النهار
الأربعاء 17 سبتمبر 2025 04:31 مـ 24 ربيع أول 1447 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
متابعة سير امتحانات التحويلات بين الشعب بالمرحلة الثانوية بمنطقة الغربية الأزهرية محافظ البحيرة: ما تحقق من إنجازات نتاج دعم القيادة الحكيمة للرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جامعة أسيوط يشهد احتفالية تسليم شهادات المعاملة التجنيدية لـ 89 من ذوي القدرات الخاصة محافظ الغربية يناقش خطط تطوير التكتلات الاقتصادية.. 29 قرية على خريطة الإنتاج العالمي الكويت تشيد بإنجازات النقل البحري المصري بعد زيارة ميناء الإسكندرية للمرة الثانية .. العنصر النسائي يشارك في تحكيم كرة القدم ببطولة الشركات ببورسعيد إسبانيا تهدد بمقاطعة كأس العالم 2026 بسبب الكيان قبل انطلاق العام الدراسي.. أولياء الأمور يطالبون بتخفيف المناهج على طلاب الدمج...وتكافؤ الفرص بين طلاب ”البكالوريا” والثانوية العامة نص كلمة الرئيس السيسي خلال لقاءه بملك إسبانيا ناشئو الأهلي أبطال الجمهورية في ألعاب القوي “الأعلى للإعلام” يستدعي مسئولي صفحات الكابتن خالد الغندور وأبو المعاطي ذكي والفنانة بدرية طلبة عبر موقع يوتيوب العلوم الصحية بالمنوفية الأهلية تستقبل طلاب الدفعة الجديدة بحفل ومعارض علمية

تقارير ومتابعات

المؤشر العالمي للفتوى يصدر عددًا جديدًا من نشرة ”فتوى تريندز”

أصدر المؤشر العالمي للفتوى (GFI) التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم العدد (42) من نشرة "فتوى تريندز" عن شهر أغسطس؛ حيث أظهرت النشرة أن الفتاوى والآراء الصادرة عن المؤسسات الرسمية (دار الإفتاء، الأزهر الشريف، وزارة الأوقاف) استحوذت على (78%) من التريندات المتداولة في مصر، مقابل (22%) فقط للشخصيات غير الرسمية؛ حيث أكدت النشرة أن قانون تنظيم الفتوى أسهم بصورة كبيرة في تقليص حضور الآراء الفردية غير الرسمية داخل الإعلام، لتبقى منصات التواصل الاجتماعي المساحة الأبرز لهذه الأصوات.

المولد النبوي في الصدارة.. والمهور والأملاك أبرز القضايا الاجتماعية

وتصدَّر الاحتفال بـ"المولد النبوي الشريف" المشهد الإفتائي في أغسطس، حيث أكدت الفتاوى الرسمية مشروعية الاحتفال وشراء الحلوى والصيام في هذا اليوم، في مواجهة دعوات التحريم التي ترفعها بعض التيارات المتشددة، ما عكس توجهًا رسميًّا لإعادة ضبط الخطاب الديني، وإعادة الاعتبار لمظاهر الفرح الديني بوصفها "شواهد محبة وتوقير للنبي ﷺ".

كما استحوذت القضايا الاجتماعية والأسرية بدورها على مساحة كبيرة من الخطاب الإفتائي، فقد أثارت فتوى أحد أساتذة جامعة الأزهر حول حق الزوجة الأولى في نصف ثروة الزوج عند الزواج بأخرى جدلًا واسعًا، فأيدها البعض معتبرًا أنها تحقق العدالة للمرأة، بينما رفضها آخرون وعدُّوها انسياقًا وراء "النسوية الغربية"، لا سيما بعد هجوم أحد دعاة التيار السلفي عليها، كما برزت قضية المغالاة في المهور التي اعتبرتها المؤسسات الدينية سببًا رئيسيًّا في تعقيد الزواج، فيما حثَّت الأسر على التيسير والاعتدال.

وفي سياق موازٍ، أكدت دار الإفتاء أن كتابة الأب أملاكه لبناته جائز شرعًا إذا قُصد به تحقيق العدل ومنع النزاعات بعد وفاته، ووصف هذه الخطوة بأنها "عين الصواب" والتي استحوذت على تفاعل من رواد وسائل التواصل، ومن جهة أخرى حذرت الدار عبر أحد علمائها مما سُمي بـ"الفيمينست المغشوشة"، على اعتبار أنها تشوه قضايا المرأة الحقيقية ولا تعبر عن منهج شرعي صحيح.

أرباح السوشيال ميديا ولعبة روبلكس.. أبرز المستجدات التكنولوجية

وفي سياق متصل، طرحت المؤسسات الدينية فتاوى متنوعة تتعلق بالمستجدات التكنولوجية والمعاملات المالية، التي باتت تشغل مساحة مهمة في حياة الشباب، جاء في مقدمتها أرباح السوشيال ميديا حيث أكدت دار الإفتاء أن الكسب من مواقع التواصل في حد ذاته ليس حرامًا، وإنما الحكم يتوقف على نوعية المحتوى المقدم، وحاولت حسم الجدل من جديد حول حكم التصوير الفوتوغرافي، إذ أكدت أنه جائز شرعًا لأنه لا ينطبق عليه معنى التصوير عند العرب.

وإيمانًا بدور الفتوى في حماية الأطفال من المخاطر الفكرية والأخلاقية، حذَّر الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، من الخطورة الأخلاقية للعبة روبلكس على الأطفال، داعيًا الأسر إلى مراقبة ألعاب أبنائهم الإلكترونية.

الفتوى الرسمية ترفض التهجير القسري للفلسطينيين

وفي تريند آخر أثار الكثير من التفاعل، أكدت دار الإفتاء أن ثبات الفلسطينيين واجب شرعي ووطني، مشددة على أن التهجير القسري "جريمة كبرى" تتنافى مع القيم الإنسانية والدينية، وأعطى هذا الخطاب بُعدًا شرعيًّا ورسميًّا لموقف الدولة المصرية في دعم القضية الفلسطينية، حيث لاقى تفاعلًا واسعًا وتقديرًا من قطاعات شعبية مختلفة.

وعلى الرغم من هيمنة الخطاب الرسمي على أغلب التريندات المتداولة في مصر والتفاعل عليها، فإن بعض الأصوات الفردية غير الرسمية واصلت إثارة النقاش ومواصلة الزخم عبر فتاوى وآراء متفرقة، فقد هاجم أحد الدعاة ما وصفه بـ"موضة الشباب" مثل ارتداء البناطيل الممزقة، واعتبرها مظهرًا سلبيًّا يخالف الوقار، كما جدد رفضه لارتداء الرجال الحُليَّ الذهبية، مؤكدًا أنها محرمة شرعًا.

وقد أحدث تصريحُ أحد علماء جامعة الأزهر حول تصوير العلاقة الزوجية واصفًا الموضوع بأنه "حرام شرعًا"، بل اعتبر مَن يُقدم عليه "ديوثًا"، كثيرًا من ردود الفعل وعمل على إثارة نقاش واسع، كما أن الجدل المثار حول "فتاة الشيبسي" أثار حفيظة بعض الدعاة، مؤكدًا أن الاحتفاء بالمتصدق أضاع جوهر القصة، وهو مساعدة الفقير. وفي سياق متصل أثار قول أحد الإعلاميين من الدعاة في رده على مقولة "إحنا مش أنبياء"، كثيرًا من الجدل، والذي اعتبر أن الأنبياء بُعثوا ليكونوا قدوة للبشر في حياتهم اليومية، وليسوا معزولين عن واقعهم.

ومن هنا تؤكد "فتوى تريندز" أن شهر أغسطس شهد تكريسًا لمأسسة الفتوى في مصر، حيث عززت المؤسسات الرسمية حضورها كمرجعية أساسية في مواجهة القضايا المثيرة للجدل عبر وسائل التواصل، سواء الاجتماعية أو التكنولوجية أو السياسية، بما يسهم في مواجهة الفكر المتشدد من جهة، وتلبية احتياجات المجتمع من جهة أخرى.

القضايا المجتمعية والسياسية تتصدر المشهد العربي والخليجي

جاءت التريندات المرتبطة بالقضايا الأسرية والمجتمعية المرتبطة بالخطاب الإفتائي في صدارة التريندات العربية والخليجية بنسبة (31%)، وتنوعت بين الحديث عن الزواج المدني واستئجار الأرحام والإدمان الرقمي، فيما شكلت التريندات المرتبطة بالقضايا السياسية والإقليمية (26%) وجاء على رأسها الحديث عن القضية الفلسطينية وفتاوى الجهاد والمقاطعة، فضلًا عن تناول الأوضاع السورية وأزمة السويداء، أما القضايا المرتبطة بالتحولات الرقمية والذكاء الاصطناعي فقد شكَّلت (20%)، في حين جاءت الفتاوى المتفرقة مثل فتوى القردة أو التبرع بالدم بنسبة (15%)، بينما احتلت المناسبات الدينية مثل المولد النبوي (8%) فقط، وعلى مستوى التوزيع الجغرافي، أظهرت البيانات أن قطر تصدرت بنسبة (32%) من التريندات، تلتها الإمارات والسعودية بنسبة (20%) لكل منهما.

وقد تنوعت القضايا ما بين الشأن الأسري والاجتماعي، والقضايا السياسية والإقليمية، فضلًا عن التحولات الرقمية والذكاء الاصطناعي، وهو ما يعكس ديناميكية المشهد وتداخله مع القضايا المحلية والإقليمية.

ففي الأردن، برزت الفتاوى المتعلقة بالقضايا الأسرية، إذ أكدت دائرة الإفتاء تحريم استئجار الأرحام بجميع صوره، مع الدعوة إلى البحث عن بدائل علاجية مشروعة لحالات العقم من خلال دراسة بحثية نشرت عبر الموقع الإلكتروني للدائرة، كما أطلقت حملة بعنوان "حصِّن نفسك" للتحذير من الإدمان الرقمي وخطر المواقع الإباحية على الشباب، وهو ما عكس حضورًا قويًّا للقضايا التربوية والأسرية في الخطاب الإفتائي الأردني من واقع النشرة.

أما في سوريا، فقد تركز التفاعل على الأزمة التي تشهدها محافظة السويداء، حيث أطلق عدد من رجال الدين مبادرة للحوار الوطني، والتي قوبلت بترحيب من بعض الأصوات، فيما أثارت رفضًا من آخرين اعتبروها محاولة لتوظيف الدين في السياسة.

وفي الإمارات، احتل الخطاب الإفتائي مساحة بارزة من النقاشات، أبرزها مشاركة مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي في مؤتمر دار الإفتاء بالقاهرة وعرض تجربة الدولة في توظيف الذكاء الاصطناعي في صناعة الفتوى، كما أطلق إصدارًا جديدًا بعنوان فتاوى الطالب المبتعث يضم 52 فتوى موجهة للطلاب الدارسين بالخارج. ونشر المجلس إحصائية لافتة للنظر كشفت إصدار أكثر من 132 ألف فتوى رقمية خلال النصف الأول من العام الجاري. وعلى الصعيد الاجتماعي، أثار إعلان عقد أكثر من 43 ألف زواج مدني في أبو ظبي، إلى جانب إلغاء شرط الشهود، جدلًا واسعًا بين المؤيدين والمنتقدين، بينما برزت نقاشات أخرى حول حرية المرأة والتفسيرات الشرعية المتعلقة بها.

الفتاوى القطرية تواصل الحديث عن القضية الفلسطينية

أما قطر، فقد احتلت مركز الصدارة بنسبة (32%) من إجمالي الدول المصدرة لفتاوى وموضوعات التريندات العربية والخليجية، حيث ركز الخطاب الديني فيها على القضية الفلسطينية، وتمثل بشكل كبير في دعوة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى نصرة غزة، وتأكيده على مشروعية الجهاد، كما أطلق نداءات لتسيير أساطيل بحرية لكسر الحصار والمطالبة بفتح المعابر.

وفي تونس، واصل جامع الزيتونة حضوره في المشهد الديني من خلال مبادرة لتوثيق تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي، وهو ما قوبل بجدل بين من اعتبره "إرثًا حضاريًّا" ومن رفضه واعتبره "بدعة". وعلى الصعيد الخارجي، كانت مشاركة مفتي تونس في مؤتمر دار الإفتاء، مؤكدًا ضرورةَ الالتزام بميثاق أخلاقي لاستخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الديني.

في المقابل، اتسم المشهد في السعودية بالجمع بين القضايا المحلية والإقليمية. فقد أصدرت رابطة العالم الإسلامي بيانات شديدة اللهجة ضد الاحتلال، وأدانت المجاعة في غزة، ورحبت باعتراف عدد من الدول الغربية بفلسطين. أما هيئة كبار العلماء فقد ركزت على الجانب الداخلي، حيث أشاد المفتي العام بتبرع ولي العهد السعودي بالدم، فيما أصدر الشيخ عبد الله المطلق فتوى مثيرة للنقاش حول وجوب التعاون مع الدولة للتخلص من القردة باعتبارها حيوانات ضارة.

ويعكس هذا المشهد كيف أن القضايا السياسية الكبرى، وفي مقدمتها فلسطين، ما زالت تمثل محورًا أساسيًّا للخطاب الديني في المنطقة. في الوقت ذاته، تتصاعد القضايا الأسرية والاجتماعية كأكثر الملفات إثارة للجدل، بينما يواصل الذكاء الاصطناعي والفتاوى الرقمية فرض نفسه كأحد أبرز ملامح التحول في المؤسسات الدينية الرسمية.

تصاعد الكراهية ضد المسلمين عالميًّا وتحول الفتاوى إلى أداة للتضامن

وعلى الصعيد الدولي، شهد شهر أغسطس سلسلة حوادث جسدت تصاعد موجات الكراهية ضد المسلمين حول العالم، من الهند التي شهدت اعتداءات على المساجد وقتل مواطنين ومحاولة تسميم أطفال، إلى كندا حيث تعرضت إحدى المسلمات لاعتداء عنصري، وألمانيا التي سجَّلت أكثر من 3 آلاف حالة إسلاموفوبيا في عام واحد، فضلًا عن مجازر جديدة ضد الروهينجا في ميانمار. كما أثارت مشاهد مثل حرق المصحف في تكساس أو تغريدة إسرائيلية تصف انتشار المساجد في أوروبا بـ"الاستعمار الجديد" موجة إدانات واسعة.

في المقابل، برزت الفتاوى كصوت تضامني، مثل دعوة مفتي الهند للصيام والدعاء دعمًا لغزة، وفتوى في كشمير بتحريم اللحوم الفاسدة لحماية المجتمع.

وتشير قراءة "فتوى تريندز" إلى أن (40%) من تريندات النطاق الدولي ارتبطت بتوظيف الدين سياسيًّا، و(35%) بالعنف ضد المسلمين في آسيا، وتؤكد هذه الخريطة أن القضايا الإسلامية باتت مرتبطة بمستويات متعددة سياسية وحقوقية، اجتماعية ودينية، وأن حضورها في النقاش العام لا ينفصل عن التحولات العالمية والإقليمية.

مرصد شرعي رقْمي والاستعانة بالمتخصصين.. أبرز التوصيات

وفي النهاية، قدمت النشرة عددًا من التوصيات والمقترحات التي تستهدف تعزيز حضور الخطاب الديني المجتمعي والرقمي، فعلى مستوى قضايا الأسرة والمجتمع، دعت إلى إطلاق حملات توعوية وقائية مستندة إلى قصص واقعية وفتاوى مبسطة، مع إشراك المتخصصين في الطب وعلم النفس والاجتماع إلى جانب علماء الدين لضمان دقة الأحكام الشرعية المتعلقة بعدد من القضايا مثل العقم والإدمان والانتحار، كما شددت على أهمية إشراك الشباب والنساء في النقاشات الدينية عبر المنصات الرقمية، وتنظيم ندوات توعوية منتظمة لمعالجة الأزمات المجتمعية كأزمة المهور وربطها بالواقع الاقتصادي.

أما في مجال التحول الرقمي، فقد أوصت النشرة بتكثيف الإنتاج المرئي القصير لمعالجة القضايا المتداولة على السوشيال ميديا، ووضع إطار أخلاقي وتقني موحد لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الفتوى وتعميمه على كافة الدول، على غرار "وثيقة القاهرة" التي أطلقتها دار الإفتاء المصرية خلال مؤتمرها العاشر، مع أهمية الاستثمار في تقنيات "ربوتات الإفتاء" متعددة اللغات، وتدريب المفتين على المهارات الرقمية، كما اقترحت تأسيس مرصد شرعي رقمي يتابع القضايا التكنولوجية المستجدة ويصدر بشأنها بيانات وأحكامًا فقهية.