شبكات مؤثرين مأجورين.. كيف تسوّق إسرائيل روايتها عبر وسائل التواصل

في ظل التحولات الحادة في الرأي العام العالمي ضد جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة، كثّفت إسرائيل جهودها الدعائية عبر شبكة من المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، بتمويل مباشر من وزارة الخارجية الإسرائيلية. فقد كشف اجتماع عقده بنيامين نتنياهو مع مجموعة من المؤثرين، عن رهان الحكومة الإسرائيلية على هؤلاء الأشخاص لتعزيز الرواية الرسمية والتأثير في الجمهور، خصوصًا في الولايات المتحدة.
وخلال اللقاء، شدد نتنياهو على ضرورة "تأمين قاعدة الدعم" داخل الولايات المتحدة، محذرًا من تراجع التأييد الإنجيلي لإسرائيل، ومؤكدًا أن المؤثرين يمثلون أداة رئيسية للتواصل مع الأجيال الأصغر.
وثائق مقدمة بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (FARA) في الولايات المتحدة أظهرت أن وزارة الخارجية الإسرائيلية استعانت بشركة "بريدجز بارتنرز" لتنظيم حملة مدفوعة الأجر، تضمنت دفع مبالغ تصل إلى 7000 دولار أمريكي لكل منشور على منصات مثل تيك توك وإنستغرام. ووفقًا لمنظمة "السياسة المسؤولة"، خُصصت ميزانية هذه الحملة لإنتاج ما بين 75 و90 منشورًا خلال الفترة من يونيو حتى سبتمبر 2024، تحت عنوان "مشروع إستر".
ويحمل اسم المشروع دلالات أيديولوجية، إذ يشابه مبادرة أخرى أطلقتها مؤسسة "هيريتدج" الأمريكية اليمينية في أكتوبر 2024، تحت العنوان نفسه. تهدف مبادرة "هيريتدج" إلى مواجهة ما تصفه بـ"معاداة السامية" في الجامعات والخطاب العام، غير أن منتقدين يرونها محاولة لربط انتقاد إسرائيل بالتطرف والإرهاب، وبالتالي نزع الشرعية عن أي معارضة لسياسات الاحتلال. ورغم عدم وجود صلة تنظيمية مباشرة بين المشروعين، فإنهما يشتركان في الهدف ذاته: خلط التضامن مع فلسطين بمفاهيم التطرف.
وتشير التقارير إلى أن الاستراتيجية الإسرائيلية لا تقتصر على تمويل المؤثرين، بل تشمل أيضًا التلاعب بخوارزميات المنصات الرقمية، واستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتأطير المحتوى، إلى جانب شراكات إعلامية غير معلنة. وتهدف هذه الجهود مجتمعة إلى إعادة صياغة الخطاب العام العالمي، ومواجهة الاتهامات المتزايدة ضد إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية.
بهذا، تكشف الوثائق أن ما يجري ليس مجرد نشاط دعائي تقليدي، بل عملية تأثير سرية واسعة النطاق، تستغل أدوات الإعلام الرقمي لتسويق خطاب الاحتلال، وتعمل على إعادة تشكيل بيئة المعلومات بما يخدم استمرارية الدعم الدولي لإسرائيل، خاصة لدى الأجيال الشابة في الغرب.