الحاج سيد عبد القادر.. أيقونة الروحانية والتجديد في فن الخط العربي
في إطار حرص وزارة الثقافة المصرية على صون التراث الفني غير المادي، والاحتفاء بالرموز التي أسهمت في تشكيل الوعي الجمالي والروحي للحرف العربي، جاءت الدورة العاشرة من ملتقى القاهرة الدولي لفنون الخط العربي، التي نظمها صندوق التنمية الثقافية، لتحمل اسم الخطاط الراحل سيد عبد القادر (الحاج زايد)، تقديرًا لعطائه الممتد وإسهاماته المؤثرة في مسيرة الخط العربي الحديث.
ويعكس هذا الاختيار رؤية واعية لدور الفن بوصفه ذاكرة حية للأمم، حيث يضطلع صندوق التنمية الثقافية بدور محوري في إعادة تقديم رموز الإبداع العربي في سياق معاصر، يربط بين الأصالة والتجديد، ويؤكد استمرارية التراث بوصفه عنصرًا فاعلًا في تشكيل الوجدان الثقافي.
وفي هذا السياق ؛ أكد المعماري حمدي السطوحي، مساعد وزير الثقافة للمشروعات الثقافية والمشرف على صندوق التنمية الثقافية، أن إطلاق اسم الحاج زايد على الدورة العاشرة من الملتقى لا يُعد تكريمًا رمزيًا فحسب، بل هو اعتراف بقيمة تجربة فنية وإنسانية متكاملة، وأوضح أن الحاج زايد يمثل نموذجًا نادرًا للخطاط الذي التزم بأصول الكتابة العربية، وفي الوقت نفسه امتلك القدرة على التجديد داخل منظومتها الجمالية، بما جعل أعماله شاهدة على طاقة الحرف العربي في التعبير عن المعنى والسلام والسمو الإنساني.
ويمثّل الحاج زايد عبد القادر أحد الأسماء البارزة في تاريخ الخط العربي المعاصر؛ إذ تميّزت تجربته بقدرة فريدة على المزاوجة بين المهارة التقنية العالية، والحس الروحي العميق، والوعي بتاريخ الحرف ووظيفته الحضارية، وقد أتاح له هذا التكوين أن يقدّم حلولًا جمالية مبتكرة داخل الأطر الكلاسيكية للخط، ما جعله مرجعًا مؤثرًا لأجيال متعاقبة من الخطاطين.
وُلد الحاج زايد في الرابع عشر من نوفمبر عام 1921 بحي الدراسة بالقاهرة، وظهرت موهبته في سن مبكرة، حيث لفتت كتاباته أنظار معلميه منذ سنواته الدراسية الأولى، ومع مرور الوقت، تشكّل وعيه الفني عبر ممارسة دؤوبة جعلت من الخط مسارًا حياتيًا لا مجرد حرفة، فانعكس ذلك على أعماله التي اتسمت بالانضباط، والصفاء، والدقة البصرية.
وعلى المستوى المهني، أسهم عمله في مؤسسات كبرى، من بينها شركة «شل»، في اتساع دائرة تأثيره، ولا سيما من خلال اللوحات الخطية التي صاحبت إصدارات ثقافية وشعائرية ذات حضور جماهيري، الأمر الذي رسّخ اسمه داخل المشهد الفني والثقافي.
كما ارتبط إنتاج الحاج زايد بسمات إنسانية أصيلة، تمثلت في التواضع، ونقاء السلوك، واحترام قيمة الحرف، وهي عناصر انعكست مباشرة على شخصيته الفنية، وجعلته نموذجًا للخطاط الذي يُدرك أن الكتابة فعل أخلاقي وجمالي في آن واحد.
ويؤكد هذا الاحتفاء، الذي يأتي ضمن فعاليات ملتقى القاهرة الدولي لفنون الخط العربي، على التزام وزارة الثقافة وصندوق التنمية الثقافية بتكريس ثقافة الاعتراف بالرواد، وإعادة دمج تجاربهم في الحراك الثقافي المعاصر، بما يضمن انتقال قيم الخط العربي بوصفه فنًا وهوية ورسالة إنسانية عابرة للأجيال.


.jpg)

.png)


.jpeg)

.jpg)



