الخميس 28 مارس 2024 05:24 مـ 18 رمضان 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
جامعة مدينة السادات تنظم قافلة طبية ومشروع بيئى تنموى في ”حي النور” محافظ الشرقية يلتقي رئيس قطاعات كهرباء الشرقية والمدن الجديدة وكيل صحة بالشرقية ييتابع عمليات الوصلات الشريانية بمستشفى الزقازيق العام إزالة 5 حالات تعدى ومخالفة بناء بحي شرق أسيوط وكيل وزارة الصحة بالبحر الأحمر يجتمع بمديري الإدارات الفنية وإلادارية أبو حطب يتابع توزيع السكر المدعم على مدار اليوم بقرى ومركز الشهداء في المنوفية رئيس مدينة القصير يتابع اخر مستجدات الأعمال بالشوارع المستهدف رصفها خلال الفترة المقبلة محافظ أسيوط يشدد على رصد المخلفات وإزالتها أولًا بأول.. وإزالة 5 حالات تعد ومخالفة بناء بحي شرق المنوفية : عبدربه يعقد اللقاء الجماهيري اليومي ويوجه بإجراءات عاجله لحل شكاوى المواطنين بمنوف مصر الخير توزع 17 ألف كرتونة مواد غذائية على الأسر الأولى بالرعاية اخر عروض ”هل هلالك”.. الاثنين القادم 8 مليار جنية تكلفة مشروعات التطوير العقارى لتعظيم الاستفادة من أراضى شركة الإسكندرية

صحافة المواطن

د. عادل عامر يكتب: أطفال الشوارع الشبح الذي يهدد استقرار مصر

عادل عامر
عادل عامر

بدأت ظاهرة أطفال الشوارع في الظهور بشكل واضح في ثمانينيات القرن الماضي، كانعكاس للتطورات الاقتصادية التي شهدتها البلاد آنذاك،

والتي تفاقمت في ظلها الأمراض الاجتماعية المعروفة، مضافاً إليها زيادة نسب البطالة، واتساع مسبِّبات التفكك الأسرى نتيجة لذلك، ولم تُحقِّق خطط وإستراتيجيات المواجهة على المستوى الوطني أي نجاحات ملحوظة في هذا الميدان، نتيجة التركيز على معالجة الآثار دون الأسباب، وقد أدَّى ذلك إلى ازدياد ونمو هذه الظاهرة بمُعدَّلات سريعة ومتلاحقة تفوق بكثير الخطط الوطنية لمواجهة الفقر والبطالة والأزمات والإسكان والتسرب من التعليم والرعاية الصحية وتحولت الظاهرة على مدى الأعوام السابقة إلى ظاهرة مخيفة باتت تهدد الأمن والاستقرار الاجتماعي في المجتمع، حيث أصبحت تُشكِّل بؤر سرطانية، تأويها الجحور والشقوق والمهملات والمنقولات المتروكة بالشوارع، وظهرت مع مرور الزمن، وزادت خطورتها في ظل الأوضاع والظروف المتردية، وفى إطار هذه التجمعات لأطفال الشوارع ظهرت عناصر احترفت استقطاب الوافدين الجدد من الأطفال وإرهابهم لاستخدامهم في ارتكاب الأنشطة الإجرامية، فضلاً عن تعرُّضهم للانتهاكات الجنسية، إضافة إلى إمكانية تعرضهم للقتل للتخلص من آثار تلك الجرائم. والواقع أن التصدي لهذه الكارثة يقتضى تبنِّى حزمه متكاملة من الإجراءات غير المسبوقة، والتي تهدف إلى تجفيف المنابع والقضاء على أسباب تفاقمها وليس الاستمرار فقط في مواجهة آثارها. وهذا يقتضى بالضرورة النظر إلى هؤلاء الأطفال باعتبارهم الإفراز الطبيعي للبيئة الاجتماعية المثقلة بأخطر الأمراض المؤدية بالضرورة إلى التفكك الأسرى باعتباره السبب الرئيسي لظهور أطفال الشوارع. ولذلك ينبغي عدم التعامل مع أطفال الشوارع باعتبارهم في حالة من حالات التعرض للانحراف طبقا للقانون الساري، وإنما اعتبارهم في حالة خطورة اجتماعية، ومن ثم ينبغي التعامل معهم في إطار قانون جديد للأمن الاجتماعي، أو من خلال تعديل باب الرعاية الاجتماعية بقانون الطفل. على أن يكون التعامل معهم من خلال اتخاذ تدابير تربوية بعيدة عن الإجراءات الجنائية العادية. ولقد بات مصطلح "أطفال الشوارع" معروفاً في أدبيات التنمية البشرية، وهو من أهم القضايا وأخطرها نظراً لتداخل أبعادها الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية، ولتزايدها واستفحالها في بعض الدول النامية، والدول المتقدِّمة على حدّ سواء، ولذلك فهي مشكلة عالمية تفرض نفسها، وتستقطب اهتمام المعنيين بالتنمية البشرية وحقوق الإنسان. فمرحلة الطفولة تتصف بحساسية شديدة لأنها المرحلة التي تتأسس عليها حياة الإنسان، ولذلك فهي تتطلب الرعاية والحماية من خلال توفير عوامل وبيئات التنشئة المتوازنة، ففي هذه المرحلة يكتسب الطفل القيم والسلوكيات، وتتشكل رؤيته لمحيطة من أسرة ومجتمع، ومن هنا فإن حدوث أي خلل يدفع بالطفل إلى الإحساس بأن حياته أصبحت مهددة حاضراً ومستقبلاً. وتأتى هذه الورقة بهدف إلقاء الضوء على بعض التشريعات الحاكمة لحقوق الأطفال في مصر، بالإضافة إلى عرض بعض تجارب الدول العربية والدول المتقدِّمة في مواجهة ظاهرة أطفال الشوارع، وأهم الآليات المستخدمة في معالجة هذه الظاهرة والتصدي لها، بغية الوصول إلى أهم الممارسات الدولية لمواجهة هذه الظاهرة. وضحت المادة الأولى - من قانون الالتزام بأحكام الدستور المصري - كفالة الدولة لحماية الطفولة والأمومة ورعاية الأطفال، والعمل على تهيئة الظروف المناسبة لتنشئتهم التنشئة الصحيحة في كافة النواحي في إطار من الحرية والكرامة الإنسانية. ويؤكِّد الالتزام الملقى على الدولة من حيث تطبيق هذا القانون بالكامل، أي رعاية الطفولة وتهيئة الظروف الصحيحة والمناسبة لتنشئتهم هي مسؤولية المجتمع بالدرجة الأولى، حيث يتعين عليه – أي المجتمع - القيام بها في إطار من القواعد القانونية الواضحة التي يلتزم بها كافة الأفراد، من أجل الحفاظ على مسيرة تواجد المجتمع ذاته في ظل القيم والأصول التي يحرص على استمرارها وتطويرها، من خلال رؤية شاملة تحفظ للمجتمع أمنه واستقراره. ويأتي هذا الالتزام استكمالاً لدور الأسرة الأساسي في تنشئة أبنائها، حيث يتمحور هذا الالتزام في شِقَّين أساسيين هما:

1. الحفاظ على الأسرة وتماسكها باعتبارها اللبنة الأولى للمجتمع، وتعظيم دورها في تنشئة الأبناء لكونها البيئة الصحية لذلك، ومساعدتها على تولى مسؤوليتها في هذا الشأن.

2. التدخُّل في إطار الحالات التي تقضى ذلك باعتبار أن المجتمع هو الأسرة الأم، ومن ثم يتعيَّن أن يكون التدخل في إطار المشروعية التي تحفظ لكافة الأطراف حقوقهم الشرعية والشخصية.

ومن هذا المنطلق الفكري جاء القانون موضحاً هذا الهدف ساعياً لتحقيقه من خلال ما نص عليه من قواعد قانونية تتعلق بتنفيذ هذا الالتزام الملقى على الدولة، من حيث وضع تشريعات حيوية وفعَّالة تحفظ وتحمى حقوق الطفل. أثارت قضية عصابة قتل الأطفال ضرورة فتح ملف أطفال الشوارع والخطر الكامن الذي يمثلونه اذ ان هؤلاء الأطفال كما يري الكثيرين بمثابة القنابل الموقوتة التي قد تنفجر في أي لحظة نظرا للحاجات النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي تدفعهم لارتكاب جرائم أو التعرض لجرائم بشعة كما حدث مع قضية عصابة قتل الاطفال الاخيره فقد كشفت التحقيقات أن أحد المشتبه بهم في عصابة قتل الأطفال وعمره 18 عاما ذكر أن زعيم العصابة بدأ عمليات القتل انتقاما لهجوم كان هو ضحيته عندما كان عمره أقل من عشرة أعوام. فقد تمم الاعتداء عليه جنسيا والقي به من أعلي القطار، ثم ألقي به أمام قطار قادم في الاتجاه المعاكس، وسقط فوق قطعة حديد كبيرة "شقت" بطنه وظل شهراً بالمستشفي، وبعد سنوات قرر الانتقام من الشاب. وتظهر الارقام الرسمية ان حوالي 2.7 مليون طفل يعملون في مصر أي حوالي عشرة بالمئة من السكان دون سن 14 عاما. ويعمل غالبيتهم في الزراعة وبشكل اساسي في جمع المحاصيل والازالة اليدوية للافات الزراعية من القطن. ويكدح مئات الآلاف من الاطفال وكثير منهم مشردون في اعمال متواضعة قد تكون في مدبغة أو مواقف سيارات او بيع المناديل الورقية والجرائد في اشارات المرور. وتقول نيفين عثمان وهي خبيرة في مجال عمالة الاطفال لدى منظمة العمل الدولية بالقاهرة "يوجد فقر مدقع في مصر لذلك تستخدم عائلات أبناءها للحصول على لقمة العيش." أن مؤسسات الأحداث"حالها يبكي" ولا تستوعب الأعداد الكبيرة للأحداث بل وأن العاملين فيها غير مؤهلين بالشكل المناسب والأدهي من ذلك أن بعضهم يعلم الأطفال السرقة. ونادي بعض الضيوف بأهمية وجود تشريع قانوني وتجريم الاهمال من جانب الأبوين لاولادهم بتركهم في الشوارع يسبقه دور الدولة بتوفير مظلة تأمين اجتماعية واقتصادية توفر لهم الحياة الكريمة كما يجب الاهتمام بدور الأحداث كما هو الاهتمام بدور الأيتام. وأكد الجميع علي أهمية الوقوف أمام الحوداث الأخيرة باعتبارلاها أعمالا فردية بل هي مسؤولية مجتمع ويجب أن تتضافر الجهود ويجب علي نواب الشعب مناقشة هذه الموضوعات التي تمس الأمن القومي بدلا من مناقشة موضوعات أقل أهمية لمنع هذا الحوداث في المستقبل. ونادوا بضرورة قيام الدولة والمجتمع المدني بدور نشط في هذا المجال وأشاروا الي أهمية تمويل تفعيل دور المجلس القومي للأمومة والطفولة. وأشادوا بجمعيات أهلية في هذا المجال أكثر فعالية مثل جمعية الأمل التي تسحب هؤلاء الأطفال من الشوارع وتوفر لهم الرعاية الملائمة وفرص العمل . وتستضيف الجمعية حوالي 25 طفلا مشردا كل يوم ويوفر لهم الوجبات الساخنة كما يتيح لهم الاستحمام والاسرة للنوم. يقول وجدي عبد العزيز (12 عاما)أحد أطفال الجمعية انه كان يتقاضى أجرا مقابل طوافه بالشوارع لجمع البلاستيك في الفترة ما بين الغروب حتى الفجر تحاشيا لرصده من قبل الشرطة. ويستطيع الأطفال مشاهدة الرسوم المتحركة على شاشة كمبيوتر ويلعبون الورق الذي توضع عليه عادة رسوم تحذيرية ضد مخاطر التدخين والمخدرات وفيروس الأيدز وتقول منظمة العمل الدولية ان حوالي 218 مليون طفل منخرطون في مجال العمل ونحو 100 مليون عامل مراهق موظفون بشكل قانوني في انحاء العالم. يتخذون أرصفة الشوارع مسكناً لهم، ويستخلصون من النفايات غذائهم ويصنعون من العراء غطاء لهم .. إنه واقع أطفال الشوارع في مصر دون مبالغة .. فهم خلاصة فساد تفشى في البلاد 30 عاماً أنبت زهوراً تحاول  العيش في وطن ظل الفقير مهمشاً فيه في كل شيء، الذين يحاول المخربون في البلاد استغلالهم عقب ثورة 25 يناير كوقود لنشر العنف والفوضى في المجتمع ليتحولوا من مجني عليه إلى جاني. وكان لأطفال الشوارع دور في ثورة 25 يناير (منذ لحظاتها الأولى وحتى تنحى حسني مبارك) قد يغفل عنه البعض، ولم يعطه الإعلام حقه بحكم تهميشهم في كل شيء، لكن من شارك في هذه الثورة ستظل مشاهد إصابة بعضهم خالدة في ذاكرته .. أطفال في عمر الزهور لم ينعموا بخيرات هذا البلد إلا بشاش طبي التف حول إصاباتهم لتضميد جراح وإصابات تعرضوا لها جراء عنف موالين للرئيس المخلوع أو الشرطة، وذلك لاعتراضهم على التهميش. عقب الثورة ومع تقلد المجلس العسكري لزمام الأمور في البلاد، لم يطرأ أي جديد على حياة التهميش التي يعيشها أطفال الشوارع حتى أن بعضهم اتجه إلى بيع دمه من أجل حفنة جنيهات للحصول على لقمة عيش تساعده على مواصلة الحياة، في حين ضعف بعضهم أمام عروض المشاركة في بعض الأحداث الأخيرة وإحداث فوضى وتخريب نظير مقابل مادي، حيث أعلن المجلس القومي لحقوق الإنسان خلال تقرير لجان تقصي الحقائق حول أحداث "الاتحادية" الأخيرة أنه تجاز 114 طفلاً في هذه الأحداث في السجون، من بينهم طفل مصاب بالسرطان. فقد تبين أنه تم إلقاء القبض على 481 طفلاً منذ أحداث محمد محمود الأولى في نوفمبر 2011 حتى أحداث الاتحادية الأخيرة بواقع 73 طفلاً في أحداث مجلس الوزراء, و61 في الداخلية, و137 في أحداث السفارة الأمريكية, و173 في محمد محمود الثانية, وتم القبض على 11 طفلاً في أحداث العباسية, أما في الأحداث الاتحادية الأخيرة فقبض على 11 طفلاً. أن استغلال البعض لأطفال الشوارع في تأجيج العنف عقب ثورة 25 يناير أمر متوقع بعد إهمال الدولة خلال السنوات الماضية للمناطق العشوائية التي تحتضن أغلبية هؤلاء الأطفال. للان عدم تردد أطفال الشوارع في الاستجابة لدعوات استئجارهم في أعمال العنف التي تشهدها مصر من حين على آخر إلى عدم وجود مأوى لهم سواء لأنهم أيتام أو لطردهم من بيوتهم نتيجة خلافات عائلية. أن تهميش أطفال الشوارع جعل بعضهم يعترف أمام وسائل الإعلام بهتك عرضه وهو ما لم يكن يحدث خلال العقود السابقة كمحاول إلى لفت الانتباه ونقل معاناته بعد تهميشه لسنوات، مشيرة إلى أنه يقول للمجتمع عبر هذه الاعترافات "أنا موجود" لتسليط المزيد من الضوء عليه. ويجب أن يتم إلحاق أطفال الشوارع بمعسكرات اجتماعية لعلاجهم ثقافياً ودينياً ونفسياً واجتماعياً، ووضع برنامج تربوي مدروس لهم يعمل على تعليمهم وإلحاقهم بالعمل حتى يكونوا بمنأى عن إغرائهم بالمال للقيام بأعمال تخريب أو سرقة. لابد من الرجوع إلى العوامل التي تنتج عنها خروج الأطفال إلى الشوارع لمعالجتها وفي مقدمتها تحسين الوضع الاقتصادي للأسر الفقيرة التي تهمل أطفالها بل وتدفعهم إلى الشارع وهم في عمر الزهور لكسب المزيد من المال بأي وسيلة كائناً ما كانت. وفي بعض المناطق يواجه معظم هؤلاء العمال بعض أشكال العنف أو الاساءة. وتقول ان العاملين بالمنازل والصغار الذين يشتغلون في قطاع الاقتصاد غير الرسمي والاشكال الحديثة للرق والذين يعملون في أشغال خطرة مثل التعدين والعمل في الزراعات هم الاكثر تعرضا للمخاطر.

--
الدكتور عادل عامر
دكتوراه في القانون وخبير في القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية وعضو بالمعهد العربي الاوربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بجامعة الدول العربية
01002884967

موضوعات متعلقة