أبعاد الضربة الأمريكية لإيران على السياسة العالمية.. توضيحات مهمة

كشفت الصحف العالمية، أبعاد الضربة الأمريكية لإيران على السياسة العالمية، موضحة أن الضربة مثلت نقطة تحول استراتيجية عميقة، إذ أعادت إلى الواجهة منطق القوة الغاشمة بديلاً عن الأدوات الدبلوماسية التي طالما سعت القوى الكبرى لتثبيتها بعد حرب العراق.
ذكرت صحيفة «فايننشال تايمز»، أن «واشنطن تبعث برسالة مفادها أن التلويح بالقوة لم يعد كافياً، بل يجب استخدامها عندما تستدعي المصالح القومية ذلك»، موضحة أن المشهد الإقليمي دخل مرحلة من السيولة غير المسبوقة، حيث أعادت الضربة خلط الأوراق، ليس فقط بين الخصوم المباشرين بل بين القوى الإقليمية والدولية المنخرطة في الملف الإيراني.
الهجوم الأمريكي الإسرائيلي
وعلّقت صحيفة «تشاينا ديلي» الصينية بأن الهجوم الأمريكي الإسرائيلي المشترك يعيد الشرق الأوسط إلى منطق الحرب الصفرية ويهدد كل محاولات بناء استقرار مستدام، موضحة أن الصين، في مواقفها الرسمية، رأت في الخطوة الأميركية تصعيدا خطيرا يقوض الاستقرار ويضع المنطقة أمام شبح الانزلاق إلى فوضى شاملة، كما صرح متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية: «ندعو الولايات المتحدة إلى ضبط النفس والعودة إلى المسار الدبلوماسي، فالتصعيد العسكري ليس في مصلحة أحد».
من جانبها، اعتبرت روسيا أن الضربة إعلانا بانتهاء مرحلة إدارة الأزمات عبر وسطاء دوليين، وكتب محلل في روسيسكايا جازيتا: «لقد استبعدت واشنطن الدور الروسي والصيني في ترتيبات أمن المنطقة، ما سيمنح موسكو فرصة لتقديم نفسها ضامناً لأي نظام أمني بديل».
توظيف الهجوم كوسيلة لحشد الجبهة الداخلية
وجدت إيران، في قراءتها الاستراتيجية، نفسها مدفوعة نحو توظيف الهجوم كوسيلة لحشد الجبهة الداخلية، وإحياء خطاب «المقاومة الوجودية»، حسب وكالة «فارس»: «الهجوم الأميركي سيجعل الشعب الإيراني أكثر التزاماً بالدفاع عن سيادته وكرامته في وجه العدوان».
وفي صعيد آخر، عززت إسرائيل موقعها الإقليمي كقوة عسكرية قادرة على فرض أجندتها الأمنية، لكنها في الوقت ذاته زادت من اعتمادها على الدعم الأميركي، ووصفت صحيفة «هآرتس» المشهد: «إسرائيل ربحت معركة، لكنها باتت أكثر اعتماداً من أي وقت مضى على القوة الأميركية لتأمين نصرها»، قد يكون في تعبير كسبت معركة مبالغة.
منظومة الردع الأمريكية بدت في مظهرها أكثر قوة، لكنها أدخلت واشنطن في معادلة استراتيجية شديدة التعقيد، فيما علقت «نيويورك تايمز»: «واشنطن باتت الآن مسؤولة، ليس فقط عن نجاح الضربة، بل عن إدارة ما سيأتي بعدها».
على المستوى الاقتصادي، أشعلت الضربة مخاوف عميقة في الأسواق العالمية، وكتبت «وول ستريت جورنال»: «الضربة تثير شبح أزمة طاقة عالمية جديدة، في وقت يعاني فيه الاقتصاد العالمي أصلاً من آثار التضخم واضطرابات سلاسل الإمداد»، وكشفت عمق الانقسام داخل الولايات المتحدة.
انقسام داخل قاعدة ترامب
ووصف «بوليتيكو» ذلك بأنه «أعمق انقسام داخل قاعدة ترامب منذ انتخابه، بين أنصار يرون في الضربة إثباتاً للقيادة القوية، ومعارضين يعتبرونها خيانة لعقيدة «أمريكا أولا»، واستراتيجياً، ستمكن الضربة روسيا والصين من تقديم نفسيهما كقوتين مسؤولتين في مواجهة ما وصفه وزير الخارجية الروسي بـ«الاندفاع الأمريكي الأرعن الذي يقود المنطقة إلى الهاوية».
في العمق، أعادت الضربة إلى المنطقة معادلة الحرب بالوكالة، فقد علقت «الجارديان»: «إيران لن تخوض حرباً تقليدية، بل ستلجأ إلى وكلائها في لبنان وسوريا والعراق واليمن، وهو ما يزيد من تعقيد المشهد». اعادة تسليح الوكلاء أمر وارد بطرق مختلفة، في المدى الاستراتيجي، يُخشى أن تكون هذه الضربة قد أعادت عقارب الساعة إلى الوراء، كما كتب معلق في «لوموند»: «الشرق الأوسط يعود إلى منطق الصدام المفتوح، والرهانات الدبلوماسية تتبدد أمام دخان المعارك».
وعلّقت صحيفة «ساوث تشاينا مورنينغ بوست»، على كل هذه الأحداث، قائلة: «العالم سيحاكم النظام الدولي على قدرته في احتواء هذا الصراع، أو فشله في ذلك، مما قد يعيد تشكيل النظام العالمي على وقع الانفجارات».