بعد توقعات تسارع نمو الاقتصاد المصري.. هل يستمر تعافي الجنيه أمام الدولار؟

رغم التحديات التي يمر بها الاقتصاد المصري، إلا أنه يشهد تعافيًا تدريجيًا مدفوعًا بالإصلاحات الهيكلية، التي تتبناها الدولة، مع نمو في قطاعات حيوية، وهو ما عبر عنه الارتفاعات الأخيرة في سعر الجنيه واتجاهه نحو الاستقرار والتحسن، خاصة في ظل التدفقات الاستثمارية وتحسن ثقة المستثمرين.

"رويترز" تتوقع طفرة في النمو

وأظهر استطلاع أجرته وكالة رويترز، أن الاقتصاد المصري سجل نموًا قدره 4% خلال العام المالي المنتهي في يونيو 2025، وهو معدل يفوق التوقعات السابقة الصادرة في أبريل الماضي والتي قدرت النمو بنسبة 3.8%.

ويأتي هذا التحسن مدفوعًا بإصلاحات اقتصادية جوهرية ضمن برنامج صندوق النقد الدولي، إلى جانب انتعاش قطاعات التصنيع والسياحة والاتصالات.

وتوقع الاستطلاع، الذي شمل 13 خبيرًا اقتصاديًا وأُجري بين 15 و28 يوليو، أن يرتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي الحالي (2025-2026) إلى 4.6%، وذلك بعدما تراجع النمو إلى 2.4% في العام المالي السابق (2023-2024)، قبل أن تتسارع وتيرة الإصلاحات الهيكلية، بدعم من اتفاق تمويلي مع صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار، وصفقة رأس الحكمة الضخمة بقيمة 24 مليار دولار مع صندوق الثروة السيادي الإماراتي.

النمو يحقق طفرة

وبعيدا عن التوقعات، قفز بالفعل معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لمصر خلال الربع الثالث من العام المالي 2024-2025 إلى 4.77%، مقارنة بـ2.2% في الربع ذاته من العام السابق، وهو أعلى معدل نمو ربع سنوي منذ ثلاث سنوات.

وقالت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، إن هذا الأداء يُسهم في رفع معدل النمو خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي الجاري إلى نحو 4.2%، مقارنةً بنحو 2.4% خلال الفترة ذاتها من العام المالي السابق، مما يعكس تعافيًا مستدامًا ومرونة متزايدة للاقتصاد في مواجهة حالة عدم اليقين العالمية.

مستقبل الجنيه المصري مقابل الدولار

استطلاع رويترز رغم تفاؤله بشأن النمو، لكنه توقع أن يواصل الجنيه المصري تراجعه أمام الدولار في السنوات المقبلة، ورجح أن يصل سعر الصرف إلى 51.1 جنيهًا مقابل الدولار بنهاية يونيو 2026، و52.9 جنيهًا بحلول يونيو 2027، مقارنة بسعر صرف يبلغ حاليًا حوالي 48.3 جنيهًا في السوق الرسمية.

آراء الخبراء بشأن الجنيه والدولار

وتعليقا على استطلاع رويترز، أوضح الخبير المالي علي أبو بكر أن أداء الجنيه المصري تحسن مؤخرا بشكل كبيرا، وحقق ارتفاعات أمام الدولار، وذلك بفضل نمو التدفقات الأجنبية غير المباشرة والتي تجاوزت 35 مليار دولار حسب تقديراته، إضافة إلى تحول صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك من سالب إلى موجب بأكثر من 14 مليار دولار، فضلًا عن ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي إلى ما يزيد عن 48 مليار دولار، مع تحسن ملحوظ في ميزان المدفوعات نتيجة زيادة عوائد السياحة والصادرات.

وأشار أبو بكر إلى أن الجنيه المصري لا يزال يحافظ على استقراره رغم التوترات الجيوسياسية، متوقعًا أن استقرار سعر صرف الدولار بين 48 و50 جنيهًا خلال الفترة المقبلة.

وأشار الخبير إلى أن المستوى الحالي للجنيه يُعدّ محفزًا للسياحة والصادرات وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مما يدعم بقاء العملة المحلية في هذا النطاق.

قفزة في إيرادات السياحة وتحويلات المصريين بالخارج

وتابع أبو بكر أن الإيرادات الدولارية في تزايد مع ارتفاع إيرادات السياحة بشكل كبير طبقا لتصريحات وزير السياحة شريف فتحي، والذي كشف عن نموها بنسبة 22% خلال النصف الأول من 2025 لتسجل 8 مليارات دولار، مع ارتفاع أعداد السائحين إلى 8.7 مليون سائح، بزيادة قدرها 25% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، بجانب القفزة الكبيرة في تحويلات المصريين بالخارج والتي سجلت 26.4 مليار دولار، مقارنة بـ14.5 مليار دولار في الفترة المماثلة من العام السابق.

أسباب ارتفاع الجنيه أمام الدولار

من جانبه، رأى الخبير الاقتصادي إسلام سعد، أن ارتفاع الجنيه يرجع إلى عوامل متعددة، منها زيادة إيرادات السياحة، ونمو مشتريات العقارات من قبل المستثمرين الخليجيين، والاستقرار الأمني والسياسي، بالإضافة إلى تحسن صادرات الحاصلات الزراعية، وارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج، مع تعزيز ثقتهم في الاقتصاد المصري.

الدولار قد يصل إلى 45 جنيها

وتوقع سعد أن يظل الدولار في نطاق 45 إلى 50 جنيهًا خلال النصف الثاني من 2025، مشيرًا إلى أن الحكومة طرحت أوعية ادخارية جديدة بالدولار للمصريين بالخارج، مما شجع على زيادة التدفقات الدولارية للبلاد.

واستشهد سعد بتقرير لبنك جولدمان ساكس، أكد فيه أن الجنيه لا يزال مقومًا بأقل من قيمته الحقيقية بنحو 30%، وهو ما يعزز احتمالات صعوده في المستقبل القريب مدعومًا بتحسن المؤشرات النقدية وتدفقات المحافظ الاستثمارية.

وأشار سعد أن الطروحات الحكومية المنتظرة خلال العام المالي الحالي، والتي تقدر بـ4 شركات في قطاعات الاتصالات والمطارات والخدمات المالية، من شأنها جذب مزيدا من الاستثمارات، والتي ستنعكس على مستقبل الجنيه؛ في ظل وصول القطاع الخاص لأكثر من 50% من حجم الاستثمارات بنهاية عام 2024، بفضل الحوافز المالية والتشريعية الجديدة.