الأقباط يرفعون شعار نار الفلول ولا جنة الإخوان

ورغم إمتناع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر عن إعطاء أية تعليمات بالتصويت لأحد المرشحين، إلا أن هذا هو الشعار الذي رفعه الأقباط وقرروا عدم دعم أي مرشح ينتمي لتيار ديني، حتي ولو جاء الفلول، وفي ذات الوقت أدي إمتناع الكنيسة لنوع من الحيرة والإنقسام بين إختيار مرشح بين ثلاثة، وهو الفريق أحمد شفيق، والسيد عمرو موسي، وحمدين صباحي.وظهرت إتجاهات الأقباط وعكست هذه الصورة بشدة، في منطقة شبرا والساحل، حيث خرجت الكتلة التصويتية للأقباط والتي تمثل نسبة كبيرة من الكتلة التصويتة بهذا الحي العريق نسبتها 50% علي الأقل من إجمالي الناخبين، وكانت الطوابير طويلة أكثر من أي مكان أخر، لتقول كلمتها.كما أن الكتلة التصويتية للأقباط شكلت هاجسا مخيفا بعقل جماعة الإخوان التي سعت بانتخابات البرلمان للحصول علي تأييد هذه الكتلة بترشيح قبطي علي قوائمها في انتخابات مجلس الشعب في دائرة شبرا والساحل، ونجحت بالفعل في كسب جزء منها.الوضع إختلف بانتخابات الرئاسة، حيث قامت الجماعة خلال فترة الدعاية لمرشحها الدكتور محمد مرسي، بطواف شوارع شبرا وحواريها، مرددين هتافات يلا يا بطرس يالا يا مينا .. مشروع النهضة ليكوا ولينا، وذلك لمحاولة كسب أي أصوات، إلا أن جميع هذه المحاولات باءت بالفشل.وأظهرت الانتخابات من خلال رصد جريدة النهار للأصوات، والتحدث مع عدد من الناخبين، أن أصوات الأقباط إتجهت في المقام الأول وبقوة إلي الفريق أحمد شفيق، وتكاد تكون حصدت أكثر من 70% من أصوات الأقباط الذين صوتوا في الانتخابات، وهو ما إتفق مع ما أعلنه إتحاد أقباط مصر من دعمه لشفيق، ولاقي بالفعل قبولا واسعا لدي الأقباط.وجاء في المرتبة الثالثة عمرو موسي، بنسبة أقل من 10%، وظهر أن الأغلبية من الفئات العمرية ما فوق سن الخامسة والعشرين أدلت بصوتها لشفيق، ثم موسي، ثم جاء أخيرا حمدين صباحي، والذي كان مفاجأة الانتخابات والحصان الأسود لها، وتوجه له الشباب القبطي الثائر رافضا فكرة منح صوته إلي الفلول مهما كان الثمن إلا أن نسبته كانت نحو 20%، وهو الإتجاه الذي ضم فئات عمرية أقل من الخامسة والعشرين.عزت بولس، رئيس منظمة الأقباط متحدون، أكد أن الكتلة التصويتية المسيحية ذهبت بالفعل إلي شفيق أولا وموسي ثانيا، وأنه شخصيا يميل إلي إختيار شفيق، وأنه أدلي له بصوته بالفعل، معللا موقف الأقباط، بأن الدافع ليس لإختيار برنامج انتخابي لمرشح، لأن جميع المرشحين الـ13 لديهم برامج جيدة، بما فيهم التيار الإسلامي، وإنما تم الإختيار بناء علي فكر المرشح، وهويته، وكان التركيز في المقام الأول علي عدم إختيار مرشح يعود بمصر إلي العهود الماضية والعصور الوسطي، والتأكيد علي مدنية الدولة.وقال بولس إن الآراء التي تقول أن شفيق أو موسي هما (فلول)، فإن جماعة الإخوان المسلمين، ومرشحهم للرئاسة، هم (أكبر فلول) في مصر، فهم كانوا يعقدون الصفقات مع الدولة ومع النظام السابق ومع رموزه، في أقصي درجات ديكتاتوريته النظام، وكانوا يتقربون من رموز النظام، ويدلون بتصريحات بأنهم (رموز وطنية)، وكانوا يقوموا بدورهم الذي وضعه النظام السابق لهم علي أفضل وجه.وأضاف بالنسبة لموقف الأقباط تجاه الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح، فيأتي لأننا نريد رجلا شجاعا في المرحلة الحالية ذو فكر وإداري، وأن يعلن بشكل رسمي عن فكره ومرجعيته وطريقة إدارته للبلاد، أما أبو الفتوح فهو شخص (ملوش ملة)، فهو مرة سلفي ومرة إخواني ومرة قبطي ومرة يساري ومرة علماني ومرة ليبرالي، فهو شخص غير واضح.وحول عدم توافق الكتلة التصويتية المسيحية علي إختيار حمدين صباحي، قال بولس نحن لا نريد أن نخوض تجربة فاشلة جديدة، وهي التجربة الإشتراكية، والقومية العربية، والتي سبق وأن نادي بها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وفشل في تحقيقها، وهي صعبة التحقيق في الوقت الحالي إن لم تكن مستحيلة.وأرجع المفكر القبطي الدكتور كمال زاخر، منسق جبهة الأقباط العلمانيين، والتيار العلماني بالكنسية الأرثوذكسية، أسباب إتجاه الأقباط، إلي الخبرة الممتدة للأقباط مع التيارات الإسلامية، والرسائل المعلومة والعلنية التي كانت تبعثها للأقباط، والتي تحمل تهديدا مباشرا لهم، وإعتبارهم بأنهم درجة ثانية في الدولة، وناقصي للحقوق والمواطنة.وأضاف أن هذا الأمر هو ما دفع إلي البعد عن المرشحين الإسلاميين، وهو أمر به قدر كبير من الغباء السياسي، ولا يلام فيه الأقباط بل تلام فيه هذه التيارات التي أحدثت الفجوة والفارق بين أبناء الوطن.وقال زاخر أنه لم يحدث جديد من هذه التيارات الإسلامية بعد الثورة لعودة العلاقة لطبيعتها وكسب أصوات الأقباط، بل أن ما حدث هو إصرار علي المواقف وإعادة إنتاج النظام الإسلامي، وبالتالي وجد الأقباط ملاذا إلي اللجوء إلي الرموز المحسوبة علي النظام القديم، (كمن يستجير من الرمضاء بالنار)، أي كمن يلجأ إلي النار للهرب من شدة الحر.