بعد تدمير آخر طائرة في مطار صنعاء... إسرائل تستخدم سلاح التجويع ضد الشعب اليمني

في أول رد فعل حوثي على ضرب مطار صنعاء منذ ثلاث ساعات، أكد القيادي الحوثي حزام الأسد، أن كل الأهداف الحيوية والعسكرية الإسرائيلية ستبقى تحت مرمى نيران الحوثيين، وقال "القيادي الحوثي" في أحدث منشوراته على حسابه بمنصة إكس: " من مطار اللد إلى حيفا، ويافا، وطبريا، والجليل، حتى النقب وأم الرشراش، كل هدف حيوي وعسكري سيبقى تحت مرمى نيراننا حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن غزة".
وفي أول رد فعل دولي، أدان مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، هانس جروندبرج، الغارة الإسرائيلية على مطار صنعاء الدولي، محذرًا من أن استهداف البنية التحتية الحيوية يضرب عمق الحياة المدنية لليمنيين.
وأوضح في تصريح صحفي أن تدمير الطائرة المدنية الأخيرة خلال استعدادها لنقل الحجاج – كما وثّقت مصادر المطار – "يحول منفذًا إنسانيًا إلى ساحة حرب، مما يزيد معاناة شعب يعيش أصعب أزمة إنسانية في العالم.
وكانت عشر طائرات إسرائلية قد شنت غارات على مطار صنعاء ودمرت آخر طائرة مدنية كانت تستعد لنقل افواج الحجاج اليمنيين الى الأراضي المقدسة.
وبتدمير الطائرة اليمنية الأخيرة في مطار صنعاء تنقطع تمامًا صلة أبناء اليمن في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين بالعالم الخارجي، حيث دمرت إسرائيل في غارتها السابقة 6 طائرات تشكل كل الطائرات المدنية التي يسيطر عليها ويسيرها الحوثيين.
كما أفادت مصادر يمنية بأن الطائرة كانت في طريقها إلى نقل 150 حاج لآداء الفريضة المقدسة وهناك شكوك في قدرة هؤلاء على القيام بآداء الفريضة إضافة إلى تعطيل جميع الأفواج المتبقية خاصة وأن القرارات الإسرائيلية استهدفت مدارج المطار وبنيته الأساسية أيضًا، وأصبح غير قادر في وقت قريب على استقبال وإقلاع الطائرات.
ضرب الموانئ
وبعد توقف لم يستمر طويلًا، عاودت الطائرات الإسرائيلي شن سلسلة هجماتها عقب إنهاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زيارته للدول العربية الثلاثة السعودية وقطر والإمارات، في الخامس عشر من مايو الجاري، سارعت القوات الإسرائيلية بضرب الموانئ اليمنية للمرة التاسعة على التوالي.
وجاءت ضربات إسرائيل لموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى بقصد تدمير ما تبقى من تلك الموانئ الاستراتيجة الهامة للشعب اليمني، فيما وصف بأنه محاولة لاستخدام سلاح التجويع عبر فرض حصار شامل على الشعب اليمني بتدمير موانيه التي تمده بالغذاء والدواء والطاقة وكل مستلزمات الحياة.
وكان الكيان الصهيوني قد أنذر اليمنيين في أسبوع واحد مرتين بإخلاء الموانئ الثلاثة، ولكن زيارة "ترامب" أجلت فيما يبدو تنفيذ الضربات حتى لا تعكر صفو الزيارة.
وبالإشارة إلى ما يعانيه الشعب اليمني من نقص شديد في المواد الغذائية والأدوية يعد ضرب الموانئ الثلاثة، والتهديد بضربها، كارثة أخرى تحل على أبناء اليمن الذين دمرت الحرب الأهلية منذ عام 2015 كل قدراتهم على إنتاج الحبوب والغذاء، إضافة إلى احتياجاتهم الكبيرة والمتزايدة للأدوية والاجهزة الطبية بسبب إصابات الحروب وانتشار الأمراض والأوبئة في مناطق النزاعات.
وتواجه الأسر الضعيفة صعوبات متزايدة في الحصول على الغذاء بسبب ارتفاع الأسعار وانخفاض الدخول وفرص العمل، مما يضطرها إلى بيع الأصول الإنتاجية والاعتماد بشكل كبير على المساعدات الإنسانية.
ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة، يحتاج أكثر من 18 مليون شخص في اليمن إلى مساعدات إنسانية عاجلة، ويعاني ملايين آخرون من مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي، حيث يواجه جزء كبير منهم خطر المجاعة.
جرائم ضد الإنسانية
من الناحية الإنسانية، فإن استهداف مطار صنعاء وميناء الحديدة يحمل دلالات خطيرة؛ فهو المعبر الرئيس لغذاء ودواء أبناء الشعب اليمني، وقد صرحت مصادر لوكالة رويترز أن نحو 80% من واردات الغذاء للبلاد تمر عبر هذا الميناء، كما أن القطاع الطبي يعتمد على مرفأ الحديدة في اتقبال واستيراد معظم احتياجات البلاد الطبية.
وقد حذر خبراء دوليون من أن تعطيل ميناء الحديدة يؤدي إلى أزمة إنسانية كارثية، حتى وصل البعض إلى القول إن إغلاق هذا الميناء "يمكن أن يقود اليمن بأكمله نحو المجاعة".
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 21.6 مليون يمني – أي نحو ثلاثة أرباع السكان – بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، بينهم 11 مليون طفل، ونحو 4.5 ملايين نازح داخليًا.
وتؤدي الحرب والحصار إلى تفاقم أوضاع الفقراء، فملايين اليمنيين يعانون انعدام الأمن الغذائي، ويقدر أن نحو 600 ألف طفل في المناطق الخاضعة لحكومة صنعاء وحدها يعانون سوء تغذية حاد؛ وفي حال انقطاع واردات الوقود والدواء والإمدادات الغذائية، كما تحذر منظمات مثل برنامج الأغذية العالمي، فإن الآلاف من الأبرياء بمن فيهم كثير من الأطفال سيلقون حتفهم بسبب الأمراض وسوء التغذية، كما يمثل انقطاع الكهرباء والمياه إحدى الكوارث الكبرى التي لحقت باليمنيين نتيجة هذه الضربات المدمرة.
وحذرت المنظمات الحقوقية من أن الصمود النسبي الذي تحقق في اليمن بفضل المساعدات الدولية قد يكون على المحك بسبب ضربات الحديدة وصنعاء؛ إذ صنفت تلك الأضرار العشوائية والخطيرة ضد المدنيين بأنها "جرائم حرب" وجرائم ضد الإنسانية.
أهمية الموانئ الثلاثة
تكتسب موانئ البحر الأحمر اليمنية – الحديدة ورأس عيسى والصليف – أهمية استراتيجية بالغة كبوابات رئيسية لدخول الإمدادات الأساسية إلى البلاد. وتعتبر هذه الموانئ شريان حياة لملايين اليمنيين، حيث يعتمد عليها في استيراد الغذاء والدواء والوقود والمساعدات الإنسانية، فميناء الحديدة، على سبيل المثال، يعتبر الميناء الرئيسي الذي تدخل عبره غالبية واردات اليمن، بما في ذلك المواد الغذائية والأدوية والمساعدات الإنسانية، ويخدم الجزء الأكبر من السكان، أما ميناء رأس عيسى، فيعد محطة رئيسية لاستيراد الوقود، الذي يعتبر ضروريًا لتشغيل المستشفيات ومحطات ضخ المياه وغيرها من الخدمات الأساسية، وبدوره، يلعب ميناء الصليف دورًا هامًا في استيراد المواد الغذائية، خاصة الحبوب، ويضم مرافق لتخزين وطحن القمح.
ولكي نعلم الآثار الكارثية لتعمد إسرائيل ضرب الموانئ اليمنية، يجدربنا الإشارة إلى أهمية تلك الموانئ الثلاثة في الآتي:
ميناء الحديدة:
- يعد أكبر موانئ اليمن على البحر الأحمر ويستقبل شتى أنواع الواردات وسفن الركاب والسياح، مما يجعله حيويًا لتلبية احتياجات السكان.
- يمثل شريانًا اقتصاديًا هامًا لليمن نظرًا لحجم البضائع التي تمر عبره.
- يعتبر نقطة الانطلاق الرئيسية للوصول إلى الجزر اليمنية ذات الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية.
ميناء رأس عيسى:
- كأول ميناء نفطي في اليمن، لعب دورًا محوريًا في تصدير النفط الخام عبر السفينة "صافر"، وهو مصدر هام للعملة الصعبة.
- يمنحه موقعه بالقرب من هذا المضيق الحيوي أهمية إضافية في حركة التجارة العالمية وممرات الطاقة.
- يرتبط بخط أنابيب رئيسي ويتمتع بقدرة تخزينية كبيرة للنفط الخام.
ميناء الصليف:
- يتميز بأعماقه الكبيرة التي تسمح باستقبال بواخر عملاقة وسفن الترانزيت، مما يعزز قدرته على مناولة كميات كبيرة من البضائع.
- يضم أرصفة مجهزة ومرافق لتخزين ومعالجة الحبوب، مما يجعله مهمًا للأمن الغذائي.
- كان تاريخيًا ميناءً رئيسيًا لتصدير الملح عالي الجودة المستخرج من المنطقة.
وهكذا تبدو الأهمية الكبرى للموانئ الثلاثة، ومدى تأثير تدميرها على واقع ومستقبل الشعب اليمني، حيث تعمد الكيان الصهيوني ضرب جميع الموانئ وملحقاتها ومخازنها، وكل ماهو متعلق بها، وتدميرها تدميرا شاملًا لغلق كل منافذ الحياة على أكثر من ثلثي الشعب اليمني.
حرب تجويع
ويبدو أن حكومة مجرم الحرب بنيامين نتنياهو تحاول استخدام سلاح التجويع ضد الشعب اليمني بعد أن استخدمته في غزة، ولم يتحرك المجتمع الدولي لإنقاذ شعب غزة من الموت والفناء بسبب سلاح التجويع الذي يستخدم بأبشع صوره ضد أبناء القطاع.
وفي هذا الإطار حذرت المنظمات الإنسانية أن تدمير هذه الموانئ يوقع اليمنيين سريعًا في شباك الجوع والوباء.
كما أن تعمد إسرائيل إصدار تحذيرات بضرب الموانئ يصدر إشارة سلبية للسفن التجارية المتجهة للموانئ من ناحية، ويمنع اليمنيين من إصلاح ما تم تدميره من ناحية ثانية، إضافة إلى استمرار حالة الفزع والخوف من نقص الإمدادات الغذائية والدوائية التي يريد الكيان الإسرائيلي أن يفرضها على المجتمع اليمني سواء قام بضرها أو أصدر فقط تحذيراته بتدميرها.