النهار
الإثنين 17 يونيو 2024 12:38 صـ 10 ذو الحجة 1445 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

عربي ودولي

الحكومة اللبنانية الجديدة في «مهمة الإنقاذ»

بعد عام من فراغ حكومى فى لبنان، أسهم فى تعميق أزمة اقتصادية غير مسبوقة، تسود حاليا حالة من الترقب بين أوساط اللبنانيين لخطة الحكومة الجديدة فى مواجهة الأزمة الاقتصادية الخانقة، وكيفية الخروج من هذا النفق لكسب ثقة مؤسسات التمويل الدولية مرة أخرى فى الاقتصاد اللبنانى، وذلك لفتح الباب أمام مساعدات خارجية، قد تساعد فى انتشال لبنان من أزمته الاقتصادية الطاحنة.

كانت الرئاسة اللبنانية، قد أعلنت تشكيل حكومة جديدة من شخصيات غير سياسية برئاسة نجيب ميقاتى، وذلك بعد عام من فراغ نتج عن انقسامات سياسية حادة، ولدت أزمة اقتصادية خانقة يتخبط فيها لبنان منذ عامين.

كان الأمين العام لمجلس الوزراء اللبنانى محمود مكية، قد أعلن من القصر الجمهورى اللبنانى فى بعبدا مرسوم تشكيل الحكومة برئاسة نجيب ميقاتى، التى تألفت من 24 شخصية، وصفت بأنها غير سياسية، بينهم سيدة واحدة، لكن عددا منهم معروفون بنجاحاتهم فى مجالات اقتصادية وطبية وثقافية وإعلامية.

وأوردت الرئاسة أن الرئيس ميشال عون وميقاتى وقعا مرسوم تشكيل الحكومة الجديدة، فى حضور رئيس مجلس النواب نبيه برى. وبين الوزراء الجدد مدير مستشفى رفيق الحريرى الحكومى فراس أبيض، الذى عرف بنجاحه فى التعامل مع أزمة كورونا، وقد عين وزيرا للصحة، وجورج قرداحى، الإعلامى المعروف الذى عين وزيرا للإعلام، والباحث المعروف ناصر ياسين.

وعلى الرغم من أن معظم الوزراء لا ينتمون إلى أى تيار سياسى علنا، لكن تمت تسميتهم من أحزاب وقادة سياسيين بارزين، مما يجعلهم محسوبين على هؤلاء.

وأدلى ميقاتى بعد الإعلان عن تشكيل الحكومة بكلمة من القصر الجمهورى، وصف فيها الوضع الحالى فى لبنان متحدثا عن أزمات الأدوية والكهرباء وغياب أفق المستقبل، ودعا الجميع إلى التعاون، مؤكدا أن الحكومة لا تريد الغرق فى التسييس.

وتواجه حكومة ميقاتى تحديات صعبة، من أجل أن تضع حدا لمعاناة اللبنانيين اليومية جراء تداعيات انهيار اقتصادى صنفه البنك الدولى من بين الأسوأ فى العالم منذ العام 1850، وتشير تقديرات البنك الدولى إلى أن الاقتصاد اللبنانى قد يستغرق 19 عاما للتعافى من الانهيار الذى أصابه خلال الفترة الأخيرة، كما أنه، وفقا لمنظمة اليونيسيف، فإن أكثر من 50% من اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر خاصة وقد بلغ معدل البطالة 40% كما انخفض الحد الأدنى للأجور من 450 دولارا شهريا إلى 35 دولارا، كما انخفضت الليرة أكثر من 90% من قيمتها أمام الدولار، الأمر الذى جعل المجتمع الدولى يشترط إجراء إصلاحات جذرية فى عدة مجالات فى مقابل دعمها ماليا.

وقد جاءت ولادة الحكومة اللبنانية الجديدة بعد أكثر من عام على استقالة حكومة حسان دياب، بعد أيام من انفجار مرفأ بيروت المروع فى أغسطس 2020، والذى أدى إلى مقتل أكثر من مائتى شخص وإصابة أكثر من 6500 بجروح، ودمر أحياء من العاصمة، مفاقما حدة الانهيار الاقتصادى.

جدير بالذكر أن حكومة نجيب ميقاتى لاقت ترحيبا دوليا وعربيا، ودعا عدد من الدول فى مقدمتها الولايات المتحدة وفرنسا الحكومة الجديدة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لإصلاح الاقتصاد اللبنانى المنهك، واتخاذ تدابير طارئة ينتظرها اللبنانيون بفارغ الصبر، كما أعلنت بريطانيا أنها ستدعم لبنان، لكن بشرط إجراء تحرك ملموس وإصلاحات اقتصادية عاجلة.

ويقع على عاتق الحكومة الجديدة التوصل سريعا إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولى كخطوة أولى لإخراج لبنان من أزمته التى تتسم بنقص السيولة وبأزمات حادة فى الوقود والكهرباء، تنعكس على كل جوانب الحياة، كما عليها الإعداد للانتخابات البرلمانية المحددة فى مايو، التى يحرص المجتمع الدولى على إتمامها فى مواعيدها، ومنذ أكثر من عام، ربط المجتمع الدولى تقديمه أى دعم مالى للبنان بتشكيل حكومة من اختصاصيين تنكب على إجراء إصلاحات جذرية، واكتفى فى الانتظار بتقديم مساعدات إنسانية عاجلة، من دون المرور بالمؤسسات الرسمية.

وقد علق كل من الرئيس اللبنانى ميشال عون وزعيم تيار المستقبل سعد الحريرى على تشكيل الحكومة الجديدة فى البلاد برئاسة نجيب ميقاتى بعد فراغ دستورى زاد على العام، ترافق مع أزمات طاحنة تشهدها البلاد، وأعلن ميشيل عون أن الحكومة الجديدة أحسن ما توصلنا إليه، وتابع: وصلنا إلى نتيجة وتألفت الحكومة، وسنبدأ بحل المشاكل الأساسية من بنزين ومازوت وخبز.

وقال لقد ورثنا الأزمات نتيجة الحكم السيىء منذ 30 سنة، إضافة إلى مصائب الفقر والدين والإضرابات والكورونا وانفجار المرفأ، مضيفا: لم أخذ الثلث المعطل، وكان الأمر حربا سياسية وما كان يجب أن نأخذه والمهم أن نتوافق فى العمل، وبدوره كتب سعد الحريرى على حسابه الرسمى بموقع تويتر: أخيرا وبعد 12 شهرا من الفراغ بات لبلدنا حكومة، كل الدعم لدولة الرئيس ميقاتى فى المهمة الحيوية لوقف الانهيار وإطلاق الإصلاحات.

وعلى صعيد آخر، فإن تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادى والاجتماعى لغرب آسيا، يرصد أن اللبنانيين يتعرضون لفقر متعدد الأبعاد، يشمل الحرمان من الخدمات الصحية والتعليم والعمل والمسكن والأصول والممتلكات، والسؤال المطروح الآن: كيف ستدير حكومة ميقاتى أزمات البلاد المتعددة؟ وما أولوياتها القصوى؟ وهل ستتسم الحكومة بالفاعلية أم إنها ستظل رهينة لضغوط اللاعبين السياسيين داخليا وخارجيا؟