النهار
الثلاثاء 23 سبتمبر 2025 01:56 مـ 30 ربيع أول 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
وفرها تعزز مكانتها كمنصة رقمية رائدة بـ 7 ملايين مستخدم الأنبا مينا يترأس اجتماع مجمع كهنة إيبارشية برج العرب والعامرية ديجيتايز: معدل نمو قطاع الاتصالات فى مصر يعكس حجم الفرص الاستثمارية الضخمة اورنچ بيزنس شريك التكنولوجيا الرسمي لمعرض «سيتي سكيب مصر» 2025 محافظ أسيوط يشهد احتفالية تكريم المتفوقين من أبناء دار الصفا لرعاية الأيتام بحي غرب مؤشر «EGX30» يصعد 0.32% مع منتصف تعاملات البورصة المصرية مدير ”تعليم الجيزة” يتفقد مدارس العمرانية وبولاق الدكرور لمتابعة انتظام العام الدراسي.. ويؤكد: مكتبي مفتوح للجميع سيدة سنغافورة الأولى تزور حرم الجامعة الأمريكية بالقاهرة الجديدة الحديد والصلب تمد فترة التصفية عامًا إضافيًا بعد اعتماد تقرير النصف الأول عمومية شركة إيديتا تقر إلغاء برنامج شهادات الإيداع الدولية من بورصة لندن سيراميكا ريماس توافق على مد أجل الشركة إلى 75 عامًا تكريم الفنان لطفي لبيب في مهرجان القاهرة الدولي للمونودراما

عربي ودولي

الأمم المتحدة تتحول لساحة المواجهة: العالم يعترف بفلسطين ويدفع نحو حل الدولتين

مؤتمر نيويورك لحل الدولتين
مؤتمر نيويورك لحل الدولتين

تقرير:هالة عبد الهادي

في خطوة تاريخية تعكس تحوّلًا دبلوماسيًا واسع النطاق، أعلنت فرنسا، إلى جانب عدد من الدول الغربية والعربية، اعترافها الرسمي بدولة فلسطين خلال مؤتمر نيويورك لحل الدولتين. وتأتي هذه التطورات وسط أجواء متوترة في قطاع غزة، ومع تصاعد الأصوات الدولية الداعمة لحق الفلسطينيين في السيادة والاستقلال، ما يضع القضية الفلسطينية على رأس الأولويات السياسية والقانونية للمجتمع الدولي.

ماكرون يعلن اعتراف فرنسا الرسمي بدولة فلسطين

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الإثنين، من على منبر الأمم المتحدة في نيويورك، اعتراف بلاده بدولة فلسطين، مؤكدًا أن "وقت السلام قد حان".

وقال ماكرون في افتتاح خطابه خلال مؤتمر "حل الدولتين":نحن هنا لأن الوقت حان. حان الوقت للإفراج عن 48 رهينة تحتجزهم حماس، وحان الوقت لوقف الحرب والمجازر في غزة. البعض سيقول إن الأوان فات، وآخرون يعتبرون أنه مبكر جدًا، لكن لم يعد بالإمكان الانتظار".

وأشار الرئيس الفرنسي إلى أن اعتراف باريس بالدولة الفلسطينية يمثل خطوة حاسمة على طريق السلام، مضيفًا: "الاعتراف بدولة فلسطين هو الحل الوحيد لضمان السلام لإسرائيل، وهو أيضًا هزيمة لحماس". كما شدد على أن "الدولة الفلسطينية يجب أن تكون منزوعة السلاح"، لافتًا إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أكد دعمه لنزع سلاح حماس".

ورغم تأكيده على أن التزام فرنسا تجاه إسرائيل لم يتغير، أوضح ماكرون أن مستوى التعاون معها سيظل مشروطًا بإجراءاتها نحو وقف الحرب وتحقيق السلام. وأضاف: "يجب وقف حرب غزة لإنقاذ أرواح الرهائن وسكان القطاع".

وبذلك تنضم فرنسا إلى حلفاء غربيين مثل بريطانيا وكندا، اللتين اعترفتا بدولة فلسطين الأحد، إلى جانب أستراليا والبرتغال. وأكد ماكرون أن "هذا الاعتراف لا ينتقص من حقوق إسرائيل التي دعمتها فرنسا دائمًا، بل هو خيار مسؤول وضروري لإحياء حل الدولتين".

د. محمد اليمني خبير العلاقات الدولية: الاعتراف الأوروبي بفلسطين اختراق سياسي ودبلوماسي وتحوّل في الخطاب الدولي

وفي هذا السياق، قال د. محمد اليمني، خبير العلاقات الدولية، في تصريح خاص إن اعتراف بريطانيا وفرنسا وعدد من الدول الأوروبية بدولة فلسطين يمثل اختراقًا سياسيًا ودبلوماسيًا كبيرًا بكل المقاييس، لما يحمله من أبعاد تاريخية ورمزية وقانونية تعكس تحوّلًا في طريقة تعامل المجتمع الدولي مع القضية الفلسطينية. وأوضح أن العالم كان يتحدث لعقود بلغة أمن إسرائيل بوصفها المحور الرئيسي لأي نقاش، بينما نشهد اليوم بداية تحول هذا الخطاب نحو الاعتراف بحق الفلسطينيين في السيادة والاستقلال وتجسيد دولتهم على الأرض.

وأضاف اليمني أن هذه الاعترافات لا تعني بالضرورة تغييرًا مباشرًا في موازين القوى على الميدان، لكنها تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التفاعل السياسي والدبلوماسي، تُهيّئ بيئة مختلفة للصراع، وتجعل من فكرة الدولة الفلسطينية واقعًا مطروحًا في الأجندة الدولية بشكل قانوني ورسمي.

كما أشار إلى أن هذا التحول ينقل القضية الفلسطينية من كونها مجرد قضية إنسانية يُنظر إليها من زاوية المآسي والمعاناة، إلى قضية سياسية-قانونية تفرض نفسها في صلب النظام الدولي. واعتبر أن ما يجري اليوم يمكن أن يشكّل بداية لتراكم مواقف وضغوط قد تُسفر في المستقبل عن تغيير أوسع في سياسات المجتمع الدولي تجاه الاحتلال الإسرائيلي، خاصة إذا تبع هذه الاعترافات خطوات عملية على صعيد الدعم السياسي والاقتصادي والمؤسسي لبناء الدولة الفلسطينية.

ترامب: الاعترافات "مجرد كلام"

في المقابل انتقدت الإدارة الأميركية موجة الاعترافات بدولة فلسطين، معتبرة أنها "خطوات غير مجدية". وأوضحت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يرى أن هذه الاعترافات "لا تساهم في الإفراج عن الرهائن في غزة ولا تحقق تقدمًا ملموسًا لإنهاء الصراع"، بل تُعد ـ بحسب وصفه ـ "مكافأة لحركة حماس وهي مجرد كلام أكثر من أفعال ".

وأضافت ليفيت أن ترامب كرر هذا الموقف خلال زيارته الأخيرة إلى المملكة المتحدة إلى جانب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، مشددًا على أن ما يصدر عن بعض الدول "مجرد تصريحات لا أفعال حقيقية". وأكدت أن الرئيس الأميركي سيتطرق إلى هذا الملف في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء، حيث سيعيد التأكيد على رؤيته بأن الاعتراف لا يغير من واقع الصراع على الأرض.

وتأتي هذه التصريحات بعد إعلان بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال، الأحد، اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، في خطوة أثارت غضبًا واسعًا داخل إسرائيل. وبحسب إحصاءات وكالة "فرانس برس"، ارتفع عدد الدول المعترفة بفلسطين إلى 145 دولة من أصل 193 عضوًا في الأمم المتحدة.

دبلوماسيون أميركيون: إدارة ترامب "تضعف الدبلوماسية"

كشف تقرير لموقع "بوليتيكو" أن دبلوماسيين أميركيين يرون أن إدارة ترامب تضعف الدبلوماسية الأميركية وتفكك نفوذها الدولي، مع شغور أكثر من نصف سفارات الولايات المتحدة بعد ثمانية أشهر من ولايته الثانية، وتولي مناصب عليا لأشخاص بالوكالة وذوي خبرة محدودة. وأشار التقرير إلى أن دور الدبلوماسيين أصبح تنفيذ السياسات فقط بدلاً من المشاركة في صنعها، وسط مخاوف من تنفير الحلفاء وحرمان بعض ضباط الخارجية من مهامهم بسبب تحليلات لم تعجب القيادة.

من جانبه، دافع نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية عن التغييرات التي أجراها وزير الخارجية بالوكالة ماركو روبيو، واصفًا إياها بأنها "إعادة تنظيم تهدف لوضع الأشخاص في مواقع مؤثرة"، بينما قلّص روبيو دائرة صناعة القرار وحصرها في مجموعة صغيرة قريبة من البيت الأبيض، مع تسريح آلاف الموظفين وإعادة هيكلة اختبارات الخدمة الخارجية.

الأمم المتحدة: القدس عاصمة للدولتين

شدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على أن إقامة دولة فلسطينية ليست مكافأة تُمنح للشعب الفلسطيني، بل هي حق أصيل يجب أن يتحقق. وأوضح أن "لا سلام في الشرق الأوسط دون حل الدولتين"، مؤكدًا أن هذا الخيار هو الوحيد الذي يتسق مع القانون الدولي ويحظى بتأييد المجتمع الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة.

وانطلاقًا من أهمية هذه الرؤية، أشار غوتيريش إلى أن مدينة القدس يجب أن تكون عاصمة للدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، مجددًا دعوته إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة. وأكد أن ما وقع في 7 أكتوبر 2023 لا يمكن تبريره، لكنه في المقابل رفض أي مبرر للعقاب الجماعي للشعب الفلسطيني أو لاستمرار الانتهاكات في الضفة الغربية وتوسيع المستوطنات.

وبلهجة تحذيرية، نبه الأمين العام إلى خطورة إضاعة الفرصة الراهنة، موضحًا أن "علينا أن نجدد التزامنا بحل الدولتين قبل فوات الأوان". وأضاف أن من يعرقل هذا المسار عليه أن يقدم بديلًا واضحًا، لأن غياب الحل يهدد باستمرار الصراع وغياب الاستقرار في المنطقة.

وفي ختام كلمته، أكد غوتيريش أن تحقيق الدولة الفلسطينية يتطلب قرارات صعبة وقيادة جريئة من جميع الأطراف، مشيرًا إلى أن هذه التحديات لا ينبغي أن تمنع المجتمع الدولي من التحرك. وشدد على أن الخطوات العملية نحو حل الدولتين تمثل السبيل الوحيد لبناء شرق أوسط يسوده السلام العادل والدائم.

رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة: أطفال غزة مرعوبون منذ أكثر من 700 يوم

وفي كلمتها أمام المؤتمر، لفتت رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة أنالينا بيربوك الانتباه إلى الوضع الإنساني المأساوي في غزة، مؤكدة أن "أطفال غزة يعيشون في حالة رعب منذ أكثر من 700 يوم متواصل". وأشارت إلى أن العالم لا يستطيع أن يتجاهل صوت الطفلة الغزية هند رجب التي تعرضت سيارتها للقصف، معتبرة أن الإنسانية خذلتها كما خذلت الطفل الإسرائيلي كفير بيباس.

وانطلاقًا من هذه المعاناة الإنسانية، شددت بيربوك على أن "الإنسانية لا تعني اختيار طرف على حساب الآخر، بل إدراك أن لكل حياة قيمتها ذاتها". وأوضحت أن على إسرائيل أن تتحمل مسؤوليتها في إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في غزة، وفي المقابل على حركة حماس أن تطلق سراح الرهائن.

كما حذرت رئيسة الجمعية العامة من أن "التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية يقوض أي أفق للحل السياسي"، مؤكدة أن القرار 181 كان قد وضع الأساس لحل الدولتين باعتباره الطريق الوحيد لتحقيق السلام العادل والدائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وأضافت بيربوك أن رسالة المجتمع الدولي اليوم واضحة: "لن نستسلم وسنظل ملتزمين بحل الدولتين". وأكدت استعداد الأمم المتحدة والدول الأعضاء لاتخاذ إجراءات حاسمة وتقديم ضمانات عملية من أجل إنجاح هذا الحل.

وختمت بالإشارة إلى أن إعلان نيويورك حظي بتأييد 142 دولة عضوا في الأمم المتحدة، وهو ما يعكس دعمًا واسعًا لإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة ضمن حدود معترف بها دوليًا، مع التشديد على ضرورة إنهاء حكم حماس في غزة وتسليم سلاحها لضمان قيام الدولة الفلسطينية على أسس السلام والاستقرار.

عباس: الحرب على شعبنا يجب أن تتوقف فورًا

في مستهل كلمته خلال مؤتمر حل الدولتين، شدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس على أن الحرب على الشعب الفلسطيني يجب أن تتوقف فورًا، مؤكدًا أن الحصار والتجويع جرائم لا يمكن أن تكون وسيلة لتحقيق الأمن. وطالب بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وانسحاب قوات الاحتلال منها، إلى جانب الإفراج عن جميع الرهائن.

وانتقل الرئيس الفلسطيني للتأكيد على أهمية الوساطات الدولية، مثمنًا دور كل من مصر وقطر والولايات المتحدة في جهود التهدئة، كما أشاد بمواقف مصر والأردن الرافضة بشكل قاطع لسياسات التهجير. وفي الوقت نفسه، أدان عباس الاعتداءات التي طالت دولة قطر الشقيقة وعددًا من الدول العربية الأخرى، واصفًا إياها بأنها خرق صارخ للسيادة الوطنية.

وأوضح أن حركة حماس لن يكون لها أي دور في إدارة قطاع غزة مستقبلًا، مشيرًا إلى ضرورة أن تسلّم حماس وبقية الفصائل سلاحها إلى السلطة الفلسطينية، وذلك في إطار إقامة دولة فلسطينية غير مسلحة قادرة على إدارة شؤونها السياسية والأمنية. كما شدد على ضرورة وقف الاستيطان والضم وممارسات العنف من قبل المستوطنين، إلى جانب وضع حد للاعتداءات على المقدسات الإسلامية والمسيحية.

وفي سياق متصل، دان عباس السياسات الإسرائيلية الرامية إلى عزل مدينة القدس، وكذلك التصريحات التي تروّج لفكرة "إسرائيل الكبرى"، مؤكدًا أن هذه الطروحات تمثل تهديدًا مباشرًا للاستقرار. كما أعلن التزامه بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية خلال عام من انتهاء الحرب في غزة، على أن يتم وضع قانون انتخاب يرفض مشاركة أي طرف لا يلتزم بالشرعية الدولية، وذلك لضمان قيام دولة فلسطينية قائمة على التعددية والتداول السلمي للسلطة.

كما وجّه الرئيس الفلسطيني دعوة إلى جميع الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين إلى القيام بهذه الخطوة، مذكّرًا بأن السلطة الفلسطينية قد اعترفت بحق إسرائيل في الوجود وما زالت ملتزمة بهذا الاعتراف. وأعرب عن استعداد القيادة الفلسطينية للعمل مع الشركاء الدوليين لتنفيذ خطة السلام وفق جدول زمني واضح، داعيًا إسرائيل إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات لوقف شلال الدماء.

وفي ختام كلمته، توجّه عباس برسالة مباشرة إلى الشعب الإسرائيلي، قائلًا إن مستقبل الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي لا يمكن أن يتحقق إلا عبر السلام، مؤكدًا أن الأمل الحقيقي يكمن في إنهاء الصراع وتحقيق التعايش.

العاهل الأردني: حل الدولتين هو السبيل إلى السلام العادل

في كلمته أمام المؤتمر، شدّد العاهل الأردني على أن من حق كل بلد وكل شعب أن يكون له صوته المسموع، مؤكدًا أن رفع الأصوات اليوم يأتي من أجل العدالة وحق الشعوب في الحرية والكرامة.

وانتقل جلالته إلى وصف الأوضاع الإنسانية، مشيرًا إلى أن العالم يشهد منذ نحو عامين مشهدًا مروعًا في غزة، حيث يعاني المدنيون من ظروف قاسية وغير إنسانية لا يمكن السكوت عنها.

كما دعا العاهل الأردني إلى ضرورة وقف الحرب على غزة فورًا، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية إليها دون أي عوائق، مشددًا في الوقت ذاته على أهمية وضع حد لعنف المستوطنين في الضفة الغربية الذي يقوّض فرص السلام.

واختتم حديثه بالتأكيد على أن حل الدولتين يمثل السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والدائم في المنطقة، داعيًا إلى العمل الجاد على وقف جميع الإجراءات التي تهدد هذا الحل وتعرقل إمكانية تطبيقه على أرض الواقع.

أردوغان: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية وتسعى لقتل حل الدولتين

وخلال كلمته، وجّه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التهنئة إلى الدول التي اعترفت بدولة فلسطين، معتبرًا أن هذه الخطوة تجسد احترامًا لصوت العدالة وحقوق الشعب الفلسطيني. وأكد أن المعاناة الإنسانية في قطاع غزة تتفاقم يومًا بعد يوم مع استمرار الهجمات الإسرائيلية ضد المدنيين.

وأشار أردوغان إلى أن حكومة بنيامين نتنياهو تعمل بشكل واضح على جعل إقامة دولة فلسطينية أمرًا مستحيلًا، متهمًا إياها بارتكاب إبادة جماعية بحق جيرانها الفلسطينيين والسعي إلى إجبارهم على الهجرة القسرية.

كما شدد على أن القضية الفلسطينية أصبحت اليوم قضية عالمية، وأن مواجهة القمع الإسرائيلي مسؤولية أخلاقية وإنسانية تقع على عاتق المجتمع الدولي بأسره، داعيًا إلى عدم السماح لإسرائيل بقتل حل الدولتين أو تعزيز حالة عدم الاستقرار في المنطقة.

واختتم الرئيس التركي كلمته بالتأكيد على ضرورة وقف إطلاق النار بشكل فوري وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، باعتبار ذلك المدخل الأساسي لإحياء فرص السلام العادل والدائم.

رئيس البرازيل: حق الفلسطينيين في تقرير المصير غير قابل للتفاوض

في كلمته، أكد الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا أن ما يحدث في قطاع غزة يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية، مشددًا في المقابل على أن أفعال حركة حماس غير مقبولة ولا يمكن تبريرها.

وأوضح دا سيلفا أن الجرائم التي ترتكب بحق المدنيين الفلسطينيين لا يمكن تجاهلها، مؤكدًا أنه لا يوجد أي مبرر لقتل وتشويه أكثر من خمسين ألف طفل في غزة، معتبرًا ذلك جريمة تهز الضمير الإنساني.

كما شدد على ضرورة تصويب الخلل الذي حال دون الحوار وتحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن استمرار الأوضاع الراهنة يزيد من تعقيد المشهد ويهدد الاستقرار العالمي.

واختتم الرئيس البرازيلي بالتأكيد على أن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره أمر لا بد من ضمانه، باعتباره الأساس لأي تسوية عادلة ودائمة تضع حدًا للصراع.

السعودية: حل الدولتين فرصة تاريخية

من جانب آخر، أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، متحدثًا نيابة عن ولي العهد ورئيس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، أن مؤتمر نيويورك بشأن حل الدولتين يمثل "فرصة تاريخية نحو تحقيق السلام".

وقال الوزير السعودي إن "الموقف الفرنسي والتأييد الدولي الواسع لإعلان نيويورك يعكسان إرادة المجتمع الدولي في إنصاف الشعب الفلسطيني"، مشددًا على التزام الرياض بمواصلة شراكاتها مع فرنسا والدول الداعمة للسلام لوقف حرب غزة وتجسيد إقامة الدولة الفلسطينية.

اعترافات دولية متتابعة تعيد الزخم للقضية الفلسطينية

وجاءت هذه التطورات لتمنح المؤتمر زخماً غير مسبوق، بعدما تحولت قاعة النقاش في نيويورك إلى منصة لتأكيد الاعتراف المتنامي بالدولة الفلسطينية. فقد تتابعت المواقف الدولية المؤيدة لحل الدولتين، حيث أعلنت أندورا ومالطا وبلجيكا ولوكسمبورغ اعترافها الرسمي بفلسطين، في خطوة اعتبرها مراقبون مؤشراً على تحوّل نوعي في الموقف الأوروبي والعالمي تجاه القضية. هذه الاعترافات لم تكن مجرد قرارات رمزية، بل عكست إرادة سياسية متنامية لإعادة صياغة معادلة الصراع على أسس جديدة أكثر عدلاً.

في الوقت ذاته، برزت مواقف أخرى تؤكد أن ملف غزة لا يمكن فصله عن مسار الحل الشامل. فقد شددت الإمارات على ضرورة تحمّل مجلس الأمن لمسؤولياته تجاه الانتهاكات الإسرائيلية، فيما حذرت ألمانيا من مغبة أي تغييرات أحادية على حدود 1967، مؤكدة أن الاستيطان يمثل العقبة الأكبر أمام فرص السلام. أما اليابان، فقد أرسلت رسالة واضحة بدعمها لقيام دولة فلسطينية مستقلة، في موقف يعكس التقاء الرؤية الآسيوية والأوروبية حول مركزية الحل السياسي.

وإلى جانب ذلك، قدّم الاتحاد الأوروبي ورقة دعم عملية تمثلت في إعلان المفوضية الأوروبية عن تأسيس مجموعة مانحين وآلية لإعادة إعمار غزة، في حين طالبت إسبانيا بتمكين فلسطين من عضوية كاملة داخل الأمم المتحدة، وهو ما يعكس رغبة أوروبية متزايدة في الانتقال من خانة التصريحات إلى خطوات عملية على الأرض.

وقد شدد الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو على أن بلاده لن تعترف بإسرائيل ما لم تعترف الأخيرة رسمياً باستقلال دولة فلسطين، مؤكداً أن الموقف الإندونيسي ثابت وراسخ في دعم الحقوق الفلسطينية. وأوضح أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة تمثل المدخل الحقيقي لأي تسوية عادلة في الشرق الأوسط، وهو ما يعكس استمرار التزام جاكرتا التاريخي بالقضية الفلسطينية.

كما أعلن الرئيس البرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوزا اعتراف بلاده بدولة فلسطين، مؤكداً أن حل الدولتين هو الطريق الوحيد لتحقيق السلام العادل والدائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وأشار إلى أن لشبونة ستظل ملتزمة بدعم كل الجهود الدولية الرامية إلى إحلال الاستقرار في المنطقة من خلال الحوار والتفاوض، بما يعزز فرص الوصول إلى تسوية سياسية شاملة.

أما الموقف العربي فقد جاء معززاً عبر كلمة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد رفض القاهرة القاطع لأي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني أو تصفية قضيته، واصفاً ما يجري في غزة بأنه "إبادة جماعية". مدبولي شدد على أن استقرار الشرق الأوسط لن يتحقق بالقوة أو فرض الأمر الواقع، بل فقط عبر تسوية عادلة تقوم على حل الدولتين.

هكذا، بدا المؤتمر وكأنه محطة مفصلية أعادت وضع القضية الفلسطينية في صدارة الأجندة الدولية، وربطت بين وقف الحرب في غزة وبين فتح أفق سياسي جديد عبر الاعتراف بالدولة الفلسطينية. ومع تصاعد هذه المواقف، يترقب العالم ما إذا كانت هذه الاعترافات ستتحول إلى إجراءات ملموسة قادرة على تغيير موازين الواقع على الأرض، أم ستظل حبيسة الخطابات والبيانات.

وبينما يتواصل الجدل الدولي حول جدوى الاعترافات المتتالية، بدا واضحًا أن القضية الفلسطينية لم تعد حبيسة المداولات الإنسانية وحدها، بل أصبحت في صميم النقاشات السياسية والقانونية العالمية. اعتراف فرنسا وحلفائها لا يشكل نهاية للصراع، لكنه يمثل بداية مرحلة جديدة تضع فلسطين على أجندة المجتمع الدولي كدولة تستحق السيادة والاعتراف، وتفتح الباب أمام ضغوط متزايدة على إسرائيل لإعادة النظر في سياساتها. ومع اتساع رقعة التأييد لحل الدولتين، يبقى التحدي الأكبر هو ترجمة هذه الخطوات الرمزية إلى واقع ملموس يوقف شلال الدماء ويمهد لسلام عادل ودائم في الشرق الأوسط.