الخميس 28 مارس 2024 02:45 مـ 18 رمضان 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

تقارير ومتابعات

السيسي في قطر.. الدهشة تسيطر على ”الإخوان” وأحلام المصالحة تتبخر

حزن شديد يخيم على عناصر جماعة الإخوان الإرهابية بكل أجنحتها، منذ قبول الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الدعوة لزيارة الدوحة، ووصوله إليها أمس الثلاثاء.

ويترقب الإخوان نتائج الزيارة بمزيد من القلق والخوف؛ فالتنظيم الذي حارب الشعب المصري ومول عمليات إرهابية استهدفت بالأساس استقرار الدولة، يمر الآن بمرحلة عدم اتزان، وسط تبخر أحلام المصالحة، والدهشة من الوضع الجديد.

فخلال الأعوام الأخيرة تلقت الجماعة العديد من الهزائم المريرة والصادمة، بدأت بانصراف الشارع العربي عنها، ثم توالت الهزائم والخروج من دوائر الحكم وأخيراً فقدوا الملاذات الآمنة التي منحتها لهم بعض الدول الإقليمية وتلاحقت عليهم الاتهامات.

زيارة السيسي إلى قطر تبدد كل مجهودات الإخوان لاستمرار الخلاف بين الأشقاء العرب، الذين سعت الجماعة من بداية 2011 وحتى اليوم في خلق الخلافات بينهم، فأجواء المشاحنات والملاسنات وقطع العلاقات هي المناسبة والمفضله لديهم، لذا حرصوا على استمرار أي خلاف عربي-عربي، ويعملون على منع أي تقارب أو توافق بين الأشقاء العرب بكل إمكانياتهم.الزيارة هي الأولى للرئيس المصري منذ توليه السلطة عام 2014، وتأتي بعد نحو 3 شهور من زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى القاهرة، في يونيو الماضي.

وكان السيسي قد تلقى دعوة من أمير قطر لزيارة الدوحة، سلمها له وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، خلال استقباله له في قصر الاتحادية بالقاهرة، وتهدف إلى تسريع وتيرة إعادة تطبيع العلاقات بين البلدين بعد سنوات من القطيعة، وسوف تشهد مباحثات رفيعة المستوى بين الرئيس المصري والأمير القطري، خاصةً فيما يتعلق بالأوضاع السياسية الإقليمية وتطورات الأوضاع في الإقليم والعالم، فضلا عن توقيع اتفاقيات اقتصادية بين البلدين.

لهذا بدا الانزعاج والخوف على عناصر الجماعة، التي تجاهلت أن ثمة تقاربا قادما بين قطر ومصر، خوفاً من تغير موقف الدوحة من الجماعة بعد التطورات التى تشهدها المنطقة، وخوفاً من تكرار ما حدث لهم في تركيا بعد تقارب أنقرة والقاهرة.

فقد قامت السلطات التركية بتقليص المساحة الممنوحة للجماعة وإعطائهم فرصة لتوفيق أوضاعهم وأغلقت العديد من المنصات الإعلامية الإخوانية التي كانت تهاجم الدولة المصرية من هناك.

وحول تأثير الزيارة وتوابعها على تنظيم جماعة الإخوان الإرهابية، استطلعت "العين الإخبارية" العديد من آراء الخبراء، وحملت أربعة أسئلة هي: ما تأثير الزيارة على جماعة الإخوان؟ وما سر الصمت المريب تجاه الزيارة؟ هل يمكن أن تشمل المباحثات بين البلدين ملف الإخوان؟ وأخيراً؛ ما حقيقة دعاوى المصالحة؟.

مستقبل الجماعة على المحك

فيما يخص تأثير الزيارة على تنظيم جماعة الإخوان، يرى الدكتور محمد ربيع الديهي الكاتب والباحث في السياسة الدولية في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن الزيارة لها أهمية كبيرة على مستقبل المنطقة، وبالتأكيد سيكون لها تأثير على الإخوان كجماعة وتنظيم.

ويرى الديهي أن التقارب المصري-القطري سيضعف الجماعة وتمويلها ويقلص منابرها، فلم تعد الأجواء تحتاج إلى خطاب الإخوان التحريضي، والذي كانت توظفه بعض القوى الإقليمية للضغط على مصر، بل على العكس تيقنت الدول العربية من سلامة موقف مصر وحرصها على استقرار الأوضاع في كل البلاد العربية، لم يعد هناك حاجة إلى الإخوان سواء للعمل كفزاعة أو كمعول هدم.

رفع الحماية

ويتفق معه الأستاذ منير أديب حول تأثير الزيارة سلبًا على الإخوان، ففي تصريح له لـ"العين الإخبارية"، أكد الكاتب والباحث في الإسلام السياسي، أن خوف الإخوان بدأ عندما زار الشيخ تميم بن حمد آل ثاني القاهرة، ولن تنتهي بزيارة الرئيس السيسي للدوحة، فأمام الإخوان مرحلة صعبة جداً.

وبرأي أديب فإن التقارب بين القاهرة والدوحة، يعني تأكيد شرعية الرئيس السيسي، وانتفاء دعاوى الإخوان التي ترتكز على ادعاء أن ما حدث في 30 يونيو 2013 هو انقلاب عسكري.

الإخوان الآن -يقول الباحث في الإسلام السياسي- لا يخشون فقط أن يتقلص دور المنافذ الإعلامية التابعة لهم، بل مخاوفهم من أن ترفع الدوحة حمايتها عن قياداتهم الهاربة هناك، وأن تكرر ما فعلته منذ عدة أشهر وتطالب بعض قيادات الجماعة بمغادرة أراضيها.

النهاية الحتمية

بينما يؤكد طارق البشبيشي القيادي السابق في الإخوان والكاتب والباحث في الإسلام السياسي، أن الزيارة الحالية تتجاوز ملف الإخوان بكثير، وستتأثر الجماعة بهذه الزيارة عبر المزيد من المشكلات الداخلية والاتهامات المتبادلة.

موضحا أن هذه الزيارة وما سبقها من ترتيبات تعني فشل الإخوان في مهمتم الأولى وهي تهديد الدولة والشعب المصري، وبالتالي ستحاول كل جبهة من جبهات الإخوان إلقاء اللوم على الأخرى.

وحول سر صمت الإخوان وتجاهل الزيارة، يرى الديهي أن ذلك ليس صمتاً بقدر ما هو ترقب مشوب بالخوف والحذر، فهم يدركون جيداً، أن هناك متغيرات جذرية في التعامل مع الاستثمار في مجال الطاقة التى تسعي القاهرة لتكون مركزًا إقليميًا لها على مستوى الشرق الأوسط.

ويوضح الديهي أنه في الفترة الأخيرة بدأت قطر في دعم عمليات الاستثمار في مصر، وفتح مجالات الاستثمار مع الجانب المصري بصورة مكثفة؛ هذه الملفات لن تضحي بها قطر من أجل تنظيم ملوث بالدماء، وبالتالي هم ينتظرون ما ستسفر عنه نتائج الزيارة ومن ثم يبنون عليها موقفهم الإعلامي.

صمت اضطراري

أما أديب فيرى أن صمت الإخوان نابع من عدم قدرتهم على مهاجمة دولة قطر بسبب تخليهم عنها بسبب المصالح المالية، موضحًا أن ثمة خوفاً إخوانياً من تهكم عناصر الجماعة ضدهم، بعدما تأكد للجميع خطأ الرهانات وأن توظيفهم في عالم السياسة لم يكن إيماناً بأفكارهم، بقدر ما هو تأجير قدراتهم التنظيمية على الهدم والإعاقة.

ويذهب البشبيشي مذهبًا مختلفا في تفسيره لصمت الإخوان، إذ يؤكد "أن الجماعة الآن تدرس طبيعة الخطاب القادم والتبريرات التي سيقدمونها للصف الإخواني، بعدم التقارب القطري المصري الذي سيضاعف الاستثمارات القطرية بمصر ويزيد من قيمة التبادل التجاري بين البلدين وهو إنجاز يحسب للقيادة المصرية بحسب تأكيده، مؤكدا أن الدولة المصرية نجحت في وقف خطر الإخوان وتجفيف منابع التمويل، وتحييد الدول الحاضنة للجماعة، بل وضمها إلى صفها اقتصاديا.

ليسوا على الطاولة

وحول ما إذا كان ملف "الإخوان" مطروحا على طاولة المباحثات بين الزعيمين، يؤكد الديهي أن هذا الأمر يتناقض مع طبيعة الوفد رفيع المستوى المصاحب للرئيس السيسي، مشيرا إلى أن قضايا الإخوان يمكن أن تنافش على مستوى التعاون الأمني بين البلدين.

وأكد أن القمة المصرية-القطرية ستناقش القضايا العربية ذات الأهمية الكبري، مثل: الاستعداد للقمة العربية التي ستعقد في بداية نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل بالجزائر، وهناك تنسيقات من المرجح أن القاهرة تقودها، وتصورات تضعها حول الأزمة الليبية والأزمة السورية وكذلك في اليمن، أو أعمال الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، والتي تتزامن مع جملة من التطورات الدولية والعربية المتسارعة.

في السياق ذاته، لا يتوقع منير أديب أن يحظى ملف الإخوان بأي اهتمام من الطرفين، وإن كان يشير إلى أن ثمة احتمالا لمناقشة السماح لبعض القنوات القطرية بالعودة للعمل في القاهرة مع الوعد بتغيير خطابهم الإعلامي وعدم التحريض على الدولة المصرية مرة أخرى.

ويتفق البشبيشي مع أديب والديهي في أن ملف الإخوان لن يكون على طاولة المباحثات بين الطرفين، متوقعا أن يكون "الملف الليبي في أولوية المباحثات"، قائلا "بعد الزيارات المتتالية لأطياف مختلفة من القوى السياسية الليبية إلى الدوحة والقاهرة، من المؤكد سيسعى الطرفان لتهدئة الأوضاع في ليبيا بعد أن تصاعدت بين القوى المتناحرة هناك".

"المصالحة".. ذهبت مع الريح!

وحول الشائعات الإخوانية بأن مصالحة ما ستتم مع النظام المصري، يرفض الديهي تماما أن يكون باب التصالح مع الإخوان مفتوحا في ملف السياسة، فهي حسب تصريحه ليس فيها عداء دائم ولا سلام أبدي، ولكن مصالح مشتركة ومتبادلة، مؤكدا أن ملف المصالحة يحكمه الرفض الشعبي المتجذر في نفوس المصريين، لأن الدماء التي سالت في كافة أنحاء مصر بدءا من سيناء وغيرها من الأراضي المصرية وتفجيرات التي شهدتها مصر عقب ثورة 30 يونيه/حزيران" 2013 لن يتسامح فيها المصريون.

لذلك يضيف الديهي فإن أي عمليه تفاوض أو نقاشات مع هذه الجماعة ستكون بحسب رؤيته، مشروطة بتسليم كل من تلوثت يدهم بدماء المصريين لمحاكمتهم أمام القضاء المصري

منير أديب من جانبه يرى أن "المصالحة وهم كبير نشره الإخوان لوضع النظام المصري في حرج، لكن الواقع وممارسات أجهزة الدولة المصرية واتجاهات القادة السياسين لا تقبل التصالح ولا التسامح مع تنظيم إرهابي تآمر على إسقاط الدولة، وعرض أمنها وأمن شعبها للخطر وتلوث أيديهم بالدماء".

هذا نفسه ما يؤكده البشبيشي، الذي يقول إن ملف المصالحة "ذهب مع الريح" نظراً لتراجع تأثير الإخوان في الشارع المصري، وتحول سياسات الدوحة من توظيف الجماعة لإعاقة الدولة المصرية، إلى دعم الدولة المصرية ومشروعاتها الاقتصادية.