وول ستريت جورنال: نقص إمدادات الغاز الروسي يهدد أكبر مصنع للكيماويات في العالم

• اختناق إنتاج الأمونيا من شركة "بي إيه إس إف" (BASF) الألمانية، والتي تعد مكونًا رئيسًا في صناعة الأسمدة، قد يؤدي إلى تفاقم أزمة الغذاء المتنامية في العالم
• ما تزال الشركة تسعى وسط تحدياتها الأوروبية للبحث عن بدائل للإمدادات الروسية، حيثُ تتطلع الشركة بشكل متزايد إلى الصين
سلطت صحيفة "وول ستريت جورنال" الضوء على احتمالات توقف الإنتاج في أكبر مصنع كيماويات في العالم في مدينة "لودفيجشافن" الألمانية نتيجة نقص إمدادات الغاز الروسي.
وأوضح تقرير نشرته الصحيفة أن شركة "بي إيه إس إف" (BASF)-وهي شركة ألمانية متعددة الجنسيات وأكبر منتج للكيماويات في العالم- تواجه احتمالات توقف الإنتاج في الفترة الأخيرة نتيجة نقص إمدادات الغاز الروسي؛ حيثُ تقوم الشركة ببناء نماذج أعمالها اعتمادًا على الغاز الطبيعي الروسي، والذي تستخدمه لتوليد الطاقة، وتستخدمه أيضًا كمواد أولية للمنتجات الأساسية التي تنتجها الشركة.
في هذا الإطار، فقد أثبت أن تضاؤل إمدادات الغاز الروسي تهديدًا لمركز التصنيع الضخم للشركة هنا بوصفها أكبر مجمع كيميائي متكامل في العالم يضم حوالي 200 مصنع، ويرجع هذا الاضطراب بالشركة نتيجة إعلان الجانب الروسي في وقت سابق من يونيو الجاري تقليص إمدادات الغاز لألمانيا ودول أوروبية أخرى.
في المقابل، وردًا على الإجراءات الروسية بتقليص الإمدادات، قام المسؤولون التنفيذيون في الشركة بالتأهب لاحتمالات نقص الإمدادات بصورة أكبر ومن ثمّ احتمالات إغلاق المجمع إذا انخفضت إمدادات الغاز أكثر من ذلك، وهو ما لم يكن من الممكن تصوره قبل بضعة أشهر فقط.
كما يعد نقص الإمدادات ليس فقط تهديدًا للشركة ولا لموظفيها البالغ عددهم 39 ألف موظف في ألمانيا، إلا أن إغلاق الشركة سيكون له صدى بعيدًا عن القطاع، مما يهدد الاقتصاد الأوروبي بأكمله في وقت يتسم بارتفاع معدلات التضخم وتباطؤ معدلات النمو الاقتصادي، وبحسب عدد من المحللين، فإن اختناق إنتاج الأمونيا من شركة "بي إيه إس إف" (BASF) الألمانية، والتي تعد مكونًا رئيسًا في صناعة الأسمدة، قد يؤدي إلى تفاقم أزمة الغذاء المتنامية في العالم.
تجدر الإشارة إلى أن اعتماد ألمانيا على الغاز الروسي قد تضاعف بعد تحرك الحكومات الألمانية المتعاقبة لإغلاق آخر محطات الطاقة النووية في البلاد والتخلص التدريجي من الفحم كمصدر للطاقة، تاركة الغاز والطاقات المتجددة فقط كبدائل، كما تستخدم العديد من المنازل في ألمانيا الغاز الطبيعي لأغراض التدفئة، وتعد ألمانيا موطنًا لأكبر قطاع تصنيع في أوروبا، وأكبر مستهلك للوقود في القارة.
واستجابةً لأزمة نقص إمدادات الغاز الروسي، أطلقت الحكومة الألمانية مرحلة "الإنذار" الثانية من خطتها للطوارئ للغاز ذات المستويات الثلاثة، وجاءت هذه الخطوة بعد تخفيض روسيا الإمدادات إلى ألمانيا عبر خط أنابيب "نورد ستريم" إلى 40% من طاقتها.
ومن جانبها، تزعم "موسكو" أن تخفيض الإمدادات جاء نتيجة وجود مشكلات فنية ناجمة عن العقوبات الغربية ضد روسيا، في حين يصفه المسؤولون الألمان بأنه هجومًا اقتصاديًّا على ألمانيا، خاصةً وأن ألمانيا تتلقى حاليًا حوالي 35% من وارداتها من الغاز من روسيا، مقارنة بنحو 55% قبل حرب أوكرانيا.
وفي الختام، ما تزال الشركة -وسط تحدياتها الأوروبية- تسعى للبحث عن بدائل للإمدادات الروسية، حيثُ تتطلع الشركة بشكل متزايد إلى الصين، وهي تقوم بالفعل ببناء موقع إنتاج بقيمة 10 مليارات دولار في منطقة "تشانجيانغ" جنوب الصين، حيث تعد الصين أكبر وأسرع سوق للمواد الكيمياوية نموًا في العالم.