إضراب المعلمين يعصف بالتعليم في جنوب اليمن.. ”النقابة” تتحدى ”الوزارة” وخبراء يحذرون من كارثة تربوية

أعلنت نقابة المعلمين والتربويين الجنوبيين في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، أمس الأحد، رفضها الكامل للتقويم الدراسي الصادر عن وزارة التربية والتعليم مؤخرًا، مؤكدةً على استمرار الإضراب المفتوح.
وفي بيان لرئيس النقابة، محمد أحمد الشيخ، أكد أن النقابة لم تتلق أي استجابة جدية أو حوار مسؤول من قبل الوزارة، ما يجعل التقويم الدراسي الصادر "قرارًا أحاديًا، معزولًا عن الميدان، ولا يخدم مصلحة التعليم".
وشدد "الشيخ" على أن التقويم "غير ملزم للنقابة ولا للمعلمين"، مؤكدًا موقف النقابة الثابت: "لا عودة للعمل، ولا تقويم دراسي، قبل إنصاف المعلم وضمان كافة حقوقه دون مساومة أو مماطلة".
ودعا رئيس نقابة المعلمين والتربويين الجنوبيين، كافة الكوادر التربوية في عدن إلى التمسك بقرارات النقابة، ورفض أي محاولات للالتفاف على الإضراب أو تفكيك وحدة الصف النقابي.
مستشار بوزارة التربية والتعليم: استمرار الإضراب انتهاك لحق الطلاب
من جانبه، أكد عارف ناجي، المستشار بوزارة التربية والتعليم اليمنية، أن استمرار الإضراب المفتوح، الذي دعت إليه نقابة المعلمين الجنوبيين، "انتهاك صارخ لحق الطلاب في التعليم والمعرفة"، وهو أيضاً "انعكاس لفشل الدولة في احترام التزاماتها تجاه المعلمين".
وفي تصريحات خاصة لـ "النهار"، حمل "ناجي" النقابة "مسؤولية الخطوات السياسية التي تنتهجها بعيدًا عن العمل النقابي"، كما حمل الحكومة، ممثلة بوزارة المالية والخدمة المدنية، مسؤولية "هذا الانسداد الخطير".
ودعا جميع الأطراف إلى "الجلوس إلى طاولة حوار عاجلة بحضور وزارة التربية ومكتب عدن"، للتوصل إلى خطة تنفيذية واضحة ومحددة بضمانات زمنية تمكن المعلمين من استعادة حقوقهم الوظيفية والمادية، وتشجعهم على التعليق المؤقت للإضراب كـ"خطوة لإثبات حسن النية".
وتابع "ناجي" أن التعليم لا يجب أن يكون "رهينة للإهمال الحكومي ولا للقرارات الأحادية"، محذراً من أن "استمرار هذا الوضع دون حل هو جريمة مجتمعية بحق الوطن ومستقبله".
رئيس المنتدى الثقافي العدني: النقابات أصبحت أداة سياسية
من جهته، اعتبر أحمد ناصر حميدان، الناشط الحقوقي، ورئيس المنتدى الثقافي العدني، أن قضية النقابات في الجنوب "قضية شائكة"، مشيراً إلى أن النقابات "غير منضبطة" و"أصبحت أداة سياسية للضغط".
وفي تصريحات خاصة لـ "النهار"، قال حميدان إن النقابات لا تضع "الحق العام وحق المجتمع والوطن" في أولوياتها، بل ترى الأمور من زاوية واحدة تتمثل في مظالم المعلم، التي وصفها بـ"الحقيقية"، لكنها "نتيجة لصراع سياسي".
وأوضح أن هذا الوضع أدى إلى "تحويل النقابة لمصدر أساسي لتعطيل العملية التربوية والتعليمية"، مؤكداً أن هذه "كارثة" لم ينتبه لها القائمون على النقابة.
واعتبر أن المجلس الانتقالي الجنوبي يعتقد أن استعادة الدولة لن تأتي إلا بـ"تدمير مؤسسات الدولة اليمنية"، مشيراً إلى أن مقرات النقابات تم اقتحامها والاستيلاء عليها، وأعيد تشكيل قيادتها بـ"أكثر المتعصبين"، في خطوة وصفها بأنها "تهور" أدى إلى تشكيل كيانات نقابية تتجاذبها السياسة والانقسامات، على حد قوله.
وأشار إلى أن المعاناة العامة للموظفين والمواطنين هي نتيجة الصراعات السياسية، وأن الحل لن يأتي بالإضراب، بل بـ"ثورة شعبية تضغط نحو عمل إصلاحات سياسية واقتصادية أو تغيير حقيقي".
وقال "حميدان" إن "مؤامرة كبيرة" تحاك ضد مدينة عدن بهدف "تجهيلها" وتفكيك نسيجها الاجتماعي، مشيراً إلى أن أطرافاً إقليمية ودولية تدير أدوات لإنهاك المجتمع في المدينة، وضرب التعليم بشكل خاص.
وانتقد رئيس المنتدى الثقافي العدني، تعطيل العملية التعليمية للعام الثالث على التوالي، معتبراً أنها "محاولة لتجهيل الجيل بأكمله"، وهو ما أدى إلى تضرر الطلاب الذين أصبحوا ضحايا "الصراع" بين الأطراف السياسية.
وأشار إلى أن النقابة شنت حملة ضد مجالس الآباء الذين حاولوا تسهيل العملية التعليمية بدعم من أولياء الأمور، مؤكداً أن النقابة لم تستوعب خطورة تعليق العملية التعليمية كلياً.