هل سيصطدم الإعلان الرسمي عن شروع إيران في امتلاك السلاح النووي مع فتوى خامنئي بتحريمه؟

بعد تصويت مجلس الأمن على عودة العقوبات الأممية على إيران، صرح عضو لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان الإيراني، كامران غضنفري، بإمكانية رفع بلاده مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 90% ضمن إطار اتفاقية عدم انتشار الأسلحة النووية، وشدد على ضرورة زيادة نسبة اليورانيوم المخصب لتصنيع سلاح نووي للرد على أي عدوان نووي ضد إيران.
وقالت الدكتورة شيماء المرسي، الخبيرة في الشأن الإيراني، إن تصريحات غضنفري بشأن التخصيب إلى 90% وإمكانية تصنيع السلاح النووي ليست خروجا فرديا، وليست جديدة أيضا، بل تأتي في سياق خطاب متكرر وضاغط في البرلمان والإعلام الإيراني بعد حرب الاثني عشر يوما، موضحة أن الرسالة واضحة، كلما ضغط الغرب، كلما اقتربت طهران من العتبة النووية.
وأضافت: «السؤال المتداول حالياً هل سيصطدم الإعلان الرسمي عن شروع إيران في امتلاك السلاح النووي مع فتوى خامنئي بتحريمه؟»، موضحة أن الإجابة: «لا لأن فتوى خامنئي نفسها غير مكتوبة في نص فقهي تفصيلي، بل جرى تداولها بصيغة رسائل وتصريحات، واستخدمت في الخطاب الخارجي كبرهان على أخلاقية وسلمية البرنامج النووي الإيراني. لكنها داخليا تُفهم ضمن منهج الفقه الشيعي السياسي، حيث الأحكام لا تعتبر مطلقة، بل قابلة للتعديل أو الإبطال عند الضرورة».
وأكدت الدكتورة شيماء المرسي، في تحليل لها، أنه بينما يقوم الفقه الشيعي السياسي على قاعدة، وهي «ما حُرم في حال السعة قد يباح في حال الضرورة»، وهو ما يصطلح عليه بالأحكام الثانوية. وهذه القاعدة تمنح القيادة السياسية الإيرانية صلاحية تعليق أو تقييد أو حتى إلغاء الحكم الأصلي إذا كان ذلك يساهم في حفظ بقاء نظام ولاية الفقيه.
وذكرت الخبيرة في الشأن الإيراني، أن البعد الهيكلي للفتوى، فهي لا تملك أي آلية إلزام دستورية أو قانونية في إيران، لأن المرجعية العليا لقرارات السيادة والأمن القومي تعود إلى المجلس الأعلى للأمن القومي بإشراف مباشر من قائد الثورة، وهو ما يجعلها قابلة للإبطال أو التعديل في أي لحظة، وبالتالي، الفتوى غير ملزمة للقيادة الإيرانية عند مواجهة تهديد وجودي. أي أن الإعلان الرسمي المستقبلي عن رغبة إيران في امتلاك السلاح النووي لن يعتبر نقضا للفتوى، بل سيعاد تفسيره ضمن إطار الضرورات تبيح المحظورات.
وقالت، إن إيران، على سبيل المثال، سبق وأن أعادت تفسير أحكام شرعية في حالات مثل قبول وقف إطلاق النار مع العراق عام 1988، الذي وصفه الخميني نفسه بتجرع السم: «الخلاصة، لم تعد الأزمة الدبلوماسية الدائرة بين إيران والغرب تنتهج الدبلوماسية مسارا للحل والتهدئة، وإنما أصبحت أداة تكتيكية لتبرير الجولة الثانية من الحرب. وتكمن الركيزة الإستراتيجية الحقيقية لجميع الأطراف في توازن الردع بالقوة».
وأشارت إلى أن النقطة الجوهرية هي إدراك القيادة الإيرانية أن وجودها لن يصان إلا بامتلاك أوراق الردع النهائية السلاح النووي، حتى وإن كانت محرمة فقهيا في الأصل.