أوديسا والقرم.. لماذا ارتكزت نيران الحرب الأوكرانية بالجنوب؟

قصفت القوات الروسية مجددا لليوم السادس على التوالي مدينة أوديسا الأوكرانية الساحلية بأكثر من 19 صاروخا من البر والجو والبحر قبل ساعات من اجتماع بين الرئيسين الروسي، فلاديمير بوتين، والبيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو وجاء القصف الروسي العنيف ووصفه الجانب الأوكراني بالذريعة من أجل تدمير البنية التحتية ومخزون كييف من الحبوب، بينما يرى الجانب الروسي أن الاستهداف جاء ردا على الهجمات الأخيرة ضد شبة جزيرة القرم.
ارتكز تصعيد نيران الحرب خلال الأسبوع الماضي وحتى الآن في شبة جزيرة القرم التي ضمتها روسيا عام 2014 وفي مدينة أوديسا جنوبي أوكرانيا. فعلى الجانب الروسي يقول فوروجتسوف ستاريكوف الباحث في مؤسسة "فولسك" العسكرية الروسية، إن مقاطعة أوديسا هي أهم المنافذ البحرية لأوكرانيا على البحر الأسود، وخروج هذا المنفذ البحري من العمل سيؤدي إلى خنق أوكرانيا تقريباً؛ فهي لن تتمكن بعد ذلك من استقبال أو إرسال أي بضائع عبره، فالنقل عبر الطرق البرية سيكون أكثر صعوبة وأعلى كلفة.
ويوجد في مقاطعة أوديسا 3 مرافئ بحرية على البحر الأسود، وهي: يوجني، أوديسا، تشيرنومورسك، إضافة إلى مقاطعة أوديسا يوجد في مقاطعة نيكولاييف مرفأين نهريين على نهر بوك الجنوبي الذي يصب في البحر الأسود، وهما: نيكولاييف، أولفيا.
في هاتين المقاطعتين تكثر الأنهار والروافد المرتبطة بها، لذلك تكثر الجسور التي تربط المناطق المختلفة من المقاطعتين. لذلك نلاحظ أن القصف الروسي الانتقامي تركز على هذه البنى التحتية الهامة.
فعلى سبيل المثال يصل جسرا زاتوكا وماياكي، الواقعان على خليج دنيستروفسكي ليمان الأجزاء الجنوبية المحاذية لملدافيا مع باقي أجزاء المقاطعة؛ ولقد دمرت روسيا هذين الجسرين الحيويين.
وعلى الجانب الأوكراني، قامت كييف بتنفيذ هجوميين خلال أسبوع على شبة جزيرة القرم وجسر كيرتش الحيوي، وهنا يقول فاديم أريستوفيتش الأكاديمي في الشئون الدولية بجامعة تافريسكي الأوكرانية، إن الهجوم على القرم جزء من استراتيجية الهجوم المضاد الأخير، ومحاولة أيضًا لتقليل الضغط الروسي على باقي جبهات القتال و أن جميع الهجمات الروسية على مدار ما يقرب من أسبوع ارتكزت جميعها في أجزاء من الجبهة الجنوبية وبالأخص الساحلية، ما يؤكد أن موسكو تريد بأي ثمن إيقاف هجمات كييف على القرم.
و أن أوديسا ونيكولاييف والمياه الإقليمية الأوكرانية المحيطة بهما تحولت إلى ساحة حرب (حمراء)، وقد تقوم روسيا بتطوير هجومها نحو هاتين المقاطعتين وصولاً إلى ضمهما، ولقد تنبأنا دائماً بهذه الخطوة لأنها ستمكن روسيا من عزل أوكرانيا عن البحر الأسود كلياً من جهة، وسيمكنها من إعادة ضم جمهوريتي ترانسنيستريا وغاغاوزيا الملدافيتين.، على حد قوله. استمرار استهداف روسيا لمدينة أوديسا وتدمير الموانئ هناك ومخازن الحبوب لكي تغط على الغرب لرفع العقوبات عن الأسمدة الروسية.
أكد أن أوكرانيا تحت غطاء اتفاق الحبوب أخفت الكثير من الصناعات العسكرية المرتبطة بالمسيرات البحرية والهوائية، كما أنه يوجد خبراء أجانب فيها يعملون على توجيه هذه المسيرات وفي أوديسا ونيكولاييف يوجد أيضاً العديد من المنشآت العسكرية المرتبطة بالحرب الإلكترونية وغرف العمليات ومستودعات الذخيرة والسلاح ومراكز التدريب والصيانة. تؤكد بعض المصادر أن القيادة الأوكرانية سارعت إلى إخراج المعدات العسكرية من مستودعات مقاطعة أوديسا، فهذه المنشآت لم تقصفها روسيا سابقاً التزاماً باتفاق الحبوب؛ أما الآن فلقد تحولت إلى هدف مشروع لها".