكل أكثر لأن قرار الرئيس قد يكون ليس ملكه الآن، أو أنه يري مبالغات في تصوير السلبيات التي يمر بها الوطن أو أن التقارير التي تصله تختلف عن الواقع أو غيرها من الأمور التي لن تستمر طويلا فعلا.

> ولماذا تجزم بأن الوضع لن يستمر طويلاً؟

- لأن جميع الشواهد تدل علي ذلك والشعب المصري الأكثر تحملا ويعطي الفرصة كاملة للجميع حتي إذا نفد صبره جراء الممارسات التي تقع علي الارض وما أشبه ما يحدث بما حدث في عصر مبارك فإنه لا يسبق غضبه بإنذار وإنما يخرج الكارت الأحمر مباشرة.. فالضرائب «ولعت» والكهرباء أوشكت علي صعقنا جراء الزيادة الهائلة في الأسعار والمياه صارت أضعافاً مضاعفة والتراخيص الحكومية كذلك مما يوحي للناس بأن هناك مؤامرة عليهم.

>> أليس هناك مجلس شوري يستطيع أن يشرع ويراقب أداء الحكومة؟

- موقف مجلس الشوري يستحق حديث بمفرده لأنه أصبح غامض جداً وكل يوم يخرج لنا بقوانين لا نعرف مصدرها ولا نراها ولا تعرض علينا ولا نتوافق عليه كما وعدوا بذلك وكل ذلك أمور تجعل الحليم حيرانا.

> هل تري أن هناك صلة بين الكرسي وممارسات المسئولين وعندهم في مواجهة الشعب؟

- بالطبع.. فمن يجلس علي الكرسي يتغير.. لأن جميع من حوله يتغيرون أيضا ويزينون أفعاله ويمتدحون آراءه حتي ولو قابله أي معارض سياسي فإنه في معرض حديثه دائما ما يثني عليه ويثمن مواقفه قبل أن يخوض في السلبيات إذا خاض فيها من الأساس والرئيس أو المسئول إذا شنف آذانه بهذا الثناء العظيم استمرأه واستطعن وصار يشتهيه حتي إذا ما تغيرت لهجة أحد معه عن ذلك مال إلي أحد غيره ممن يطريه ويمدحه .

> ألن يتغير هذا النظام.. خاصة بعد ثورة 25 يناير؟

- كيف يتغير وهو موجود منذ الفراعنة وحتي الآن فكهنة السلطان سيظلوا موجودين حتي ولو تغيرت أسماؤهم وذواتهم ستظل صفاتهم وأفعالهم تلاحق الحكام والمسئولين لأنهم يضعوا الحاكم في جيوبهم بكلامهم المعسول الساحر الذي تذوب منه الآذان والأفئدة كأنت العظيم وأنت الحكيم وأنت فلتة هذا العصر وأنت منقذ الوطن من التهلكة وطالما النفس البشرية هي هي لم تتغير فما الذي يدعو السلاطين إلي سماع التقريع إذا كان في إمكانهم أن يسمعوا المديح والثناء وحتي لو سمعوا لماذا يصدقوا القدح ويتركوا المدح؟ وعموما فالعند صفقة من لاينظر إلي أعماله ومن لايشارك الآخر مآساته.

> وكيف تقرأ ارتفاع معنويات مبارك وتحيته إلي الناس بعلامة النصر؟

- مؤشر خطير بالطبع.. يدفع الناس إلي أن تحن إلي الفترة السابقة ونحن ضدها بطبيعة الحال وهو أمر يدفع الحوار الداخلي للناس للمقارنة بين النظامين وهي للأسف ليست في صالح النظام الحالي والمعطيات والنتائج علي أرض الواقع غير مبشرة إذا قارنا بين نظام قوي ولو كان مستبدا وآخر ضعيفا ولو كان عادلا أو علي الأقل نظام مستقر وآخر غير مستقر.

> وما رأيك في دعوة البعض لنزول الجيش؟

- الجيش كالأخ الأكبر نلجأ إليه في الشدائد والمحن رغم أننا أوسعناه من شعارات «يسقط حكم العسكر» إلا أن الحنين إليه أصبح جارفا خاصة أن له هدفين أن يحمي الحدود الخارجية للوطن ويصونها من أي اعتداءات وأن يتدخل لحماية استقراره علي المستوي الداخلي وهو ما تجلي في نزوله إلي الشارع في أحداث بورسعيد ولم يتلمص عن دوره الوطني.

> أخطاء الفترة الانتقالية للمجلس العسكري ألا تقلقك؟

- لقد وضعت بالفعل أخطاء جسيمة في الفترة الانتقالية وأعتقد أن قيادات الجيش أنفسهم معترفون بها ولكننا إذا استعرضنا مسيرة الجيش فسنجد صفحته ما زالت بيضاء رغم هذه الأخطاء وأنظر إلي موقفه من أحداث 17و 18 يناير في عهد السادات أو انتفاضه الأمن المركزي خاصة أنه يجيد التعامل مع الناس ويعطيهم انطباع حقيقي بأنه لم ينزل ليؤدب الناس وإنما ليساعدهم في المرور بفترات المحن التي يمرون بها.

> علي الجانب الثقافي كيف تري الوضع؟

- نحن في منحدر شديد لأن ما حدث في 25 يناير كان موقف يعبر عن رفض التجريف الثقافي بأشكاله المختلفة وكأن ما حدث يشير إلي أننا بدأنا منذ سقوط مبارك من الصفر ثقافيا.

> ولكن المتابعين كانوا يتوقعون أن تحدث نهضة ثقافية بعد الثورة؟

- كيف تطلب من طفل في المهد أن يقوم بواجبات شاب في مقتبل العمر؟! فهذا هو واقع الأمر لأن الثقافة الآن أشبه بطفل لم يتجاوز العامين من عمره ويحتاج إلي تدعيم وتربية ورعاية حتي يشب ويكبر ويكون له مجال في حسن السلوك والأخلاق ومازال أمام الثورة حتي يظهر مردودها الثقافي مزيدا من الوقت نظرا لأن الهم العام والسياسة قد سحبت جميع اهتمامات الناس وأولياتهم ولم تترك لأحد مجال الإبداع أعمال أدبية أو شعرية.

> وماذا عن المسرح؟

- في أدني أحواله ووصل إلي درك خطير من الانحدار خاصة أنه أصبح في وضع اللقيط ولا تجد أحد من المسئولين تستطيع أن تخاطبه أو تستطيع أن تحمله شيء وينفذه علي أرض الواقع.