أسامة شرشر يكتب: الفرصة الضائعة فى انتخابات مجلس الشيوخ

أعطى المشهد الانتخابى فى انتخابات مجلس الشيوخ صورة ودلالة خطيرة جدًّا، أن المواطن المصرى أصبح يعى ويستوعب كل شىء، وكشف ذلك الإقبال الضعيف على صناديق الانتخابات.
وقد أكدنا مرارًا وتكرارًا أن إتاحة رئة للتنفس الانتخابى وإعطاء مساحة للرأى والرأى الآخر مؤشر قوى على قوة الدولة المصرية لأن هذا الشعب العظيم الذى لم يستطع أحد أن يفك جيناته وشفراته يستوعب كل ما يجرى من حوله، فهو يدرك أن هذه الانتخابات تجرى من خلال قائمة وطنية موحدة، وهذه بدعة جديدة لم تحدث من قبل، وهذه القائمة تضم كل المختلفين وتضعهم فى سلة واحدة، والشىء المثير للدهشة أنه لم يكن هناك قائمة منافسة حتى من باب التنافس الشكلى أمام الشعب والعالم، فنجحت القائمة بالتزكية وكأنها معينة.
ولذلك نحن نتساءل: ما فائدة الحوار الوطنى الذى تم واستمر أيامًا عديدة ولماذا لم تُنفذ توصيات رئيس الجمهورية؟
المفاجأة أنهم خرجوا علينا بهذا الإخراج لمجلس من المفترض أن يضم كل القامات الفكرية والقانونية والسياسية والأدبية والعلمية، ولكن الواقع للأسف الشديد أن بعض المرشحين له تحوم حولهم شبهات أموال مجهولة المصدر.
إلى متى ندفع فاتورة الفراغ السياسى؟ ولماذا تحمّلون المواطن أعباءً إضافية بمجلس استشارى لم يقدم ولن يقدم جديدًا فى الحياة السياسية فى مصر؟
فنتائج انتخابات مجلس الشيوخ سيتوقف أمامها المحللون والخبراء، لأنها ليست مجرد انتخابات بالمعنى التقليدى، لكنها بروفة صادمة وغير مطمئنة لانتخابات مجلس النواب القادم، فهل هناك عقلاء أو حكماء أو مستشارون فى مصر– وما أكثرهم!- لديهم ضمير وطنى حقيقى ويعشقون تراب هذا الوطن الغالى ويقدمون النصح والفرصة الأخيرة للحكومة التى أضاعت فرصة انتخابات مجلس الشيوخ، أن ترفع يدها عن الانتخابات التشريعية لأن مصر تستحق ذلك وهذا الشعب العظيم يستحق أكثر من ذلك؟!.
هل يُعقل أن مصر إحدى أوليات الدول البرلمانية فى العالم بعد إنجلترا وفرنسا والتى بدأ برلمانها العمل عام 1866، يكون هذا شكل البرلمان المنتهية ولايته بها؟ وهل يُعقل أن هذا البرلمان لم يقدم على مدار 5 سنوات استجوابًا واحدًا للحكومة؟! لقد اضطر الشعب المصرى أن يلجأ لرئيس الجمهورية ليكون ملاذه فى إصدار بعض التشريعات التى لم يستطع البرلمان إصدارها، فأى إفلاس برلماني هذا؟!
وهل نتمسك بالفرصة الاستثنائية لعمل انتخابات تشريعية بدون أى تدخل حكومى؟ لأن ما تم فى انتخابات الشيوخ (آسف تعيينات الشيوخ) لم يحترم رأى المواطن المصرى العظيم، ولم يعبر عن ثقة سياسية بين المواطن والدولة، فلماذا لا نقطع الطريق على القنوات الظلامية المضللة ولا نعطيها مادة لنشر الأكاذيب والشائعات بمشاركات الممثلين ولاعبى الكرة فى المؤتمرات الانتخابية؟
لا بد أن نعترف بأننا ليس لدينا أحزاب حقيقية تمثل الضمير الجمعى للشعب المصرى، ولكننى أحذر للمرة المليون، انتبهوا من تكرار تجربة الحزب الوطنى الذى أفسد الحياة السياسية والاجتماعية فى مصر، وكانت نهايته باختراقه واستبداله بأعضاء التنظيم الدولى للإخوان والجماعات الظلامية التى عاثت فى مصر فسادًا وإفسادًا، فأتمنى ألا نراهم مرة أخرى لأن مصر أكبر من الجميع بثقلها وحضارتها وتاريخها وأزهرها وكنيستها، وهى هدف لكل المخططات الصهيونية، وجائزة كبرى لها، ولكن هيهات فى وجود 120 مليون مواطن مصرى يقفون خلف خير أجناد الأرض من رجال القوات المسلحة العظيمة.
فالمنطقة تمر بمخاطر سياسية كبيرة قد تتسبب فى حدوث تغيرات ومتغيرات فى قواعد اللعبة، بل إن هناك دولًا فى منطقتنا قد تختفى ويحل محلها دويلات، لمحاولة تحقيق الحلم الصهيونى القديم (من النيل إلى الفرات) وها نحن للأسف الشديد نعطى الفرصة لبعض الجماعات الإخوانية الظلامية مثل «حسم» أن تعبث بأدواتها الإلكترونية والإعلامية وحتى أدواتها على أرض الواقع، ولكن ما يطمئننا هو أن أجهزة الأمن المصرية نجحت فى اصطياد الهدف قبل أن يغادر مكمنه، بل إن هناك أهدافًا أخرى كثيرة تم اصطيادها ولم يُعلَن عنها.
وسط كل هذا لا بد أن نعطى مساحة للمواطن المصرى العاشق لتراب هذا الوطن بأن يعبر عن رأيه وصوته ويكون لديه نواب فى البرلمان يراقبون ويحاسبون بل ويقيلون الحكومة ويعطون صورة مثالية للبرلمان المصرى الذى كان يرأس برلمانات العالم.
ولكن أخشى ما أخشاه أن يتكرر نفس المشهد الانتخابى السابق وتفرز الانتخابات البرلمانية القادمة عناصر جاءت من المجهول السياسى وبمصادر أموال ملوثة.
ثقوا فى الشعب المصرى العظيم وأعيدوا له الثقة، لأنه خط الدفاع الأول عن الوطن وعن الدولة المصرية، وهو الداعم الحقيقى للمؤسسة العسكرية.
ارحموا من فى الأرض
يرحمكم من فى السماء.