محمد حبيب يكتب: عن المائة يوم

في خطابه الذي ألقاه في إستاد القاهرة يوم السبت الماضي بمناسبة الذكري 39 لانتصارات حرب اكتوبر 1973 المجيدة، تناول الرئيس مرسي ما سبق ان وعد به الشعب المصري بحل خمس مشكلات هي الأمن والمرور والوقود والخبز والنظافة، خلال مائة يوم، وذلك حال فوزه بمنصب الرئاسة..وقد تناول ايضا قضايا اخري، لها اهميتها وحساسيتها الخاصة..وقد اتسم الخطاب بشكل عام بالصراحة والشفافية والوضوح والشمول، اذ لم يترك مشكلة من المشكلات الخمس الا وتطرق اليها..وقد ذكر في الخطاب أرقاما ونسبا، قد نتفق او نختلف حولها..واللافت للنظر انه لم يكن هناك تحديد واضح حول المستهدف من كل مشكلة بشكل عام، والمستهدف من عناصر كل مشكلة بشكل خاص، حتي يكون التقويم دقيقا.يقول الدكتور مرسي ان الأمن تحقق بنسبة 70% ، فهل قصد بذلك الأمن بشكل عام؟ ام قصد به عنصرا ما داخل منظومة المشكلة الأمنية؟ علي سبيل المثال لم يتناول الخطاب مسألة البلطجة والعنف والاعتداءات التي تتم علي الأطباء وهم يؤدون عملهم داخل المستشفيات، في الوقت الذي نجد غيابا كاملا من الأجهزة الأمنية..أيضاً التحرش بالفتيات والنساء في الميادين العامة والشوارع الرئيسية..يجري ذلك تحت سمع وبصر رجال الأمن، ولا حياة لمن تنادي، وكأن الامر لا يعنيهم..كذلك عودة القمع والبطش والتنكيل في اقسام الشرطة، بل والتعذيب حتي الموت..صحيح اننا نريد آمنا، لكننا لا نريد قمعا..لا نريد العودة الي الماضي، وكأنه لم تكن هناك ثورة ولا شهداء ولا ضحايا..يقول الدكتور مرسي ان ما تم من إنجاز في مشكلة المرور يصل الي 60%..وانه تم تحرير اكثر من مليون وخمسمائة الف مخالفة مرورية خلال شهرين..حسنا، لكن لازال الارتباك قائما والفوضي ضاربة..وربما تكون نسبة الإنجاز اقل من ذلك بكثير..يقول الدكتور مرسي انه تحقق 80% من ملف رغيف الخبز، وان دعمه يصل الي 61 مليار جنيها..اعتقد انه فيما يخص رغيف الخبز البلدي الرخيص الذي يهم غالبية الشعب المصري، لازال يعاني من أزمة، فالزحام شديد علي الأفران واكشاك التوزيع..يقول الدكتور مرسي انه تم توفير 85%من احتياجات البوتجاز، وانه ماض في سد نسبة العجز الباقية (15%)..أظن ان هذه النسبة مبالغ فيها للغاية، وليس ادل علي ذلك من ارتفاع ثمن الأنبوبة التي وصلت إلي 50 جنيها في محافظات كثيرة، و100 جنيه في محافظة سوهاج..يقول أيضاً انه تم ضبط 32 مليون لتر بنزين وسولار خلال شهري اغسطس وسبتمبر..رغم هذا فان مشكل السولار لا تجد حلا..كذلك مشكلة البنزين 92، تظهر ثم تختفي..ثم ان عدم اتخاذ موقف واضح ومحدد في ما يتعلق بدعم الوقود، وضرورة ان يصل الدعم الي مستحقيه فعلا يمثل احد اهم اسباب المشكلة.يقول الدكتور مرسي ان ما تحقق في ملف النظافة يصل الي 40%، وانا اعتقد ان هذه النسبة مبالغ فيها كثيرا، فضلا عن ان الامور عادت الي ما كانت عليه..وغني عن البيان ان ايجاد وطن نظيف اعم واشمل بكثير من مسألة القمامة، ناهينا عن ان عملية النظافة ذاتها عملية شاملة ومتكاملة ومستمرة.كنت اتمني ان ينتهز الدكتور مرسي هذه المناسبة، مناسبة ذكري انتصارات اكتوبر، لكي يدلي بدلوه حول مشروع النهضة الذي أثير حوله كلام كثير، وان يوضح طريقة السير فيه، وما هي المعوقات التي تعترض طريق المشروع، وكيف السبيل الي التغلب عليها، وما هي المراحل التي يتطلبها ذلك..وهكذا..لكن الإنصاف نقول ان الخطاب كان شعبيا وأرضي في ما أتصور قطاعا عريضا، وهذا مطلوب.