أسامة شرشر يكتب: هنا القاهرة.. المتحف المصرى الكبير
«النيابة» تكليف لا تشريف
يعرف الجميع ارتباطى الوثيق بالبرلمان المصرى، منذ بداياتى المهنية صحفيًّا برلمانيًّا ثم نائبًا عن الشعب تحت القبة، وذلك فى أزهى عصور البرلمان، عندما كان هناك هامش يتيح للنواب ممارسة الوظيفة الأصلية للبرلمان لأننا تعلمنا على مدار التاريخ أن البرلمان أداة الإصلاح السياسى عبر آلياته التى نعرفها عن قرب ومارسناها داخله، من استجواب وطلب إحاطة وسؤال برلمانى، وشاهدنا استدعاء الحكومة سواء رئيسها أو وزراؤها للرد على كل القضايا التى تهم الجماهير وتحدد مستقبل هذا البلد.
ويعرف الجميع كيف قمت بدورى البرلمانى تحت القبة بشهادات موثقة كان حرصى الأول والأخير فيها مصلحة هذا الوطن ومصالح هذا الشعب.
وقد ترددت فى خوض الانتخابات البرلمانية الحالية وخرجت ببيان فى بث مباشر، شرحت وبينت وكشفت فيه أسباب هذا القرار ودوافعه فى ظل حياة سياسية وبرلمانية تداخل فيها المال السياسى والبيزنس البرلمانى مع مصالح خاصة تجعل معيار الاختيار ليس هو الجماهير التى أصبحت هى آخر محطة فى العملية الانتخابية؛ حيث إنهم أرادوها خارج الخدمة.
وما إن انتهيت من البث المباشر، حتى توالت الاتصالات والضغوط من أبناء الدائرة، وحدث ذلك أمام جمع من الزملاء الصحفيين مما جعل الضغط مزدوجًا ما بين رأى أبناء الدائرة ورأى الزملاء الصحفيين، وهو ما دفعنى لمراجعة القرار، ومع استمرار الضغط اتخذت قرارى في اليوم الأخير بل وفى الساعة الأخيرة التى تسبق إغلاق باب الترشح، وذلك بسبب الضغط الشعبى والطوفان الإنسانى والزلزال البشرى ليس على مستوى دائرة منوف وسرس الليان والسادات فحسب، بل على مستوى محافظة المنوفية، وعلى مستوى الجمهورية، ومن خلال زملائى فى نقابة الصحفيين والكتاب والسياسيين الذين تساءلوا: هل يعاقَب النائب على مواقفه الوطنية فى حب شعب مصر وعدم التنازل عن أرضها ومحاربة الفساد والمفسدين والانحياز التام إلى هموم ومشاكل المواطنين؟
وبذل كل من حولى جهده لإعداد الأوراق وتقديمها وتوالت الأحداث التى يعرفها الجميع بعد ذلك.. والأمر الوحيد الذى يحز فى نفسى أن أبناء الدائرة هم الذين كانوا غاضبين مما جرى.
أما بالنسبة لى فقد قلتها مرارًا وتكرارًا، فى أكثر من مناسبة وموقف وتحت قبة البرلمان وخارجه وفى مقالاتى وبين زملائى، إننى زاهد فى هذا الأمر وأراه على حقيقته «النيابة تكليف وليست سرقة ولا تهريب ولا تهليب».
وصدقت نبوءتى وتوقعاتى برفض الطعن، وكل طعن وأبناء دائرتى وأبناء المنوفية والشعب المصرى بخير، ونراكم فى طعون قادمة.
• • •
افتتاح المتحف
بافتتاح المتحف المصرى الكبير، أكبر متحف فى العالم– أكبر حتى من متحف اللوفر الفرنسى- حيث يضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية فإن مصر تتحدث عن نفسها وعن تاريخها وعن آثارها ومجدها، والعالم يتنظر هذا الحدث التاريخى الذى يحدث على فترات وفترات طويلة.
فهو شهادة أمام العالم أن مصر تبقى مهما حاول الآخرون النيل منها والقفز على دورها التاريخى، فها قد جاء اليوم لتتحدث آثار مصر عن نفسها، من خلال تمثال رمسيس الثانى الذى هزم الحيثيين، ولا ننسى أن نقل تمثاله الشهير من ميدان رمسيس إلى المتحف شاهده وتابعه ملايين البشر حول العالم، والذى جعلنا نسترجع هذه الأمجاد التى نحتاج إليها فى هذا التوقيت الهام والحساس أن الموازين انقلبت وأصبح الصغار كبارًا، والكبار صغارًا، ولكن ستظل مصر فوق الجميع.
فالمتحف المصرى الكبير الذى يتواجد فى محيط الأهرامات، يعطى انطباعًا بأن جيلًا يسلم جيلًا، فالفراعنة يسلمون المصريين هذا المتحف الذى كانت فكرته نابعة من فنان مصرى أصيل شرب من نيل مصر وجاء من إسكندريتها وهو الفنان فاروق حسنى صاحب الفكرة ونقطة الانطلاق والذى دعمه فيها الرئيس الراحل حسنى مبارك، وكانت اليابان هى أول ممول وداعم لهذا المتحف بمليارات الجنيهات واستكمل المسيرة الدكتور خالد العنانى الذى أصبح مديرًا عامًّا لمنظمة اليونسكو، ثم استكملها من بعده الوزير النشط شريف فتحى.
خلال الساعات القادمة ستستضيف مصر عددًا كبيرًا من قادة وملوك ورؤساء دول العالم، الذين وجه لهم الرئيس عبد الفتاح السيسى الدعوة للحضور ولمشاهدة مجموعة توت عنخ آمون كاملة، وآثار مصر العظيمة والمومياوات الملكية المصرية، ليكون حدثًا وزلزالًا سيهز أرجاء العالم، بعد تأجيل طال كثيرًا، بسبب الحروب والإبادة البشرية بحق أهلنا فى غزة خلال العامين الماضيين، وهؤلاء الزعماء والرؤساء والملوك سيتوقفون ويتساءلون ويتعلمون من تاريخ مصر وعظمتها.
وها قد جاء اليوم الذى سيتحدث فيه العالم كله عن مصر فى القرن الـ21، في ظل حدث أسطورى سيقف العالم أمامه مشدوهًا ويتساءل: كيف يبنى المصريون قواعد المجد والثقافة والحضارة والتاريخ ولم ينل منهم أحد؟!
فهنيئًا لشعب مصر العظيم هذا الإنجاز الضخم الذى ستبثه وسائل الإعلام العالمية فى هذا التوقيت الذى يحتاج فيه الشعب المصرى أن يعيش ويتعايش مع إنجازات بعيون العالم، لا سيما إنجازًا فى مثل هذا الموقع التاريخى والأثرى والحضارى، فافتتاح المتحف المصرى الكبير بجوار أهرامات مصر الثلاثة يجعله هرمًا رابعًا جديدًا.
فأهلًا بضيوف مصر من كل أنحاء العالم..
ولتبقى مصر ولو كره الآخرون.


.jpg)



.jpg)


.jpg)

.jpg)
