غزة وسوريا وإيران.. توافق ”سعودي ـ روسي” على الحلول الدبلوماسية لأزمات المنطقة

شكلت الأزمات الإقليمية في غزة وسوريا والملف النووي الإيراني محور المباحثات خلال المؤتمر الصحفي المشترك بين وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، ونظيره الروسي سيرجي لافروف، الذي عقد اليوم الجمعة في العاصمة الروسية موسكو.
وأظهر الجانبان توافقًا واضحًا في الرؤى وتنسيقًا في المواقف تجاه هذه الملفات الشائكة، بما يعكس تقاربًا دبلوماسيًا يهدف إلى تعزيز الحلول السياسية لأزمات الشرق الأوسط.
دعوات لوقف إطلاق النار في غزة وحل عادل للقضية الفلسطينية
أعرب الوزيران عن قلقهما العميق إزاء الوضع في غزة، وشددا على الحاجة الملحة لوقف دائم لإطلاق النار وحل عادل للقضية الفلسطينية يستند إلى الشرعية الدولية.
وأكد الأمير فيصل بن فرحان أن الأولوية القصوى هي "وقف إطلاق نار فوري ومستدام ودائم في غزة". وشدد على أن هذا الوقف يجب أن يكون "بداية للمباحثات حول الدولة الفلسطينية"، مؤكداً على الترابط بين الإغاثة الفورية والحل السياسي طويل الأمد.
كما أبرز الحاجة الماسة لإنهاء معاناة الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، حيث يواجهون "تصعيداً وعنفاً من المستوطنين" وتواجه السلطة الوطنية الفلسطينية "قيوداً إسرائيلية".
وحذر من أن الفشل في تحقيق دولة فلسطينية يعني "تأجيل المشاكل والصراعات إلى وقت قد يكون فيه الوضع أكثر صعوبة وخطورة".
وأكد أن "الحل المستدام والمنطقي والعادل الوحيد هو إقامة دولة فلسطينية تحتضن الفلسطينيين، وهي السبيل لتعايش الفلسطينيين والإسرائيليين".
وأثنى على التوافق مع روسيا بشأن القضية الفلسطينية، مؤكداً ضرورة "تكثيف الجهود الدولية لإيجاد حل دائم وعادل يضمن تمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لمبادرة السلام العربية والقرارات الدولية ذات الصلة".
واعتبر السلام "الخيار الاستراتيجي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وحل الصراع العربي الإسرائيلي"، مما يسهم في الأمن والتنمية.
وفيما يتعلق بالدور الأمريكي، أشار إلى الاعتماد على "قيادة الولايات المتحدة والرئيس دونالد ترامب، الذي يرونه قادراً على أن يكون استثنائياً وتحويلياً في التوصل إلى حل نهائي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني من خلال تحقيق دولة فلسطينية".
من جانبه، أكد سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، دعم بلاده الثابت "لإقامة دولة فلسطينية مستقلة"، مشيرًا إلى "تقارب المواقف" مع السعودية بشأن الوضع في غزة و"ضرورة إنهاء الحرب وإيصال المساعدات".
وشجع المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين للتقدم نحو إقامة دولة فلسطينية، ولفت إلى أن "الظروف في الضفة الغربية ليست أفضل من تلك في غزة"، مسلطاً الضوء على الأزمة الإنسانية الأوسع.
الأزمة السورية.. التزام بوحدة الأراضي وتسوية سياسية
وأعاد الجانبان التأكيد على التزامهما المشترك بوحدة سوريا وسلامة أراضيها وسيادتها، مشددين على الحاجة إلى تسوية سياسية وتقديم المساعدات الإنسانية.
وأكد "لافروف" وجود "موقف مشترك بين موسكو والرياض بشأن دعم وحدة الأراضي السورية وسيادتها"، وتعد هذه النقطة تقارباً مهماً بالنظر إلى الاختلافات السابقة.
كما شملت المناقشات تعزيز "تسوية سياسية شاملة" وتبادل المعلومات حول صيغة أستانا، وهي منصة رئيسية لمحادثات السلام السورية.
وشدد على ضرورة إيلاء اهتمام أكبر للمشاكل الإنسانية في سوريا، التي تفاقمت بسبب الزلازل الأخيرة، ونوه بتقديم السعودية للمساعدات الإنسانية.
وأعرب عن أمله في أن يسهم هذا التضامن الإنساني في "تهيئة الظروف لتسوية القضايا السياسية، بما في ذلك عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية"، مجددًا دعواته لـ"رفع العقوبات الأحادية التي فرضها الغرب على سوريا".
وعلى الرغم من أن وسائل الإعلام لم تذكر تفاصيل محددة لمناقشات وزير الخارجية السعودي حول سوريا، إلا أن تأكيده على "تعزيز العلاقات الثنائية" ومناقشة "التحديات الإقليمية والدولية والتنسيق بشأنها" ، بالإضافة إلى الموقف المشترك الواضح بشأن وحدة سوريا وسيادتها ، يشير بوضوح إلى اتفاق السعودية مع روسيا على هذا المبدأ الأساسي.
الملف النووي الإيراني والتوترات الإقليمية.. رفض للمواجهة العسكرية
أعرب الوزيران عن قلقهما العميق إزاء تصاعد التوترات الإقليمية، خاصة تلك المتعلقة بإيران، وشددا على الأهمية القصوى للحلول الدبلوماسية على المواجهة العسكرية.
شدد شدد الأمير فيصل بن فرحان، على "الحاجة الملحة للعودة إلى النهج التفاوضي بشأن البرنامج النووي الإيراني وأهمية التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، واصفًا الوضع في خضم الصراع الأخير بين إيران وإسرائيل بأنه "مقلق للغاية".
وأعاد التأكيد على "رفض السعودية للحلول العسكرية ودفعها المستمر لحل جميع النزاعات عبر التفاوض"، مبرزاً مبدأً أساسياً في السياسة الخارجية السعودية.
وأعرب عن أمله في أن تكون "مرحلة اللجوء إلى الحلول العسكرية قد انتهت وأنهم يواجهون الآن مرحلة تفاوض إيجابية ستؤدي إلى حل عادل وسليم لهذه القضية".
كما أكد أن "اللجوء إلى القوة في حل النزاعات السياسية غير مقبول وليس الحل الصحيح، وأن الحلول التفاوضية يجب أن تكون لها الأولوية".
من جانبه، ذكر "لافروف" أن روسيا "على اتصال مع السعودية بشأن جميع القضايا، بما في ذلك الملف الإيراني والصراع الأخير بين إيران وإسرائيل"، مرحبًا "بتطبيع العلاقات بين إيران ودول الخليج، وخاصة السعودية".
حرب أوكرانيا.. تقدير روسي لدور الرياض المتوازن
تطرقت المباحثات إلى الأزمة الأوكرانية، حيث أقرت روسيا وثمنت الموقف "المتوازن" للمملكة العربية السعودية وجهودها لتسهيل الحوار، حيث أشاد لافروف تحديدًا "بموقف السعودية 'المتوازن' من الأزمة الأوكرانية"، معربًا عن امتنان روسيا للجهود السعودية في "تهيئة الظروف للحوار مع واشنطن"، ما يشير إلى دور وساطة محتمل للرياض.
ويرى المراقبون أن هذه المباحثات تعكس بعمق الشراكة الاستراتيجية بين السعودية وروسيا، وتؤكد على رغبتهما المشتركة في تعزيز الاستقرار الإقليمي والدولي من خلال الحلول الدبلوماسية والتعاون متعدد الأطراف.، من ناحية، ومن ناحية أخرى يبرز هذا التقارب دورًا متزايدًا للرياض في المشهد الجيوسياسي العالمي، كفاعل رئيسي يسهم في صياغة نظام دولي أكثر توازنًا واستقرارًا.