آراء متباينة في تونس إزاء قرار تدريس اللغة التركية

يتساءل خبراء في تونس عن الأسباب التي دفعت بوزارة التعليم إلى تدريس اللغة التركية بدءا من السنة المقبلة، هل هي نتاج علاقات سياسية خاصة بين حكومتي البلدين ذات المرجعية الإسلامية، أم نتيجة اختيارات معرفية وأكاديمية؟زار الرئيس التركي عبد الله غول في مارس الماضي معهد الصادقية، الذي ينتصب قبالة قصر القصبة مقر رئاسة الحكومة في تونس وعلى مرمى حجر من وزارة التربية، وأعلن وقتها عن الشروع في تدريس اللغة التركية بالمعهد الذي أسسه الوزير المصلح خير الدّين باشا في عهد محمد الصّادق باي سنة 1292 هـ / 1875 م وخصصه لنشر العلوم الصحيحة والّلغات الأجنبيّة، وكانت تونس إبانها خاضعة لحكم السلطنة العثمانية. وزيارة الرئيس التركي إلى المعهد الصادقي تحمل رمزية ودلالات كبيرة، فالمعهد الصادقي خرّج آلاف الشخصيات التي تقلدت مناصب عليا في الدولة العصرية التونسية.وإعلان عبد اللطيف عبيد، وزير التربية التونسي، مؤخرا الشروع في تدريس اللغة التركية بالمعاهد الثانوية بداية من العام الدراسي الجديد اعتبره كثيرون إعلان عودة الأتراك إلى التأثير في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية التونسية وإحياء لروح خير الدين باشا. وقد أكّد وزير التربية التونسية بمناسبة هذا الإعلان على أهمية التشجيع على دعم قدرات التلاميذ في تملك اللغات الأجنبية وانفتاح المنظومة التربوية على محيطها الخارجي.مكانة اللغات في نظام التعليموتحتل اللغات الأجنبية في تونس مكانة متميزة ضمن المناهج التربوية منذ الاستقلال. ويقول طارق الوصيف، مدير الحياة المدرسية للمرحلة الإعدادية والثانوية بوزارة التربية التونسية، إن النظام التربوي في تونس شهد إصلاحات عديدة منذ الاستقلال تغيرت أهدافها بتغيير المجتمع وتطور الاقتصاد. وشكلت اللغات أسس الاصلاحات المتعاقبة لنظام التعليم في تونس، عبر إدخال تعليم اللغات الأجنبية. ويقول طارق الوصيف إن 40 ألف تلميذ يدرسون اللغة الألمانية على سبيل المثال. ويختار دارسو اللغة الألمانية متابعة الدراسة في ألمانيا أو العمل في مئات المؤسسات الألمانية الناشطة في تونس أو في مجال السياحة كأدلاء سياحيين.ويؤكد حميدة الهادفي، مدير عام المرحلة الإعدادية والتعليم الثانوي بوزارة التربية التونسية، أنّ اختيار تدريس اللغة التركية بالمعاهد الثانوية تم من منطلق معرفي وعلمي فقط، أما الجانب السياسي فيؤكد أنه لم يكن مطروحا عند اختيار تدريس هذه اللغة الجديدة التي تضاف إلى عدة لغات أخرى. ويوضح أن التجربة محدودة لمدة سنتين وسيقع على إثرها تقييم مكتسبات التلاميذ.ويوافقه الرأي مدير الحياة المدرسية بالوزارة في أن إدارته قامت خلال السنة الدراسية الحالية باستبيان لدى تلاميذ السنة الثانية من المرحلة الثانوية في تونس الكبرى وبنزرت ونابل حول اللّغات التي يرغبون في دراستها كلغة اختيارية جديدة. ويبيّن طارق الوصيف أن 350 تلميذا عبّروا عن رغبتهم في تعلم اللغة التركية.